لن تكون الأيام القادمة سهلة على الجميع... فالشباب الذين سنسلمهم اللواء لقيادة دفة هذا الوطن وإكمال المسيرة قاربوا الأربعين عاما وما زالوا بلا عمل ولا زواج، محبطون ويسهرون الليل وينامون النهار، ودورة الحياة لديهم متوقفة، ولا يجوز أن ننتظر، فهذا أمر خطير جدا على الأمنين الوطني (إنتحار وعنف وجريمة وسطو ومخدرات وتأخر سن زواج) والقومي (بكل بساطة مستقبل المملكة السياسي).
هنالك نصف مليون عاطل عن العمل، وهنالك مصانع تغلق ومولات تفتح، وهنالك شعب يستورد سنويا بما قيمته 8 مليار دينار وبالعملة الصعبة، بينما هنالك مستوردين يصنعون المليارات من هذا الواقع المؤلم. بنعمة الأمن والإستقرار السياسي وصبر الأردنيين على فقرهم فهنالك بنوك متخمة بالودائع وتحقق أرباحا طائلة، وهنالك شركات تحقق أرباحا سنوية بالمليارات، هنالك خارطة إستثمارية للمحافظات عليها جدوى إقتصادية لكل مشروع، بينما يعتبر تشغيل الشباب بحد ذاته إستثمار وصونا للأمنين الوطني والقومي، وحتى لو لم تحقق هذه المشاريع سوى كلفها التشغيلية، فمن فكر من المستوردين والبنوك وهذه الشركات وكبار التجار والمقاولين وغيرهم بفتح ملفات هذه الخارطة والتوجه لإسناد المحافظات ركيزة المملكة الأردنية الهاشمية بتشغيل شبابها. إن إنفجار قنبلة البطالة وثورة الجياع (سامحوني لقول ذلك) التي أقرأ تلميحاتها بمنشورات وتعليقات الغلابا والفقراء (وأنا قاريء جيد)، تهددان هذا الامن والسلم والإستقرار السياسي التي تشكل قاعدة رخاء، يسرح ويمرح بها من يجمعون الملايين والمليارات، في وقت لا ينظرون فيه ولا يستشعرون دورهم في إسناد بقاء وديمومة هذه القاعدة الداعمة لصناعة المليارات. هنالك مجلس نواب ولجان متخصصة ووزارات معنية وغرفة صناعة وتجارة، عليهم جميعا دراسة الصناعات والمنتجات الوطنية وجودتها وطاقة الإنتاج، والبدء بالحد من أية مستوردات تشابهها والتي لا تقع ضمن إتفاقيات تجارية دولية وذلك بزيادة القيمة الجمركية عليها... يجب تمكين صناعاتنا التي تشغل الآلاف وتعيل أسر وأفواه... لا أن ندعها تغلق ونفتح المولات التي تشغل الفلبينيات والبنغال، وهنا يمكن توجيه كبار التجار المستوردين لتشييد المصانع، بدلا من هدر طاقات وطنية وإغراق الأسواق بالمستوردات، والقتل البطيء للشباب نفسيا وجسديا وفكريا أمام بطالة وفقر وجوع.
ماذا وراء صناعة المليارات في الأردن وهل يستشرف الكبار القادم؟
مدار الساعة ـ