أخبار الأردن اقتصاديات دوليات مغاربيات خليجيات برلمانيات جامعات وفيات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مناسبات جاهات واعراس الموقف شهادة مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

العالم بات أكثر 'أماناً' بـ'فضل' غورباتشوف.. هل حقاً؟


محمد خروب
kharroub@jpf.com.jo

العالم بات أكثر 'أماناً' بـ'فضل' غورباتشوف.. هل حقاً؟

محمد خروب
محمد خروب
kharroub@jpf.com.jo
مدار الساعة (الرأي) ـ
وصف الرئيس الأميركي/بايدن في معرض نعيه آخر رئيس للاتحاد السوفياتي (غورباتشوف) بأنه «قائد نادر أسهمَ في جعل العالم أكثر أماناً», مُمتدحاً «الإصلاحات» التي قام بها, بما هي في نظر بايدن» تصرّفات قائد لديه من الخيال ما يكفي ليرى أن مستقبلاً مُختلفاً مُمكن, ولديه من الشجاعة ما يكفي للمخاطرة بمسيرته كلها لتحقيق ذلك».
ولعلّ العبارة الأخيرة في نعي بايدن حول المغامرة التي أخذها غورباتشوف على عاتقه بمسيرته الانتحارية, تؤشر من بين أمور أخرى إلى رهان الغرب الإمبريالي على «الشاب ابن» 54 الذي كان تصدّره المفاجئ وغير المُتوقّع مقدمة المشهد السوفياتي, وتخطيه كوكبة من «كبار» قادة الحزب الشيوعي بعد الموت المفاجئ والمُتلاحق لثلاثة زعماء, قيل في تبرير وفاتهم إنهم كبار السن ومرضى وهم بريجينيف ثم اندربوف وثالثهم تشيرنينكو, إلى أن تم تهيئة المسرح لوصول غورباتشوف, الذي امتدحه غورميكو واصفاً إياه «بالليث الذي تخفي ابتسامته قوة وشكيمة الأ?د», ما أثار المزيد من الشكوك في طبيعة ونوع المهمة التي انتدب لها هذا الشاب (الشيوعي) المغمور, ليصل إلى قمة هرم الحزب والدولة السوفياتية, وكان أن اعتلى سدّة الحكم في بلاد كانت سنوات حكم بريجينيف الكارثية, وبخاصّة قرار التدخل العسكري في أفغانستان, أمام مأزق خطير وكبير تمثل في مشكلات بنيوية عميقة, أثّرت بالطبع في موازين القوى داخل صفوف الحزب الشيوعي السوفياتي وجمهورياته الـ«15», ناهيك عن نجاح الغرب الاستعماري في استدراج موسكو إلى سباق تسلح, أرهقها وأوصلها إلى حال من المراوحة وانعدام القدرة على التوفيق بين احت?اجاتها الداخلية أو توفير الأموال لصالح التسلّح.من السذاجة تصديق كل ما بثته وكالات الأنباء الغربية من بيانات نعي وإشادة بآخر زعيم سوفياتي, رحل عن عالمنا بعد أن طواه النسيان ولم يعد يحفل به أحد في الغرب خصوصاً بعد أن روّج على صفحات مجلّاتهم لـ"البيتزاهت", ناهيك عن تدهور سمعته حتى لا نقول شعبيته حيث لا شعبية له داخل روسيا نفسها, بدليل النتائج الهزيلة بل الصفرية التي حصل عليها حزبه في انتخابات الدوما, وما تقوله الاستطلاعات عن رأي المواطنين الروس فيه شخصيّاً وبخاصّة سياساته التي أودت بالاتحاد السوفياتي وتفككه, إضافة بالطبع الى انهيار «حلف وارسو وتبدّد منظوم? الدول الاشتراكية».ان يصف بوريس جونسون الذي سيكون يوم الاثنين المقبل خارج مبنى 10 داوننغ ستريت، غورباتشوف بالزعيم الشجاع والنزيه، في الوقت ذاته الذي يقول ماكرون عنه إنه رجل سلام فيما يُسارع أمين عام الأمم المتحدة/غوتيريش للإعراب عن حزنه لوفاة «رجل دولة فريد.. غيّرَ مسار التاريخ».. يعني ان قادة الغرب يُغلقون «الحساب الأخير» مع الرجل, الذي نفَّذَ كل ما طلبوه بل أكثر مما حلموا به. على نحو دفع بواشنطن التي كان رئيسها (ريغان) يصف الاتحاد السوفياتي بأنه «إمبراطورية الشر» الى تسمية القرن الجديد/2000 بثقة.. إنه «قرن أميركي بامتياز».?فيما ذهب مُفكرو أميركا ونخبها السياسية والثقافية وخصوصاً العسكرية والاستخبارية إلى التبشير بنهاية التاريخ وصِدام الحضارات وغيرها من الهلوسات, التي تفتك بالأشخاص والمؤسسات التي لا تستطيع استيعاب حجم المفاجآت أو الانقلابات, غير المتوقعة في السياسة والاقتصاد. ما بالك بانتهاء الحرب الباردة دون دفع أي ثمن بما في ذلك وخصوصاً حصول «رجل السلام» وصاحب الخيال الواسع غورباتشوف على تعهّد أميركي «مكتوب» بعدم توسّع الناتو, إضافة إلى تعهّد مكتوب آخر بعدم الانسحاب من معاهدات الحد من الأسلحة النووية ونقصد معاهدة ستارت1.كان لافتاً ومثيراً أيضاً مُسارعة غورباتشوف إلى الاستقالة قبل أيام معدودات من انتهاء العام 1991, خاصّة بعد فشل الانقلاب العسكري في 18/8/1991 ما أثار المزيد من الشكوك حول الدور الذي لعبه غورباتشوف, في تدبير الانقلاب وفي تبرير الاستقالة التي أدّت الى انهيار الاتحاد السوفياتي. في مشهد غير مسبوق من الفوضى والانفلات الأمني والسطو على مؤسسات القطاع العام, ودائماً في اجتياح الاستخبارات الغربية وعلى رأسها الأميركية للإدارات الروسية خصوصاً, وباقي جمهوريات الاتحاد السوفياتي التي أعلنت «استقلالها», على نحو اعترف فيه ا?رئيس بوتين مؤخّراً بأن رجال CIA كانوا «يُداوِمون في الوزارات والمؤسسات الروسية الرسمية».في الخلاصة نبي البيريسترويكا المزيّف, منح الغرب الاستعماري فرصة تاريخية للهيمنة على العالم وفرض أجندته النيوليبرالية. أجندة مُتوحشة لا يمكن «تطبيقها» إلاّ بمزيد من الحروب والغزوات والانقلابات, والتي نرى آثارها ماثلة في بقاع عديدة من العالم وليس الحرب في أوكرانيا سوى إحدى تجلياتها, ناهيك عمّا حدث في معظم دولنا العربية من غزو واجتياحات وحروب داخلية وأُخرى بالوكالة.فأي عالم أكثر أماناً هذا الذي يُحدثنا عنه... سيد البيت الأبيض؟kharroub@jpf.com.jo
مدار الساعة (الرأي) ـ