أنها فتاة أردنية تشبهنا بالفقر والطيبة ، تشبهنا بالخجل والحياء ، تشبهنا نحن أبناء الحراثين الذين طلعوا للدنيا بعلا ، إعتمدوا على أنفسهم دون عكاكيز من الدولة، وإستندوا على كفاءتهم ليقاوموا كل شيء في الدنيا حتى ينتصروا ويبقوا على قيد الحياة.
نعتذر منكِ يا ابنتي ذكى ، تتفوقين بمعدل عال (٩٩) في خربوش العز ، تتوزعين بين رعاية الغنم وبين كتب المدرسة ، وتحلمين بالجامعة وبدراسة الطب ، ولكن يا ذكى من قال أن الفقر عيب ، وإنما العيب على هؤلاء الذين تخلوا عنك وعن حلمك وعن مباركتك .ذنب ذكى أنها تفوقت ولا تعرف للواسطة باب ، ذنبها أن مشاهير " الشاورما " لا يعرفونها ، ولم تتباكى على السوشيل ميديا .. ذنب ذكى أنها لم تدرس في المدارس الخاصة وإلا لتاجروا بمعدلها العالي وعلقوا صورها على أعمدة الكهرباء ومداخل الجسور … ذنب ذكى أنها لم تحضر ورشات تمكين المرأة ، لو كانت منهنّ لتسابقن عليها النسويات وجعلوها ترندا على تويتر.ذنبك أنّك لست من عمان ، أنت ابنة سامتا والمشيرفة ، ابنة القرى المنسية التي يجب أن لا يرتفع سقف طموحها وظيفة حكومية درجة سابعة.ذنب ذكى أنها نسفت نظرية مافيات المراكز وتجار الدروس الخصوصية فلم تعتمد إلا على دراستها وسهرها في بيت خيش وعلى طاولة بلاستيك ، تسرح بالغنم في وقت إستراحتها ، ودرست في مدارس الحكومة الفقيرة من كل شيء إلا من الطموح والحلم بغد أفضل.يا لعارنا يا ذكى ويا لخجلنا منك ولتقصيرنا نحوك ، أنت متفوقة ولو كنّا في دولة تستثمر بالموهوبين كما تستثمر بالفنانين والرقاصات لتسابقوا إليك بالتكريم والمنح ، ولكنه يا ابنتي يتعالون على الفقراء ويستكثرون علينا أن نتفوق ، ويستغربون كيف ما زلنا على قيد الحياة.معيب على الدولة الأردنية ، وعلى مؤسساتها التعليمية ووزاراتها المعنية وصناديق التعليم أن نترك ذكى ولا نحقق حلمها بدراسة الطب ، فمثلها من حقق هذا المعدل العالي يستحق كل تكريم ورعاية ، ومثل ذكى تكرم وطنها وتتباهى به.
ذكى الحراحشة … يا لخجلنا منكِ
مدار الساعة ـ