استكمالا لما اوردناه في بني إسرائيل-09، لقد بعث المسيح عليه السلام في زمن سيطرة الرومان على فلسطين واليهود فيها. ولا نريد أن نخوض فيما عانى منه المسيح عليه السلام من تعذيب ونكران لرسالته لدرجة أن اعداءه حاولوا ان يصلبوه ويقتلوه إلا أن الله رفعه للسماء الثانية، علما ان يحي بن زكريا عليه السلام موجود في السماء الثانية أيضا (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (آل عمران: 55)). لقد وقع على اليهود بلاء شديد في فلسطين من الرومان بعد رفع المسيح للسماء الثانية، وقد قاموا بثورات عديدة ضد الرومان دون فائدة. مما جعل القائد الروماني تيطس عام 70م يعمل على استئصالهم والفتك بهم وسبي أعدادا كبيرة منهم وتهجيرها، ودمَّر بيت المقدس ومعبد اليهود، وكان هذا التدمير الثاني للهيكل، وقد زاد في تدمير الهيكل الحاكم الروماني أدريان سنة 135م، حيث أمر جنوده بتسوية الهيكل بالأرض، وبنى فيها معبداً لكبير آلهة الرومان الذي يسمونه جوبيتر وهدم كل شيءٍ في المدينة، ولم يترك فيها يهوديًّا واحداً.
وقد منع الحاكم الروماني ادريان اليهود من دخول المدينة، وجعل عقوبة ذلك الإعدام. بعد ذلك سمح لهم بدخول بيت المقدس يوماً واحداً في السنة، والوقوف على جدار بقي قائماً من سور المعبد، وهو الجزء الغربي منه، وهو الذي يُسمَّونه اليهود الآن حائط المبكى. وبعد ذلك شاء الله أن يشتَّت اليهود في جميع أنحاء الأرض (وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا (الإسراء: 104))، وسلَّط الله عليهم الأمم في جميع بقاع الأرض يسومونهم سوء العذاب بسبب بغيهم وفسادهم وسوء أخلاقهم (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (الأعراف: 167)). وكان من الجزاء الذي حكم الله به عليهم مع هذا العذاب المستمرِّ إلى يوم القيامة تقطيعهم وتشتيتهم في الأرض جزاء كفرهم وفسادهم (وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا مِّنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَٰلِكَ وَبَلَوْنَاهُم بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ، فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَٰذَا الْأَدْنَىٰ وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (الأعراف: 168 و 169)).