هناك على ما يبدو مشروع إسرائيلي سري يجري الإعداد له بخصوص الأردن، والكل لا يتنبه إلى هذه الاحتمالات المقبلة على الطريق، تحت عناوين مختلفة، تجري التوطئة لها هذه الأيام.
ألا تلاحظون أننا كل يومين بتنا نسمع خبرا من إسرائيل عن محاولة تهريب سلاح من الأردن، ويتم نشر صورة الأسلحة، وأحيانا يتم نشر معلومات غير مكتملة عن محاولات التهريب التي باتت شبه يومية، خلال الفترة الماضية، وبشكل غريب، مع معرفتنا جميعا أن الحدود مع فلسطين المحتلة مراقبة بشكل حساس جدا، وتكنولوجي، وإمكانات التهريب منخفضة.آخر الأخبار، يوم أمس، حيث أعلنت قوات الاحتلال الإسرائيلي إحباطها محاولة تهريب 26 مسدسا على الحدود الأردنية وفقًا لما صرح به الناطق الإعلامي لشرطة الحدود في الاحتلال الإسرائيلي، الذي أضاف أن قوات الاحتلال قامت برصد سيارة على الحدود، حيث اعتقلت المشتبهين وضبطت المسدسات بعد مطاردتهم، وهذا ليس الخبر الوحيد خلال هذا العام.على ما يبدو تخطط إسرائيل لترسيم الحدود مع الأردن، بشكل إجباري، وبمعزل عن الفلسطينيين، ولن يكون غريبا أن نسمع عن قرار إسرائيلي بإقامة جدار عازل إسمنتي على طول الحدود بين الأردن وفلسطين، والذريعة ستكون منع حالات التسلل، وتهريب الأسلحة.هذا السيناريو قد يكون محاولة إسرائيلية لترسيم الحدود وهي بمثابة إنهاء كلي لحل الدولتين، ومخالفة لاتفاق أوسلو والتي تنص أن ترسيم الحدود بين فلسطين وإسرائيل يتم بالتفاوض بين هذه الأطراف، فيما توظيف إسرائيل لمحاولات تهريب السلاح، اذا صحت كلها، من اجل الوصول الى سيناريو ترسيم الحدود، يعني ايضا انهاء حدود الدولة الفلسطينية الشرقية، والسيطرة الكاملة على غور الأردن، وله تأثيرات خطيرة على الأردن وفلسطين معا.الذي يثبت هذا التوجه، هو قيام إسرائيل مطلع العام الماضي، بتكديس آلاف الأطنان من الأملاح المستخرجة من البوتاس وبناء جدار ملحي عملاق على طول 45 كيلومترا مع الحدود الأردنية من جهة منطقة وادي عربة- البحر الميت، وهذا الجدار الملحي الضخم، بارتفاع 9 إلى 13 مترا تبرره إسرائيل محاولة لصد المتسللين في تلك المنطقة التي تفتقر لوجود سياج.إسرائيل مفتونة ببناء الجدر العازلة، فقد عزلت الضفة الغربية داخل الجدار، وهي تحفر الخنادق، وتقيم السياجات في كل مكان، وهي لا تجد حلا لحماية أمنها، سوى ببناء الجدر العازلة، لكنها في حالة الحدود الأردنية الفلسطينية، تجد في سيناريو الفصل الكامل، واحتمال إقامة جدار عازل على طول الحدود، ليس مجرد حماية أمنها، بل شطب حل الدولتين، عبر ترسيم الحدود، بين الأردن وفلسطين، بشكل أحادي الجانب، والسيطرة الكاملة على الأمن في غور الأردن، من الجهة الفلسطينية، وإسقاط ما تبقى من دور لسلطة رام الله، المفترض ان تعترض على هذه التغييرات، التي تقوض ايضا ما يسمى اتفاقية اوسلو.علينا ان نفتح عيوننا جيدا على قصص تهريب السلاح التي باتت إسرائيل تعلنها بشكل شبه يومي، لأنها تريد تهيئة الأجواء لقرار بخصوص الحدود، بين الأردن وفلسطين، والقرار ليس أمنياً كما سيبدو، إذ له غايات سياسية، تتعلق بالوضع القائم، وفرض تغييرات قسرية على كل الملفات، بما فيها ملف الحدود، الذي يعد الأكثر حساسية، مع ملفي القدس واللاجئين.شهدت الحدود مع فلسطين المحتلة، طوال عمرها، محاولة دخول إلى فلسطين، أو تهريب أسلحة، وهذا أمر يعرفه الكل، لكننا نؤشر هنا على شدة التركيز الإسرائيلي على محاولات تهريب السلاح عبر الأردن، مع معرفتنا بأن السلاح متوفر أصلا في الضفة الغربية، بيد الناس العاديين، حتى أن بعض تجاره الذين يبيعونه هم من الإسرائيليين ذاتهم، وهذا يعني أن شدة التركيز توطئ لأمر محتمل، فهذا هو الأسلوب الإسرائيلي في إدارة القرارات، والتهيئة لها.سوف تثبت الأيام صحة هذا التوقع أو تنفيه، لكن بالتأكيد قصة السياج على طول الحدود، والجدار الملحي المقام، تثبتان أن إسرائيل لديها تصورها المتعلق بالحدود مع الأردن، وقد يكون هذا السيناريو هو الأخطر، كونه يعبر عن الرصاصة الأخيرة في رأس حل الدولتين.
ماذا تخطط إسرائيل للحدود مع الأردن؟
مدار الساعة (الغد) ـ