في استطلاع رأي عام نشر مؤخرا، قيل إن خمسة وأربعين بالمئة من الأردنيين يعزفون عن الانخراط بالأحزاب لأسباب أمنية، وهي نتيجة تتناقض مع نتائج معظم استطلاعات الرأي العام الاردني التي أكدت مراراً وتكراراً ان اكثر من تسعين بالمئة من الاردنيين يثقون بالقوات المسلحة والأجهزة الأمنية، بينما تدنت نسب الثقة بالاحزاب والسلطتين التنفيذية والتشريعية.
الثقة المرتفعة من الأردنيين بالجيش والمخابرات، من اهم أسبابها ادراك الاردنيين ان وطنهم مستهدف، وانهما الجيش والمخابرات هما درع الوطن في وجه الاستهداف.ومن قراءة الوقائع والأحداث التي تجري في بلدنا وحوله تجعلنا نقول إن كل من ينكر أو يستغرب القول أو الإشارة بل والتأكيد بأن الأردن مستهدف، هو واحد من ثلاثة، إما صاحب هوى، أو حاقد أو أنه لا يُتقن القراءة بين السطور, ولا يُحسن ربط الوقائع والأحداث والإشارات ببعضها، ومن ثم فإنه لا يُحسن التحليل والاستنتاج، مع أن مخطط استهداف الأردن لم يعد في خانة التحليل والاستنتاج، وكذلك لم يعد بحاجة إلى القراءة بين السطور، فالأدلة المادية الملموسة على هذا المخطط تبرز تباعاً لمن يريد أن يرى هذه الأدلة التي تتكاثر يوماً بعد يوم،?لأن القوى التي تستهدف الأردن تعمل على مبدأ القضم التدريجي، ومن خلال إضعاف بنية الدولة من داخلها، وبالعمل على هز الثقة بمؤسساتها، والسعي لإضعاف هذه المؤسسات أو إرباك عملها وإثارة الشبهات حول أدائها، أو بهذه الوسائل جميعها، كما نلاحظ بالهجمة المبرمجة على دائرة المخابرات العامة في بلدنا، تارة من خلال الغمز واللمز بالقبضة الأمنية، وأخرى من خلال الشكوى من الدولة العميقة، وثالثة من خلال تحويل الدائرة إلى مشجب يعلق عليه الفاشلون فشلهم، وهي حالة أكثر ما تكون وضوحاً في الانتخابات بكل مستوياتها، حتى في المدارس والجا?عات مروراً بالنقابات وانتهاءً بالبلديات والبرلمان، فكل من لا يحالفه الحظ بواحدة من هذه الانتخابات يعلق فشله على المخابرات العامة باسطوانة صارت مشروخة وممجوجة.أغرب ما بالحملة على دائرة المخابرات العامة، ان بعض المشاركين فيها هم من بقايا فلول الأحزاب الشمولية التي حكمت بالنار والحديد، ولم يكن أحد في ظل حكمها يجرؤ على فتح فمه إلا أمام طبيب الأسنان، وبينما تلطخت فترات حكم هذه الأحزاب بدماء الرفاق والأبرياء وكل من خالفها الرأي، فقد وجد اتباع هذه الأحزاب في الأردن ملجأ ودار أمان، فلم يعرف تاريخ الأردن الحديث تصفيات دموية، بل عرف العفو والصفح، حتى عن الذين أوغلوا بالتآمر على بلدنا ونظامه السياسي، فلماذا يصر أتباع الفكر الشمولي وسحيجة الأنظمة الشمولية على إسقاط ممارسات?أجهزة البلاد التي حكمتها أحزابهم على أجهزتنا الأمنية وهي براء منها، فنحن لسنا دولة بوليسية ولم نكن كذلك، حتى في ظل الأحكام العرفية.غير اتباع الأحزاب الشمولية، والفشلة في الانتخابات، فان بعض طلاب الشهرة وأصحاب التفسيرات النرجسية، يستغلون حالة التسامح في بلدنا فيتحرشون بدائرة المخابرات تلميحاً في أكثر الأوقات وتصريحا في أقلها.وإذا كنا نجد لكل هذه الفئات بعض العذر في سعيهم لتشويه صورة أجهزتنا الأمنية ودائرة المخابرات العامة على وجه التحديد، فإننا نستغرب أن ينضم إلى جوقة المهاجمين لدائرة المخابرات العامة والمحرضين عليها والداعين لكف يدها بعض السياسيين الأردنيين الذين يتحدثون عن الدائرة بعقلية ثأرية.لماذا ينسى هؤلاء جميعاً، خاصة السياسيين الأردنيين، ان دائرة المخابرات أحد أهم مكونات قوة الدولة الاردنية، وأنها باحترافيتها ومهنيتها أحد مصادر التميز والحضور الأردني إقليمياً ودولياً، من خلال إنجازاتها التي يتناساها هؤلاء بينما يضخمون أخطاء فردية تقع من بعض منتسبي الدائرة التي تسارع دائماً إلى تصحيحها ومعاقبة مرتكبها، ولماذا ينسى هؤلاء أن ما يسمونه القبضة الأمنية تارة والدولة العميقة تارة أخرى، هي التي شكلت على مدار تاريخ الأردن الصخرة التي تحطمت عليها كل المؤامرات التي استهدفت بلدنا، وأن بلدنا الآن أحوج م? يكون إلى مؤسسات قوية فاعلة تؤدي دورها باقتدار في إطار الدستور والقانون وفي طليعتها دائرة المخابرات العامة.
المخابرات العامة وأصحاب الهوى
مدار الساعة (الرأي) ـ