أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات وفيات برلمانيات جامعات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مستثمرون مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

الانتساب للأحزاب السياسية أم التصويت لمرشحيها؟


أ. د. ليث كمال نصراوين
أستاذ القانون الدستوري – عميد كلية الحقوق في جامعة الزيتونة

الانتساب للأحزاب السياسية أم التصويت لمرشحيها؟

أ. د. ليث كمال نصراوين
أ. د. ليث كمال نصراوين
أستاذ القانون الدستوري – عميد كلية الحقوق في جامعة الزيتونة
مدار الساعة (الرأي) ـ
تستمر الدولة الأردنية في الدفع نحو تعزيز مسيرة الإصلاح السياسي والمضي قدما نحو تفعيل دور الأحزاب السياسية في المرحلة القادمة، ذلك على الرغم من استطلاعات الرأي الأخيرة التي أظهرت تدني نسبة الاهتمام الشعبي بالأحزاب وفي الانضمام إليها.
فقد تعددت الخطوات الإصلاحية التي جرى تنفيذها والمرتبطة بالأحزاب السياسية، وذلك ابتداء من نقل الاختصاص في النظر في طلبات تأسيسها ومتابعة شؤونها إلى الهيئة المستقلة للانتخاب، مرورا بإصدار قانون جديد للأحزاب السياسية لعام 2022 يتضمن إشارات واضحة وصريحة بأن غاية الحزب هي تشكيل الحكومة أو المشاركة فيها عملا بأحكام المادة (35) من الدستور.وصدر بعد ذلك قانون انتخاب جديد، قام بتخصيص مقاعد برلمانية للقوائم الحزبية على مستوى الوطن، والتي ستتنافس فيما بينها لحصد أكبر عدد من المقاعد الوطنية، مع تقرير نسبة العتبة «الحسم» التي من شأنها أن تقلل من عدد الأحزاب الفائزة في الانتخابات، وتزيد من عدد المرشحين الذين يمثلون كل حزب في البرلمان.وتعكف الحكومة هذه الأيام على إصدار نظام تنظيم ممارسة الأنشطة الحزبية في مؤسسات التعليم العالي، الذي يهدف إلى رسم العلاقة بين الإدارات الجامعية والطلبة الحزبيين فيما يخص ممارسة العمل الحزبي داخل الجامعات والمعاهد التعليمية.ومع ذلك، يجب الاعتراف بأن الرغبة الشعبية بين صفوف الأردنيين بكافة فئاتهم وأطيافهم في الانتساب للأحزاب السياسية هي في أقل درجاتها. فالنسبة العظمى من أفراد الشعب السياسي والمسجلين كناخبين في دائرة الأحوال المدنية والجوازات لم يطلعوا على أبرز مجريات الإصلاح السياسي، وليس لديهم أدنى فكرة عن التعديلات الدستورية والقانونية ذات الصلة بتطوير العمل الحزبي في الأردن.من هنا تكمن أهمية التوعية بما جرى إقراره من تطورات تشريعية تهدف إلى الوصول للحكومات البرلمانية بطريقة تدريجية. فالفترة التي قررها القانون الجديد للأحزاب القائمة لغايات تصويب أوضاعها بما يتوافق مع أحكام التشريع المستحدث تمضي بسرعة، وما تزال الحركة الحزبية خجولة نوعا ما.لذا، فإن الأحزاب مدعوة اليوم إلى العمل بهمة ونشاط من أجل استقطاب فئة الشباب من الأردنيين والأردنيات بما يتوافق مع الشروط القانونية المستحدثة لتأسيس الأحزاب، والتي فرضت نسبة تمثيل (20%) من الشباب بين أعمار (18) و(35)، ونسبة (20%) من الأردنيات بين الأعضاء المؤسسين للحزب.في المقابل، فإن التوقعات السياسية بخصوص المرحلة القادمة يجب أن تمتاز بالعقلانية، وألا يتم المبالغة في بناء الآمال والطموحات بأن الأحزاب السياسية ستكون الركن الأساسي في الانتخابات البرلمانية. فالهواجس المجتمعية ضد الحركة الحزبية لا تزال تسيطر على عقلية المواطن الأردني، والسنوات العجاف من اللاحزبية لا يمكن محوها بسهولة من الذاكرة الوطنية.بالتالي، فإن الإجراء البديل الذي يتناسب مع المرحلة القادمة يتمثل باقناع الناخب الأردني بالتصويت لمرشحي الأحزاب السياسية في الانتخابات البرلمانية وعدم التركيز على الانضمام الفعلي للحزب. فكما هو معلوم بأن المؤشر الحقيقي لتكريس الحياة الحزبية لا يكون من خلال قياس عدد الأعضاء المنتسبين للحزب السياسي، وإنما في عدد مناصريه والمؤمنين بمبادئه وأفكاره، والراغبين في رؤية برامجه وأهدافه تتحقق على أرض الواقع، بصرف النظر ما إذا كانوا أعضاء فيه مع عدمه.ففي بريطانيا مثلا، فإن المرحلة الأخيرة لاختيار رئيس حزب المحافظين الحاكم الذي سيحل محل رئيس الوزراء الحالي بوريس جونسون ستكون في بداية شهر أيلول القادم، حيث سيصوت الأعضاء المسجلون في الحزب والذين لا يتجاوز عددهم (200) ألف عضو، للاختيار بين المترشحيْن ليز تروس وريشي سوناك.إن الصعوبات التي ستواجهها الأحزاب السياسية في استقطاب الأردنيين للانضمام إليها، وبالأخص من فئة الشباب في الجامعات، يجب أن يتم التعاطي معها من خلال الانتشار الواسع لهذه الكيانات الوطنية وإقناع الناخبين بصدق طروحاتهم وأفكارهم، وبأنها سترى النور في حال وصول أعضاء الحزب إلى السلطة، وذلك لكي يقدم الناخبون على التصويت لمرشحي الحزب كنقطة بداية قبل الانضمام الفعلي إليه.وما سيشجع من فرص نجاح التصويت لمرشحي الأحزاب السياسية دون الانتساب إليها أن قانون الانتخاب الجديد قد أعطى كل ناخب صوتين؛ الصوت الأول على مستوى المحافظة يمكن استعماله لاعتبارات غير حزبية، والصوت الثاني على مستوى الوطن يتم من خلاله اختيار المرشحين الحزبيين في القوائم الوطنية.إن الحنكة السياسية تقتضي أن يتم التركيز على استقطاب الناخبين للتصويت لمرشحي الأحزاب السياسية في القائمة الوطنية، دون المبالغة في الاهتمام بعضويتهم وانضمامهم للحزب السياسي.أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنيةlaith@lawyer.com
مدار الساعة (الرأي) ـ