‏أعتقد وأكاد اجزم بأن هناك الكثير ممن ينظرون إلى التعليم من منظور واحد وهو يتعلق بالتعليم الأكاديمي فقط
أي بمعنى آخر يختصرونها (فكرة التعليم) بالكتابة والقراءة وحفظ وتخزين المعلومات والحصول على الشهادات الأكاديمية في مراحلها المتتابعة من الروضة وحتى الجامعة وهذا تفكير سليم لا يعيب وحق للجميع ومطلب مشروع
‏ولكن كم منا يعلم بأن التعليم لا يقتصر معناه وتعريفه على ما ذكر سابقا وما يعتقده الكثير من الناس فلقد عرف التعليم من قبل اصحاب الاختصاص بأنه هو اكتساب المعرفة والمهارات والمبادئ والمعتقدات والعادات وهو متعدد الوسائل والطرق ‏والأساليب
‏أي بمعنى آخر واوضح بأن التعليم لا يقتصر على الدراسة الأكاديمية وحفظ الكتب والقراءة والكتابة
فالحرف والصناعات أيضا تعليم وأساس قوي ومتين للتنمية والنهضة ولا يتعارض مع التعليم الأكاديمي فكم قرأنا وسمعنا عن الكثير من العلماء العظماء الذين تعلموا حرفة و صناعة وأتقنوا حرفتهم و صنعتهم ‏أثناء سعيهم للتعلم والمعرفة بواسطة القلم والكتب حيث كان لذلك التداخل والتوافق و التجاور في التعليم بين القلم والكتاب والحرفه و الصنعه جميل الأثر في نهضة الأمم وتفوقها وازدهارها ومما إنعكس على الأفراد بتوسع أفقهم وإدراكهم ومساهمتهم في النهضة العظيمة لتلك الحقبة من الزمن
‏فلماذا لا نبنى على الفكر القديم و نحدثه بترسيخ مفهوم التعليم في مسارين ‏مسار الحرفة والصناعة و مسار الورقة والقلم ينطلقان معا باتجاه هدف واحد ومصلحة مشتركة ضمن منهج متكامل يحدث ويرغب ويوعي بأفضلية وجوب تعلم صنعه وحرفه و العمل بها إلى جانب تعلم الكتابة والقراءة والعلوم...الخ
و أن العمل بالصناعة والحرفه سوف يوفر الدخل الذي يساعد على إكمال واستكمال التحصيل الأكاديمي والعلمي و إمكانية الانفاق على متطلبات ومستلزمات المعيشة

‏وهنا أركز على العمل (حرفه او صنعه) كون ذلك العمل الذي يساهم في رفد السوق المحلي بالعمالة الماهرة المحلية التي حتما ستساهم بالتقدم والازدهار وتقليل نسبة البطالة و دوران العجلة الاقتصادية بما يعود على الجميع بالفائده
‏وعندها أيضا سيكون التعليم ‏في المراحل التي تتبع المراحل الأساسية ( ‏الجامعية وما يليها) الأكاديمية والعلمية رغبة لا إلزام وسينتج عن ذلك مبدعين ومفكرين و ‏علماء نحن بأمس الحاجة إليهم في زماننا هذا
‏ولا بد من التذكير بأن هذا الفكر ليس وليد اللحظة وليس اكتشاف جديد بل هو ما كان عند من سبقونا وبنوا نهضة آثارها أمام نواظرنا باقية وقواعدها موجودة منذ قرون مضت ولا تزال تنتظر من يعيد البناء على تلك الأسس والقواعد مع مراعاة الحداثة والتحديث الذي نعيشه وتطويعه بما يتناسب وذلك الفكر
‏فالمعادلة ليست صعبه ولا مستحيلة ‏والفكر والفكرة ليست بغريبه عن ثقافتنا ومجتمعنا وأعرافنا وعاداتنا وتقاليدنا بل هي مستوحاة من أصولنا وجذورنا و تاريخ اجدادنا الذين سبقونا ‏و احدثوا و أقاموا نهضة حضارية عظيمة تشهد لها البشرية
‏حفظ الله الأردن ارضا وشعبا وقائدا