اخبار الاردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات احزاب وظائف للاردنيين رياضة أسرار و مجالس مقالات مختارة مقالات تبليغات قضائية مناسبات جاهات واعراس مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة كاريكاتير رفوف المكتبات طقس اليوم

عبدالهادي راجي يسأل وزير التنمية الاجتماعية


عبدالهادي راجي المجالي
abdelhadi18@yahoo.com

عبدالهادي راجي يسأل وزير التنمية الاجتماعية

مدار الساعة (الرأي) ـ نشر في 2022/08/14 الساعة 23:55
بائعة الورد
معالي وزير التنمية الاجتماعية..
قبل اكثر من (10) سنوات تابعت المسلسل التركي (بائعة الورد), وهو مقتبس عن رواية (جورج برنارد) سيدتي الجميلة, تحدث المسلسل عن قصة فتاة تريد أن تكون من الطبقة المخملية... تحدث عن معاناتها وعشقها وكفاحها في الحياة..
وقبل اكثر من (20) عاما قرأت قصة (بائعة الكبريت), للكاتب الدنماركي (هانز كريستيان), وقد انتجت هذه القصة كمسلسل كرتوني, يتحدث عن فتاة فقيرة تبيع الكبريت... وحين داهمتها عاصفة, التجأت لزاوية في المدينة وبدأت باشعال أعواد الكبريت كي تحصل على بعض الدفء.. ومع اشتعال كل عود كانت تحلم بجدتها, وتغادرها الحياة رويدا رويد.. ظلت هكذا، إلى أن ماتت..
في صباي أيضاً, مررت على رواية (بائعة الخبز).. وهي تتحدث عن معاناة أرملة فرنسية اسمها (جان فورتيه), فقدت زوجها.. وحاول الكل اصطيادها, إلا أنها كافحت لأجل أولادها, وانتهى بها المطاف بدخول السجن.. وهي رواية تعرض المشاكل الاجتماعية, وتحكي عن ظلم الطبقة الثرية, وتعب الفقراء.. وتتحدث عن شراسة رأس المال, وزهد البسطاء في مجتمع.. يئن تحت وطأة استغلال المرأة, واستغلال جهدها.
وهناك قصة روسية لا اذكر تفاصيلها, ولكنها تتحدث عن بائعة الصابون..
معالي الوزير المحترم..
كلما هممت بالمغادرة لعملي, بدأت اتذكر في الصباح ما مر علي من روايات وقصص عالمية ظلت عالقة في اذهان البشرية, وحولت لأفلام ومسلسلات عملاقة, وحصلت على الأوسكار.. ولكن على اشارة وادي صقرة.. غالبا ما تداهمني سيدة تبيع الملوخية... والمشكلة أنها تقترب مني وتقول لي: (ملوخية مفرزة بعطيك الكيس بدينارين).. وتلح علي (اقلك خذ كيسين بتلاث ليرات).. اتذكر لحظتها رواية (بائعة الكبريت) وكم.. اخذت من الأدب العالمي وكم حصلت على أوسكار... واحاول أن أقارن بين بائعة الملوخية (مفرزة) وبائعة الكبريت لكني افشل.
في بعض المرات تداهمني سيدة أخرى وعلى ذات الإشارة, تبيع حمص... والغريب أنها آخر مرة وقفت أمامي قالت لي: (الكيس بليرة يا بلاش).. اعتذرت منها..
اغرب حادثة تعرضت لها هي حادثة (بائعة القداحات), لم تعرض بضاعتها ولم تطلب مني شراء قداحة واحدة, ولكنها قالت لي: (إذا طريقك ع البلد توخذني معك.. وبعطيك قداحتين ببلاش)..
لماذا ينتج العالم روايات عظيمة من معاناة المرأة, بالمقابل نحن ننتج هروبا جماعيا غير منضبط حين يأتي باص التنمية برفقة دورية شرطة, لماذا يحول العالم قصص البائعات في الشوارع إلى افلام تحصل على الأوسكار وقصص تبقى عالقة في اذهان الشعوب, ونحن لدينا الشوارع لمظاهر تسول مؤلمة, وتأتيك سيدة تقول لك: (الله يستر ع ولياك.. الله ايخلي عيالك, يبعد عنك اولاد الحرام..) احاول ان ادخل هذه الادعية في رواية, ولكن ماذا سيكون عنوان الرواية: (الله يستر ع ولياك؟)
نحتاج إلى اعادة النظر في التسول لدينا, التسول في حالة انحدار... أحاول أن أجد مشهدا يلهمني ولو لكتابة سطر واحد, ولكن للأسف كل المشاهد مؤلمة..
بودي أن اكتب رواية عن (بائعة الحمص), تصور ألم المرأة في حياتنا.. ولكن بماذا سأختمها.. بهروبها لحظة أن مر باص التنمية؟..
abdelhadi18@yahoo.com
مدار الساعة (الرأي) ـ نشر في 2022/08/14 الساعة 23:55