مدار الساعة - صدرت مؤخرا عن الدار الأهلية للنشر والتوزيع، في بيروت وعمّان، رواية «خرائط النسيان» للروائي الأردني محمد رفيع، وهي تقع في 236 صفحة.
وهي رواية مختلفة سواء من حيث التجديد في البناء الروائي، أو من حيث الجرأة في ما تناولته من موضوعات. فرواية «خرائط النسيان» علاوة على كونها عملا روائيّا متكامل العناصر والأركان، فهي تتضمّن عملاً مسرحيّاً هو من صلب نسيج الرواية، كما أنّها تشمل أجزاء من كتاب علميّ في علم النفس كبعض من نسيج الرواية. وفي الأعمال الثلاثة، التي تأخذ شكل الرواية، في البناء والسرد والحبكة، في بناء متّسق ومتسامٍ في تصاعد أحداثه وشخوصه وأمكنته، يحلّق القارئ مع لغة الرواية العالية، التي تحمل قارئها من أرض واقعه إلى سماءات أخرى، لكنّها، بتواتر أحداثها، تعيده تباعاً إلى أرض الواقع العربي الراهن، بكل ما في هذا الواقع من كوارث وعجز وسطوة على الروح والنفس والجسد.
تحلّق الرواية بقارئها في القاهرة، وعمّان، ونيويورك، وبغداد، وإسطنبول. ومن خلال قصّة مثقّف عربي (يوسف المعني)، بطل الرواية، وهو كاتب ومخرج مسرحي، يتعرّض إلى صدمة نفسيّة حادّة، بعد اغتصاب صديقته أمامه، بوحشية، في وضح النهار، في ميدان العتبة في القاهرة، في ربيع عام 1992، وعلاقة ذلك بالانتهاك النفسي الجماعي، الذي أحدثه قصف واستباحة العاصمة العراقية بغداد عام 1991، ورحلة علاجه المريرة، التي تستمرّ عشر سنوات، وعلاقة ذلك بالثقافة العربية، وتناقضاتها، وصولاً إلى لحظة سقوط بغداد عام 2003.
ومن خلال أحداث الرواية، التي تتضمّن عملاً مسرحيّاً، يتمّ الوصول إلى اللحظة النفسيّة والاجتماعية العربية الراهنة، بكل ما وصلت إليه الأحوال من انتهاك واستباحة، ودخول أطراف إقليمية في التأثير على خيارات بطل الرواية، وفيها يمارس البطل عجزاً وخضوعاً، وخيارات متردّدة بالرحيل، تبدأ من اسطنبول وتنتهي في نيويورك، من خلال مرضه النفسيّ.
وفي سياق الأحداث، يتمّ عرض واستعراض الخلفيّة التاريخيّة للتكوين الحديث لشخصيّة المثقّف العربي، من خلال مورّثات المئة عام الماضية، التي تنتهي إلى اللحظة الراهنة بالاستسلام والعجز، وصولاً إلى ما يترتب على هذا العجز من استباحة وانتهاكات نفسية وروحية ومادية للفرد والجماعة العربية.
القدس العربي