أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

الرؤية الملكية المتجددة في بناء الديمقراطية ومعادلة الشباب والعمل البرامجي


د. طارق زياد الناصر

الرؤية الملكية المتجددة في بناء الديمقراطية ومعادلة الشباب والعمل البرامجي

مدار الساعة ـ
"الجاهزية الحزبية عملية تراكمية شاقة تتطلب تقديم المصلحة العامة على المنفعة الذاتية والبرامج الواقعية على الطموحات الشخصية والأحزاب لا تبنى من الأعلى إلى الأسفل، فدور الدولة هو تسهيل عمل الأحزاب وتوفير البيئة التي تشجع العمل الحزبي والمشاركة".
كانت هذه الكلمات جزءً من مقابلة خاصة اجراها جلالة الملك مع صحيفة الرأي، هذه الحوارات التي يجريها جلالته مع المؤسسات الصحفية تشكل رسالة واضحة لدعم وسائل الإعلام وتطوير دورها الوطني والمجتمعي وتعزيزا لأدوار سياسية حقيقية لهذه الوسائل، خاصة في رفع مستوى النقاش الوطني حول القضايا ذات الأولوية.وحيث أنه لا يمكن تناول الرسائل الملكية الأخيرة حول الأحزاب والشباب بعيدا عن منظومة الخطوات الملكية التي كانت عنوانا لنتاج نلمسه اليوم، والتوجيهات التي حملت إصرار جلالته على أن تكون هذه المرحلة مختلفة في الإنتاج وقابلة للتطبيق، فلا يمكن أن يغيب عنا تأسيس جلالته لهيئة شباب كلنا الأردن التي ساهمت في بناء جيل مميز من القيادات الشبابية، ولا مقولة جلالته في العام 2008 بجامعة اليرموك ردا على سؤال حول المشاركة الحزبية "أبوابي مفتوحة أمامكم" وجازما أقول إن الأوراق النقاشية لم تكن إلا واحدة من هذه الخطوات ناهيك عن لقاءات وحوارات وطنية ولجان ملكية بحثت في الإصلاح السياسي والإداري والاقتصادي، لتكون مخرجاتها حاضنات لمراحل مقبلة في التطوير البنيوي، كما أن جلالته كان حريصا على خلق حالة خاصة من الانسجام المؤسسي في مكونات الدولة وصولا إلى تحقيق رؤيته الوطنية الشمولية.من زاوية أخرى أتبع جلالة الملك مقابلته مع الرأي بلقاء مع رؤساء الجامعات الأردنية باعتبار هذه المؤسسات ركن أساسي في بناء منظومة التحديث المؤسسي للعمل مع الشباب؛ لكسر الحواجز التي تواجههم بحيث يكون هذا الجيل قادرا على الاستفادة من الفرص التي سيشهدها المستقبل والتي سيكون لهم دور في صناعتها.كل ما تقدم هو اطار عام لفهم الظرف الذي أعلنت به هذه المرحلة، لكن وعودة للعمل الحزبي فإن الرهان الحقيقي لا يمكن أن يكون على غير الشباب، فهم القاعدة الأقوى والأبقى التي يريد جلالته أن تكون الأساس لتطوير بنية العمل الحزبي، واظنني لا أبالغ إن قلت إن تشكيل منظومة شبابية حزبية تحمل الرؤية التي يريدها جلالة الملك لا يمكن ان تكون سريعة الانتاج بل وتحتاج لوقت كافٍ لتقييم التجارب القائمة وبناء تجارب جديدة قابلة للحياة، والتأسيس لمرحلة حزبية قادرة على بناء استراتيجيات وطنية تتناسب والطموح الملكي لمستقبل هذا الوطن، لكن وفي ذات الوقت لا يمكن أن نبدأ بدون هذه القاعدة.هذه العملية بحسب ما يريدها جلالة الملك مشروطة أيضا بإعادة تشكيل قيم واتجاهات النخب السياسية باتجاه الشراكة مع الاخر في العمل العام بدلا من التبعية الفكرية، وضرورة أن تتفق الأيدولوجيا التي تتبناها الأحزاب مع نبض الشارع واحتياجاته بحيث تبني برامج وطنية جامعة قابلة للتطبيق والعمل، وبحيث تجد هذه البرامج وقبلها الأحزاب حاضنة مجتمعية حقيقية، وبالتالي قدرة الأحزاب على التعامل مع الواقع الجديد ونجاحها في استثمار التشريعات الناظمة للعمل الحزبي والسياسي، وتحقيق مكاسب حقيقية وعمل برامجي نوعي يخدم منظمة الإصلاح الأردنية.وفي المقابل فإن المطلوب من الشباب أنفسهم هو رفع مستوى مشاركتهم في الشأن العام وتطوير أدواتهم وقدراتهم بما ينسجم مع الدور المأمول منهم، وعليهم أيضا إدراك حقيقة انهم من سيرسمون شكل المستقبل، وسيكون التغيير الإيجابي أول مخرجات مرحلتهم، وسنقطف جميعا ثمار هذا المستقبل، ولا بد للمؤسسات الاجتماعية المختلفة أن تكون حاضرة للتعامل مع هذه المرحلة وان تقدم رؤاها وبرامجها العملية بالتوافق والتزامن مع البرامج المتوقعة من الحكومة ومؤسساتها.أخيرا فإن قناعتي المطلقة أن الدولة الأردنية ومنذ عهد التأسيس وحتى يومنا الحاضر بنيت على أسس ثابتة رصينة وقواعد قابلة للتطوير والبناء والتحديث، وأن الرؤية الملكية للمستقبل تحمل في جوهرها شمولا في البرامج الإصلاحية، وتقوم على المصلحة الفضلى للوطن والمواطن، وعلينا جميعا أن نمارس الدور المطلوب منا لتحقيق هذه الرؤية وكما نحصد اليوم ثمار المئوية الأولى في البناء والتطوير فإننا نزرع بذور المئوية الثانية بالتخطيط والعمل ليحصد أبنائنا ثمار ما زرعنا، وبدعم وطني واضح يقوده جلالة الملك وولي عهده الأمين حفظهما الله.
مدار الساعة ـ