منذ نشأة الدولة الاردنية بكيانها الوطني السياسي الحديث، وهي تسعى نحو وحدة العرب بمشاريع سوريا الكبرى والهلال الخصيب، في مرحلة تاريخية بإعادة خرائط العالم بعد الحرب الكونية الأولى، وفي مواجهة مشروع صهيوني تدعمه قوى عالمية منتصرة بحرب كونية كبرى، ومنطقة عربية ترزح تحت انتداب وإستعمار من تلك الدول المنتصرة، وتأتي حرب كونية ثانية، والسياسة الأردنية تدعو العرب لإستيعاب ما يجري في العالم، نحو القبول بأخف الضررين بقضية فلسطين، ويقرر العرب الحرب دون استعداد وخطة حقيقية وقدرات عسكرية لا تساوي شئ مع استعدادات القوة الصهيونية عددا وعدة وإستعداداً، واستطاع الأردن من إنقاذ جزء غال من فلسطين والقدس العربية، ويصنع وحدة إندماجية، كانت الانقى بالعصر الحديث، ويعقب ذلك إغتيال الملك المؤسس عبدالله الأول، لفك الوحدة، ويتجاوز الأردنيون تلك المؤامرة، وتأتي مرحلة الانقلابات العسكرية بلعبة كراسي لتحرير فلسطين، وفي الأثناء، يعلن الاتحاد العربي بين مملكة العراق والمملكة الأردنية، وينتهي الاتحاد بإنقلاب دموي، ومجزرة مأساوية، حتى لا يكون الأردن والعراق دولة واحدة بعمق جغرافي وسكاني وثروات، في مواجهة المشروع الصهيوني بأطماعه، وتأتي حرب ١٩٦٧، ودون استعداد وخطة عسكرية، وواقع عربي ممزق، بعد حروب إعلامية، وخطابات تحرير وتحررية، وتضيع ما تبقى من فلسطين وأجزاء من أراض مصر وسوريا ولبنان، وتأتي حرب ١٩٧٣ ويشارك الأردن بقواته على الجبهة السورية، وتنتهي مرحلتها بإتفاقية سلام بين مصر وإسرائيل، وخروج مصر من الصراع العسكري العربي الإسرائيلي. وتأتي حرب الخليج الأولى بين العراق وايران ويقف الأردن إلى جانب العراق، دفاعاً عن الجبهة الشرقية لمنظومة الأمن القومي العربي. ولتمتد لسنوات، وتنتهي بإتفاق ينهي حالة الحرب،، ويسعى الأردن مع دول شقيقة بإنشاء مجلس التعاون العربي، من مصر والعراق واليمن، ليأخذ العرب حصتهم من نظام دولي بدأت ملامح تشكله، ويطالب الأردن بتشكيل فيلق عربي، استعداداً لتحولات عالمية، وليكون للعرب حصتهم من هذا النظام الدولي بتحولاته الجدبدة، وليتفاجأ الأردن، بإحتلال العراق للكويت، ولتدخل المنطقة مرحلة جديدة، ويقف الأردن ضد الإحتلال، ويلتزم بالحل العربي العربي، لإنهاء هذا الإحتلال، ويرفض التدويل، لما سيكون له من تبعات على المنطقة برمتها، وذهبت رياح المنطقة على التدويل بقرار عربي، وتعقب ذلك مرحلة التوجه نحو السلام، ويقرر العرب، بأن السلام أصبح خيارهم الاستراتيجي، ويترافق هذا التوجه، بمحاولات لإقصاء الأردن من المشاركة، لموقفه من رفض تدويل مسألة إحتلال الكويت وتمسكه بالحل العربي العربي.
ولجهود بالغة الدقة، يستطيع الأردن المشاركة في مؤتمر مدريد للسلام، وبوفد مشترك اردني فلسطيني، وبعد ذلك ينفصل الوفد الفلسطيني، وليقوم بمفاوضات سرية دون إعلام الأردن بمسار هذا التفاوض، ويعلن إتفاق أوسلو، ويعقب ذلك إعلان اتفاقية وادي عربة، مع تمسك الأردن بأن حدوده مع الضفة الغربية، على أنها أراض تقع تحت الإحتلال العسكري. وأن الإتفاقية تقوم على مبدأ السلام الشامل على اساس قراري ٢٤٢ و ٣٣٨.وفي عام ٢٠٠٣، تدخل المنطقة زلزالا تاريخيا بإحتلال القوات الأمريكية للعراق، وما جرى بعد الاحتلال من تحولات تاريخية على بنية العراق بشكله الجديد،ولتدخل المنطقة بعد سنوات قليلة، مرحلة ما يسمى بالربيع العربي، لتحولات تاريخية غير مسبوقة على بعض الأقطار العربية، ولتصبح الحدود الأردنية، محاطة، بحرائق من صراعات دموية في سوريا وتدخلات إقليمية ودولية بحروب بالوكالة والإرهاب والمعارضة المسلحة، ودخول الإرهاب إلى العراق، وكل ذلك، والأردن يقف صامداً، ومتمسكاً بالثوابت القومية، تجاه سوريا والعراق، ورفض كافة أشكال التدخل بشؤونهم، ومحاربة الإرهاب بلا هواده، والتمسك بوحدة التراب الوطني، ومن ضرورة الحفاظ على الدولة الوطنية العربية، وإيجاد الحلول السياسية بين كافة المكونات داخل القطر العربي الواحد.وفي ظل هذه الأوضاع، يدخل الأردن بمواجهة مع طرح أمريكي بحلول للقضية الفلسطينية، وليس على اساس حل الدولتين ، ويعلن الأردن موقفاً تاريخيا، برفض اي شكل من أشكال الحلول، التي لا تلبي قيام دولة فلسطينية كاملة السيادة والإستقلال على حدود الرابع من حزيران ١٩٦٧ وبعاصمتها القدس الشرقية.وبقي الأردن، متمسكاً برؤيته وسعيه الدائم للتلاقي العربي نحو التكامل العربي، ومواجهة التحديات بتكامل عربي حقيقي وجاد، لعجز اي قطر عربي عن مواجهة التحديات القائمة في المنطقة بمفرده.وعلى ضوء هذا السرد التاريخي لعناوين ومحطات، تأكيد على نهج الأردن بشعبه وقيادته، وتضحيات الأردنيين، ومواجهتهم لتحديات مفروضة على المنطقة بأحداثها، وكل هذه المراحل، ولغياب الوعي والعقل العربي، بقي العرب عاجزين عن المواجهة، بغياب خطط واستراتيجبات عربية حقيقية وجاده .وعلى ما تقدم، نطرح تساؤلا كبيرا ولكنه مشروع بأهدافه الإيجابية ، وفي ظل مرحلة بالغة التعقيد والسوء ، وبما تمر به المنطقة العربية والإقليم والعالم من تحولات تاريخية غير مسبوقة منذ قرون مضت ، وهي ظروف قد تعاند الأردن بمجموعها ولا تطاوع ، ولإعتبارات لا مجال لذكرها بحساسيتها بظروف المنطقة.وما يترافق مع ظروف داخلية أردنية، من أزمات إقتصادية متراكمة، وضعف في أداء الدولة بسلطاتها ومؤسساتها، وبما ينخر جسد الدولة من ترهل وفساد إداري، يكاد أن يطيح بالدولة ومسؤليتها في خدمة المواطنين، وعجز عن إيجاد حلول حقيقية وعلى أرض الواقع، بقضايا بالغة الخطورة، على إستقرار الدولة الإجتماعي والسياسي، كالبطالة والفقر، وفي الصحة والتعليم، وقضايا الطاقة والمياه والأمن الغذائي، والنقل والسكن، وغيرها من القضايا التي تعني حياة المواطنين لحياة كريمة في وطنهم، وهذا العجز حد الفشل، بعد أن أصبحت الشخصنة والفردية والمحسوبية والواسطة وغياب العدالة وتكافؤ الفرص بين الأردنيين، وبهذه الضرائب التي تفرض عليهم والمديونية، وغياب لمشاريع وطنية بإستغلال الثروات الطبيعية والموارد المحلية، وتعطيل رأس المال الوطني من الإستثمار الحقيقي في البلاد ، وهذا التراجع حد التردي في الخدمات ونوعيتها وعدالتها لكافة المناطق.كل هذه الشؤون الداخلية، آلا تتطلب نهجا جديدا، بأن ياخذ الأردن موقف الحياد الإيجابي في منطقة مفتوحة على كل الاحتمالات، وليتفرغ الجهد للشؤون الداخلية، بإنخراط تام، نحو إعادة بناء الموسسات على أسس دولة تخدم مواطنا، ولتنتهي حكاية توصية فلان وحماية علان، ومن مكتب هذه الجهة أو تلك الجهة، وهذا مرضي عنه من منظمة أو جهة،نعم هذا واقع حال مواقع المسؤولية في الدولة الاردنية، والشمس لا تتغطى بغربال المجاملة والنفاق.ولا بد من ارداة قوية، بإعتماد المؤهل والكفاءة لموقع المسؤولية. وبكافة مواقع الدولة من موظف إلى رئيس الوزراء. وفصل التداخل بالصلاحيات التنفيذية لتحدد المساءلة والرقابة الحقيقية. وليستعيد الشعب الثقة بالدولة، وبكافة مؤسساتها. وكل من يدعي بغير الحقيقة، لا يقل بخطورته على الوطن والنظام من الطامعين بالوطن ويستهدفون النظام نعم للحياد الإيجابي للدولة الاردنية، مع الإلتزام بالثوابت القومية وهي رسالة الدولة الاردنية، التي لا تقبل تشكيكا أو مزاودة، فالتجربة التاريخية، علمت الأردنيين، بأن مواجهة ظروف المنطقة غير المستقرة، ولموقع الأردن الجيواستراتيجي بدكتاتورية الجغرافيا، ورسالته بنهجه القومي، إن نجاح الدولة الأردنية بتجاوز كافة المراحل الحادة، و الحرجة، يتحقق بالدولة القوية والتفاف الأردنيين حول قيادتهم وفي خندق الدولة، دولة العدالة والإنتاج والإنجاز على أرض الواقع وبما يلمسه المواطن ويعيشه في حياته اليوميه.نعم للحياد الإيجابي، فالواقع العربي تاريخياً، قد أرهق الأردن والأردنيين، وكل منهم هو في شأن يغنيه، ليس إدارة ظهر لشقيق، بل إلتزام بقضاياهم وفق طاقاتنا وقدراتنا، والأردن القوي بمواطنيه هو قوة لهم.نعم لتفرغ الأردن بحياده الإيجابي، نحو إيجاد الحلول، وقبل نفاد صبر الناس على واقع مرير في ظروف حياتهم ونوعية خدمات لا تليق بكرامتهم، مؤكدبن، بأن الأردن القوى، قوة للعرب وقضاياهم، والأصل أن تنبع قوة الأردن، من قوة مواطنيه بعيش كريم وثقة بدولة تقوم على خدمته.
الشناق يكتب: الحياد الإيجابي للأردن والتفرغ لشؤونه الدخلية والتزام بالثوابت
مدار الساعة ـ