كلنا لاحظ في السنوات الأخيرة تراجع شعبية مجالس النواب، مجلس بعد مجلس، بالتزامن مع تراجع نسب المقترعين في الإنتخابات النيابية حتى وصلت نسبة الإقتراع إلى ربع عدد الناخبين الذين يحق لهم الإنتخاب، حيث يعتبر المجلس النيابي التاسع الذي تم انتخابه في عام ١٩٨٩ بعد استئناف الحياة السياسية النيابية والديقراطية بعد تجميد الإنتخابات لمدة وصلت لحوالي ٢٢ عاما من أقوى المجالس النيابية من حيث الأداء، ومن حيث نزاهة الإنتخابات، كما أن قانون الإنتخاب آنذاك يعتبر من أفضل القوانين لأنه كان على نظام تعدد الأصوات، ومنذ ذلك المجلس ولغاية تاريخة تراجع أداء المجالس النيابية الواحد تلو الآخر، وبدأت شعبيتها وسمعتها أمام الناخبين بالتشوه، لدرجة أن جلالة الملك عبدالله الثاني لجأ الى استعمال سلطاته الدستورية في عامي ٢٠٠٧ و ٢٠١٠ بحل المجلسين بعد سنتين من بدء ممارسة عملهم، وقبل إكمال مدتهم الدستورية وهي أربع سنوات، حتى أن القوانين التي تعاقبت وتم تعديلها أو تغييرها لم تلقى قبولا لدى الشارع بكافة أطيافه السياسية والإجتماعية، وهناك العديد من الأسباب لتراجع شعبية المجالس النيابية، والتي تدفع المجتمع بشكل عام والناخبين بشكل خاص الى المطالبة بحل هذه المجالس النيابية، وباعتقادي أن من أكثر الأسباب المؤدية الى تراجع شعبية المجالس النيابية، هو تلون بعض النواب في مبادئهم التي نجحوا على أساسها، وتراجع وتغير البعض الآخر عن برامجهم وطروحاتهم خلال الحملات الإنتخابية، أو خلال مسيرتهم السياسية طوال السنوات السابقة، فهناك بعض النواب تفاجأ الناس بأدائهم وطروحاتهم بعد نجاحهم ودخولهم النيابة، وانقلابهم سلبا ٣٦٠ درجة عما كان ينظرون به في السابق، وبالعكس هناك من النواب من انقلب ٣٦٠ درجة ايجابا في طروحاته نحو الأفضل داخل المجلس، ولذلك اختلط على الناخب من يختار من المرشحين، ولم يعد يثق بكافة النواب، والمأساة أن من يتغير ويتراجع وينقلب على مبادئه سلبا يتجه الى أقصى اليمين لدرجة تصل أنه يخاوي الحكومة ويصبح حكوميا أكثر من الحكومة نفسها ويصل به الأمر الى أن يدافع عن الحكومة ورئيسها أكثر من دفاعها عن نفسها، وينسى أو يتناسى دوره الدستوري المتمثل بالرقابة على أداء السلطة التنفيذية، ومثل هؤلاء النواب أكثر خطر على المجلس وسمعته وصورته من النواب الموالين منذ البداية للحكومة، وهذا ينعكس سلبا على أعداد المقترعين في الإنتخابات، بما يؤثر سلبيا على نسب الإقتراع وتراجعها من مجلس لآخر حتى وصل الأمر أن وصل عدد المقترعين في آخر إنتخابات نيابية لحوالي الربع، النائب الحقيقي والسياسي الحافظ لدرسه يجب أن يكون أداؤه متزنا حسب كل حاله، يعرف متى يكون معارضا ومتى يكون مواليا، فلا تكون المعارضة لديه نهجا دائما ووظيفة تأخذ منحنى العدمية، ولا يكون مواليا تكون الموالاة لديه عمياء يتخذها نهجا ثابتا تصل الى درجة أن يصبح موظفا لدى الحكومة من أجل بضع خدمات أو مكتسبات يحققها لنفسه، فالدولة بحاجة الى الطرفين الموالاة والمعارضة ولا تقوم وتستمر بدونهما، لأن الديمقراطية لا تقف إلا على ساقين، ساق الموالاة، وساق المعارضة، فإذا انتفت أحدهما أصبحت الديمقراطية عرجاء تسير بقدم واحدة، وهنا لا يستقيم نهج الديمقراطية والأحزاب السياسية في الدولة. والدولة التي لا يوجد بها معارضة يتفشى بها الفساد بكل أشكاله ومظاهره ولا تتقدم قيد أنملة.
النائب الذي يسيء لصورة مجلس النواب
مدار الساعة ـ