في اللحظة التي يتصارع فيها الفرقاء السياسيون على قانون حقوق الطفل, جرى خنق اطفال مرة وقتلهم بادوات راضة مرة سابقة ومحاولة القائهم من الاسطح العالية نجح الامن في ايقافها مرة ثالثة, في ظاهرة باتت مكرورة وليست طارئة على مجتمعنا, الذي شهد ثلاث جرائم قتل من اباء وامهات خلال اشهر قليلة اودت بحياة ست ضحايا, اربع منهم في عمر الورد, دون ان نسمع كلمة واحدة من النائحين على حقوق الطفل, ودون ان نرى فعلا واحدا من الجهات الرسمية المسؤولة, فالكل صامت على دوامة العنف التي تجتاح البلاد والعباد, والتي تفجرت عنفا شديدا في الاسابيع الاخيرة وكانت نهاية الاسبوع الفائت صادمة بكل معنى الصدمة.
سأقف ويجب ان نتوقف جميعا امام الجريمة الاخيرة, وخنق طفلين بيد الام, لأن هذا خارق لكل نواميس الطبيعة والفطرة, فقوة الام في حماية اطفالها اقوى من اي الة عسكرية, وصبرها من اجل اطفالها يقارب صبر ايوب عليه السلام, طبعا هذا لا يقلل من جريمة الاباء في قتل اطفالهم, حتى لو قبلنا منطق النائحين بالشكوك حول بيولوجية الاب, فهذا يمكن التشكيك بأنه الاب, فماذا عن الام, هل يمكن التشكيك بامومتها؟ لذلك يجب الوقوف بصلابة, على الدوافع والمقاربات العلمية الاجتماعية والاقتصادية, لأن هذا خرق لنواميس الكون والطبيعة, ويجب التعامل معه بوصفه اعلى من خرق امني تقوم لاجله الدنيا ولا تقعد, لان هذه جريمة ليست خارقة لمنظومة الامن القومي والوطني بل خارقة لكل قوانين الطبيعة والدساتير الوضعية.هذه ليست جريمة طارئة او منزوعة السياق, ومجتمعنا لم يعد ذاك المجتمع الذي يتغنى به الساسة ورجال الدين والوجهاء, فجرائم القتل الاسرية ترتفع كما ونوعا, واخفاء الرأس في الرمال لم يعد يخفي عوراتنا, نستقبل ملايين اللاجئين, ونضغط على كل بنيتنا التحتية من قطرة الماء الى مقعد المدرسة, ثم نقول ان مجتمعنا بخير, تفتك بنا البطالة وتوابعها من فقر وجهل, ونتغنى بالمجتمع, لدينا اكثر من مليون عامل وافد مقابل 400 الف عاطل عن العمل, ونرقص في حفلات التخريج الثانوية والجامعية, ونقول ان مجتمعنا بخير, نعتدي على كل القوانين من قانون السير الى قانون التدخين في الاماكن العامة الى قوانين الحماية الوطنية ونقول اننا بخير, لا لسنا بخير ايها السادة.الفضاء العام الاردني مخطوف ومختطف, مخطوف من مروجي الاشاعات والسواد وسط صمت رسمي مريب, ومختطف منذ سنوات من طبقة سياسية واقتصادية لا تشبع وترفض التخلي عن مكتسباتها,ولذلك عمّ السواد وباتت النائحة اكثر تصديقا, من الثكلى على الطفولة, رغم اننا لم نسمع صوتا واحدا تحت القبة البرلمانية او القباب الاخرى ينادي بضرورة مراجعة التشريعات والاوضاع الاجتماعية في البلاد, لم نسمع دعوة واحدة لدوافع الجرائم الاسرية السابقة, وما جدوى ودور المجتمع المدني ومؤسساته .يا سادة لسنا بخير, بعد ان وصلت الام الى خنق اطفالها.omarkallab@yahoo.com