اخبار الاردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات احزاب وظائف للاردنيين رياضة أسرار و مجالس مقالات مختارة مقالات تبليغات قضائية مناسبات جاهات واعراس مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة كاريكاتير رفوف المكتبات طقس اليوم

انتظروا.. العملاق الصيني القادم


م. مهند عباس حدادين
خبير ومحلل استراتيجي في السياسة والاقتصاد والتكنولوجيا

انتظروا.. العملاق الصيني القادم

م. مهند عباس حدادين
خبير ومحلل استراتيجي في السياسة والاقتصاد والتكنولوجيا
مدار الساعة (الرأي) ـ نشر في 2022/07/26 الساعة 01:47
يبدو أن الحرب الروسية - الأوكرانية أعطت الدروس الكافية لدول العالم وخصوصاً الدول العظمى، فهناك من كان يدير الحرب بالوكالة كالولايات المتحدة الأميركية وهناك من كان يتفرج ويراقب كالصين يبدو أن السيناريو اختلف لان المستهدف الرئيسي كان الصين لاستدراجها للدخول في هذه الحرب من خلال حليفتها روسيا أو تقديم الطعم اللازم لها لالتهام جزيرة تايوان وبالتالي المحاولة لاضعاف اقتصادها لكن ذلك لم يحدث, لقد تحققت فائدة إستراتيجية واحدة لهذه الحرب وهو إضعاف الاقتصاد الأوروبي من خلال تحميله للديون وتباطؤ اقتصاده الذي سيعاني منه لسنوات قادمة ناهيك عن إمكانية تفككه وبوادر ذلك السقوط المدوي لعملته اليورو.
لقد تراجع محور أوكرانيا وحلفائها الإميركيين والأوروبيين عن فكرة الإطاحة بالاقتصاد الروسي عن طريق فرض عقوبات اقتصادية قاسية عليه وجر حليفته الصين لتلك التبعات حيث ان الحسابات لم تكن دقيقة في المعسكر الغربي, ورأينا مؤخراً التراجع في العقوبات التي فرضت على روسيا من حظر النفط والغاز، وظهرت نتائجها من خلال استجداء ألمانيا لروسيا بإعادة ضخ الغاز عبر خط أنابيب Nord Stream1 بعد ضغط ألمانيا على كندا لإعادة توربينات الغاز التي تم إصلاحها حيث بدأ ضخ الغاز عبرخط الأنابيب هذا إلى ألمانيا, وكذلك فك حصار ليتوانيا عن إقليم كالينينغراد التابع لروسيا،وتخفيف العقوبات عن البنوك الروسية لتصدير السلع الغذائية كالقمح والزيت، وإلغاء الولايات المتحدة حظر الاستيراد عن الأسمدة الروسية.
إن الخوف الرئيسي الآن ومستقبلاً من تصاعد الاقتصاد الصيني, فمن المتوقع أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2030 ليصبح 64 ترليون دولار في المركز الأول عالمياً وبلا منازع, فقد حققت خلال الربع الأول من هذه السنة 2022 أعلى ناتج إجمالي عندما سجلت نسبة نمو 4.8% بينما تراجعت الولايات المتحدة 1.5%, فالصين أخذت تفكر جدياً باكتساح العالم اقتصادياً وتكنولوجياً، وذلك بمحاولة لاستقطاب معظم المشاريع العالمية في دول العالم الثالث عن طريق BOT أو الدخول بشراكات استثمارية مع هذه الدول بعد أن بدأت بتعزيز القطب أو المحور الجديد BRICS والذي يضم خمس دول هي روسيا,الصين,الهند,البرازيل وجنوب أفريقيا, والذي يتوقع أن يصل عدد أعضائه 20 عضواً مع نهاية عام 2023 وأهم أهدافه الاستغناء عن التداول بالدولار خلال التعاملات النفطية والمبادلات التجارية واستبدالها بالعملات المحلية لكل دولة من دول الأعضاء, ومحاولة إيجاد طريقة دفع جديدة خاصة بهم بدلاً عن SWIFT، إضافة إلى أن الصين بدأت بإنشاء خطوط طرق برية وبحرية عالمية لإيصال منتجاتها إلى الأسواق العالمية وهو ما يعرف بطريق الحرير الجديد أو بما يُعرف باسم «الحزام والطريق"وتشارك فيه 123 دولة.
لقد توجست الولايات المتحدة من هذا التوسع في الاقتصاد الصيني والصعود السريع له،وما تقدمه من إغراءات لدول العالم ومن ضمنهم أصدقاء وشركاء قديمين للولايات المتحدة الأميركية, فكان الأمر المتخذ على مستوى الرئاسة الأميركية عندما قام الرئيس الأميركي بايدن بزيارة للشرق الأوسط والتقى برؤساء 9 دول عربية للتأكيد عن دعمهم والإبقاء على التعاون الاقتصادي والعسكري خوفاً من اتجاههم للمارد الصيني فطرح مشاريع الاتصالات المتقدمة الأميركية من الجيل الخامس 5G وما يتبعه من الجيل السادس6G, ومشاريع الطاقة الأميركية والتسليح الأميركي لتلك الدول, وكذلك إصرار بايدن على لقاء زعماء القادة الأفريقيين في شهر تشرين الأول القادم من هذا العام في أفريقيا للتأكيد على دعمهم وعدم انجرارهم وراء الصين.
إن السماح للصين بالتمدد الاقتصادي تجاه العالم سيمكن العملة الصينية اليوان من السيطرة على الاقتصاد العالمي خلال العقد القادم، وستصبح من الاحتياطات الرئيسية لدى البنوك المركزية في دول العالم وبنسبة قد تصل إلى 50%، ولذلك فإن ترتيب الحسابات المستقبلية والإستراتيجيات العالمية والتحالفات الجديدة ستتغير وأتوقع بتقديري أن تعمل الولايات المتحدة على سلخ روسيا من حليفتها الصين وذلك بتسهيل انضمام روسيا إلى الاتحاد الأوروبي في المستقبل القريب ليقف هذا الاتحاد سداً منيعاً أمام الاقتصاد الصيني بعد التنسيق مع الولايات المتحدة الإميركية لكبح جماح الاقتصاد الصيني ليتحقق المثل القائل «عدوي اليوم صديقي في الغد».
إننا في الأردن نتيجة لموقعنا الجيوسياسي المهم، وسياستنا الحكيمة بفضل قيادتنا الرشيدة تُحتّم علينا دوماً الوقوف على نفس المسافة من هذه الدول المتصارعة لتحقيق المكاسب التي تخدم مصالحنا وتحقق أهدافنا.
mhaddadin@jobkins.com
مدار الساعة (الرأي) ـ نشر في 2022/07/26 الساعة 01:47