مدار الساعة - كتب: فايز الفايز
وصل الرئيس الأمريكي جوزف بايدن الى الشرق العربي، وقبل انضمامه للاجتماع العربي في جدة، كان بايدن محفوفا بالاهتمام عالي المستوى في دولة الكيان الإسرائيلي، بايدن كما رؤساء أمريكا منذ ستين عاما يمتطون الطائرة الرئاسية " إير فورس 1” ذات اللونين الأزرق والأبيض، وبايدن ايضا جاء على متنها الى بلاد العرب، ولكن ما المميز في هذا؟ المميز هو ربطة العنق التي طالما ارتداها الرؤساء الأمريكيون في لقاءاتهم مع الزعماء الصهاينة، وقد يكون الرئيس السابق دونالد ترمب هو الوحيد الذي خالف أعراف ربطة العنق لأنه يعشق اللون الأرجواني كجمهوري، ولكن في دولة الاحتلال لا يكاد أحد من مسؤوليها بلا ربطة عنق زرقاء، فهي تقليد تاريخي مرتبط بالتاريخ المزعوم.الربطة الزرقاء على القميص الأبيض هي تأشير الى علم الكيان الإسرائيلي ( أزرق أبيض ) والنتيجة هي تلك المقولة الكاذبة في تاريخ اليهودية غير المعترف بها حول العالم، أن أرض إسرائيل من الفرات الى النيل، أي أن الاعتقاد عند الكثير من الصهاينة ينص على أن بلاد العرب اليوم هي أرض بني إسرائيل، رغم أن إسرائيل" وهو يعقوب " لم يكن هو النبي الوحيد من ظهر النبي إبراهيم، وليس بآخرهم، ولكن الميزة في قادة الدولة المحتلة هو الحفاظ على إرث الوصايا ومنها إرتداء ربطة العنق الدخيلة على لباس العقائد، لإبراز مؤشر التحدي للوصول الى عموم أرض المشرق العربي تأكيدًا لأرض الميعاد التي يهرفون بها .وللخروج من تفاصيل ربطة العنق الزرقاء، لننظر الى المكاسب التي جاءت على يد بايدن في زيارته الأولى كرئيس للدولة الكبرى للمنطقة، فهو أول رئيس أمريكي يزور القدس الشرقية، ولعل المخطط لرحلته اضطره الى الذهاب لبيت لحم المدينة المقدسة مسيحيا لمقابلة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، بديلا عن رام الله حتى لا يضع إكليلا على قبر الرئيس الأول للسلطة ياسر عرفات، تلافيا لأي هجمة مرتدة عليه من تل أبيب والحزب الجمهوري، وعدم إثارة قضية القنصلية الفلسطينية في القدس، ولكن الأكثر وضوحا هو الخشية من أي حادث أمني قد يحصل في أي لحظة لو تواجد في رام الله في ظل التصاعد المقاوم هناك.بايدن الذي وصف السعودية بأوصاف غير محسوبة العواقب، دفع ثمنا غاليا في تنازله عن تصريحاته السابقة ضد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وكانت الجلبة التي رافقت موعد الزيارة محفوفة بنقاشات متواصلة حول ما إذا كان بايدن سيصافح الأمير أم لا، وهل سيلتقط صورة معه أم لا، وغيرها من التنبؤات غير الحميدة، ولكن بمجرد وصول كبير أمريكا الى جدة، ذاب كقطعة من " الآيس كريم" أمام ولي العهد السعودي، وتواصلت يديهما "بمصافحة كورونا"، وغرق في تفاصيل لم يكن يتوقعها عندما بادره الأمير ابن سلمان بتذكرة عن سجن أبو غريب في العراق " والمذبحة التي وقعت فيها، وعن سجن غوانتنامو، ووسائل التعذيب ضد المعتقلين ممن صنفوا إرهابيين مسلمين، وكذلك عن مقتل الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، وكأن الأمير كان على أتم الاستعداد لارتداء القفازات في جولة متوقعة مع رئيس البيت الأبيض الذي ينتظره خريف مخيف في الانتخابات النصفية، وقد بدا واضحا وضع نسخة من القرآن الكريم على الطاولة بينهما.بايدن يرى أنه فاز بدعم إسرائيل من خلال تهديد إيران بمنعها من الوصول الى القنبلة النووية، ولكنه يريد الجميع أن ينضموا اليه، ولكن لا أحد يريد حربا مع إيران، حتى ما تم الحديث عنه من حلف عسكري عربي إقليمي تبخر فجأة بعد الزيارة، فوزير الشؤون الخارجية السعودي عادل الجبير وبعده وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان نفيا أي خطة لأي حلف عسكري، فيما البيان المشترك بين الرياض وواشنطن تطرق الى حل القضايا المقلقة بعيدا عن التهديد الذي أرعد فيه بايدن ضد إيران سابقا وعدم السماح لها بامتلاك قوة نووية، وهذا ما دغدغ زعماء اسرائيل، ولكنه لم ينطل على زعيم المعارضة بنيامين نتيناهو، فهو ضالع في المعلوماتية حول البرنامج الإيراني، وضرب بالحائط كل تصورات بايدن ولابيد وغانتس، مبديا تأكيده أن إيران ستحصل على القنبلة عاجلا أو أجلا.النتيجة، لم تفلح ربطة بادين الزرقاء في دعم واضح أكثر من الدعم التاريخي لأي رئيس أمريكي يتعهد بحماية الكيان، وكسبت الرياض جزر ايران وصنافير، بعد رفع الفيتو الاسرائيلي، مقابل السماح بالطيران الدولي عموما، واعلانها رفع كميات النفط حتى ثلاثة عشر مليون برميل يوميا، بعدما كانت عشرة ملايين برميل، منها سبعة ملايين للتخزين الداخلي، ووقعت مع الطرف الأمريكي اتفاقيات متعددة، وسيعود بايدن الى واشنطن ليواجه مشاكله من جديد، فلا أحد يريد حربا مع روسيا ولا الصين ولا إيران .. فماذا نحن فاعلون؟ Royal430 @hotmail.com
ما سرّ ربطة عنق 'بايدن' الزرقاء..
مدار الساعة ـ