اخبار الاردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات احزاب وظائف للاردنيين رياضة أسرار و مجالس مقالات مختارة مقالات تبليغات قضائية مناسبات جاهات واعراس مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة كاريكاتير رفوف المكتبات طقس اليوم

هل سيصمد اليورو أمام العملات الأخرى؟


م. مهند عباس حدادين
خبير ومحلل استراتيجي في السياسة والاقتصاد والتكنولوجيا

هل سيصمد اليورو أمام العملات الأخرى؟

م. مهند عباس حدادين
خبير ومحلل استراتيجي في السياسة والاقتصاد والتكنولوجيا
مدار الساعة (الرأي) ـ نشر في 2022/07/15 الساعة 00:26
لقد صمد اليورو «Euro» أكثر من عقدين من الزمن وبالتحديد عند إصداره كعملة في 1 كانون الثاني عام 1999 وبسعر 1 يورو= 1.1747 دولار أمريكي, وفي 1 كانون الثاني عام 2002 تم إصدار الأوراق النقدية ليتم تداوله رسمياً من قبل مجموعة الأعضاء (إتحاد اليورو) في الإتحاد الأوروبي وعددها 19 دولة من أصل 27 دولة تشكل الإتحاد الأوروبي, حيث تشكل دول اتحاد اليورو ال19 ما نسبته 85% من الناتج المحلي للإتحاد الأوروبي لعام 2021 والبلغ 17089 مليار دولار حسب البنك الدولي.
احتل اليورو المركز الثاني من العملات الأجنبية التي تحتفظ بها البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم حيث يشكل اليورو 20% من تلك الإحتياطات العالمية من أصل 12 ترليون في نهاية العام 2021.
لقد تقلبت أسعار اليورو بالإرتفاع إلى أن سجلت رقماً قياسياً بلغ 1.5047 دولار في شباط عام 2008, وبعدها بدأ بالإنخفاض ليصل الآن قرابة السعر الذي بدأ عليه عند إصداره وهي المرة الأولى في تاريخه.
هذه الهزة القوية التي تعرض لها اليورو وسيتعرض لها بالمستقبل القريب بتقديري لها أسبابها أهمها:
1) القيادة الألمانية غير المحنكة إقتصادياً وسياسياً والتي تقود اتحاد اليورو بعد خروج المستشارة الألمانية ميركل من رئاسة الحكومة الألمانية العام الماضي بعد توليها مدة 16 عاماً واكبت خلالها اتحاد اليورو, حيث أنقذت المستشارة هذا الإتحاد أكثر من مرة من التفكك, وأقوى هزة تعرض لها اتحاد اليورو كان عام 2010 بعد أن هددت اليونان استقراره بإفلاسها, حيث عملت المستشارة بتجنيب اليونان خطر الإفلاس بقيادتها الذكية للإتحاد, حيث تعتبر ألمانيا أقوى اقتصاد في أوروبا قاطبةً وهي رابع اقتصاد في العالم, بناتج إجمالي محلي بلغ 4223 مليار دولار عام 2021 ويشكل 29.1% من الناتج الإجمالي المحلي لدول اتحاد اليورو والبالغ 14493 مليار دولار لعام 2021, وكذلك الناتج الإجمالي المحلي الألماني أعلى من 15 دولة مجتمعة من دول اتحاد اليورو من أصل 19 دولة.
2) خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي وما تبعه من تعقيدات في التبادلات التجارية والنشاط الإقتصادي مع دول اتحاد اليورو.
3) جائحة كورونا وتوابعها من توقف وانقطاع لسلاسل الإمدادات العالمية والإرتفاع في أسعار السلع.
4) لجوء الفيدرالي الأمريكي إلى رفع الفائدة على الدولار 3 مرات متتالية وهناك أيضاً 3 رفعات أخرى حتى نهاية 2022 مما أدى إلى ارتفاع قيمة الدولار أمام سلة العملات العالمية وخصوصاً أمام اليورو.
5) الاقتصاد الضعيف لبعض دول اتحاد اليورو وغرقها بالديون مما شكل ضغطاً كبيراً على اتحاد اليورو.
6) الحرب الروسية – الأوكرانية وهي السبب الرئيسي والمباشر نتيجة تأثيرها على اتحاد اليورو كما يلي:
- ارتفاع فاتورة النفط والغاز ونقص هذه الإمدادات حيث تحصل أوروبا على 26% من حاجاتها النفطية من روسيا و40% من حاجاتها من الغاز من روسيا أيضاً, وستتعمق هذه المشكلة في فصل الشتاء لزيادة الطلب على النفط والغاز مما سيؤدي إلى توقف مصانع كثيرة عن الإنتاج في منطقة اتحاد اليورو, بالإضافة إلى طلب روسيا من هذه الدول دفع ثمن النفط والغاز بالروبل.
- التهديد بإغلاق المصانع التكنولوجية والتي تعتمد على استيراد الرقائق الإلكترونية والتي تدخل في صناعتها المواد الأولية التي تستورد من روسيا وأوكرانيا بنسبة تصل إلى 70%, كمصانع السيارات الكبرى مثل مرسيدس وبي إم دبليو وفولكس فاجن ورينو, ومصانع المعدات الطبية مثل شركة Siemens وشركات صناعة الأجهزة الكهربائية والطائرات والقطارات والكاميرات ومركبات الفضاء وألعاب الأطفال وغيرها.
- التهديد بخفض إنتاج المصانع التي تستخدم النيكل من بطاريات والفولاذ المقاوم للصدأ أو الإستانلس ستيل وصناعة العملات والأسلاك, لأن روسيا وحدها تعتبر ثالث مصدر للعالم من هذا المعدن بحصة تساوي 10%.
- التهديد بخفض إنتاج المصانع التي تستخدم البلاتينيوم من زجاج ومجوهرات ومعدات المختبرات وطب الأسنان لأن روسيا وحدها تعتبر من أهم مصدري العالم من هذا المعدن بحصة تساوي 15%.
- ارتفاع كلفة التسليح لدول اتحاد اليورو من موازنات تلك الدول والمساعدات اللوجستية والعسكرية لأوكرانيا, حيث ستكون هناك استراتيجية دفاعية مستقلة لرفع الإنقاق العسكري بما لا يقل عن 2% من الناتج الإجمالي المحلي لكل دولة من دول اتحاد اليورو بما يعادل مجموعه 290 مليار دولار من موازنات تلك الدول.
- الكلفة الباهضة لاستضافة اللاجئين الأوكرانيين, وخصوصاً أن نصفهم من الأطفال, ووفقاً لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين يتوقع أن يكون 8.3 مليون لاجئ قد غادروا أوكرانيا بنهاية 2022 وعدد كبير منهم سيتوجهون إلى دول اتحاد اليورو.
- الإنخفاض في معدل السياحة عن المتوقع بعد جائحة كورونا.
- نشوء خلافات سياسية داخلية لبعض دول اتحاد اليورو من قبل الأحزاب المعارضة أدى إلى استقالات لبعض الحكومات.
- نقص في إنتاج المحاصيل الزراعية في بعض دول اتحاد اليورو بسبب الجفاف نتيجة التغير المناخي, وتوقف تصدير المحاصيل الزراعية من روسيا وأوكرانيا.
- ارتفاع نسبة التضخم في دول اتحاد اليورو إلى رقم قياسي حيث وصل في شهر أيار عند مستوى 8.1%.
إن الأسباب السابقة ستؤثر بشكل كارثي على دول «اتحاد اليورو» إذا لم تتوقف الحرب الروسية – الأوكرنية, حيث ستؤدي إلى انخفاض في الناتج الإجمالي لدول اتحاد اليورو، وفقدان ملايين الوظائف وتباطؤ لمعدل النمو السنوي وإزدياد الإرتفاع في نسبة التضخم وازدياد الدين العام لمعظم دول الاتحاد، كل ذلك سيجعل وضع اليورو وتماسكه بين دول اتحاد اليورو صعباً جداً, لذلك سيتجه اليورو إلى الإنخفاض المتواصل ليصبح أقل من الدولار.
رئيس مجلس إدارة شركة جوبكينز الأميركية
mhaddadin@jobkins.com
مدار الساعة (الرأي) ـ نشر في 2022/07/15 الساعة 00:26