فيما تُصاحب الجولة الراهنة للرئيس الأميركي/بايدن في المنطقة, «عاصفة» من التحليلات والتسريبات وخصوصاً بالونات الإختبار وسيل لا ينتهي من التصريحات «الأميركية» المُتضاربة/المُتلعثِمة إن شِئت, التي يطلقها أركان إالرئيس الأميركي الذي تتراجع شعبيته داخل بلاده على نحو غير مسبوق, لأسباب معظمها داخلية تتعلق بالأوضاع الاقتصادية والمعيشية التي تواجهها قطاعات من الأميركيين، برزت في الأثناء مقالة لرئيس المؤتمر اليهودي العالمي/رونالد اس لودر نشرها أحد المواقع العربية باللغة الإنجليزية, في الأسبوع الأول من الشهر الجاري ت?ت عنوان/خطة مارشال للشرق الأوسط. وعنوانها الفرعي «نحو فلسطين جديدة».
ما يلفت الإنتباه في «الشروحات» التي أوردها لودر في مقالته, اعتباره أن رحلة بايدن العتيدة هذه قد تكون «أهم رحلة في تاريخ رئاسته حتى الآن» وفق تعبيره, واستفاضته في الحديث عن «حيوية» منطقة الشرق الأوسط للمصالح الاستراتيجية الأميركية, مُعتبِراً أنَّ زيارة بايدن «تُمثل فرصة أكبر (يجب) أن يأخذها الرئيس في الإعتبار...والتي يمكن أن تحل واحدة من أطول الصراعات التاريخية، لافتاً -لودر- أن الصراع الفلسطيني/الإسرائيلي «يمنع الشراكات القوية والسلام طويل الأمد في المنطقة».هنا... يصرِف لودر النظر عن مسؤولية الطرف الذي يحول دون حل الصراع, ولا يأتي في فقرات مقالته على ذكر الإحتلال الإسرائيلي وارتكاباته وجرائمه العنصرية ومشروعه الإستيطاني/الإحلالي, بل لا يتطرّق للدور الذي لعبته وما تزال الإدارات الأميركية المتعاقبة, بعدما احتكرت لنفسها دور «الوسيط النزيه", ملغية بإزدراء دور الرباعية الدولية خاصة منذ احتضانها «حفل» التوقيع على اتفاق أوسلو إلى يومنا هذا, الذي قال لنا فيه بايدن أكثر من مرة أنه «يؤمن بحل الدولتين كونه يخدم أمن إسرائيل ويضمن لها أن تكون (دولة يهودية ديمقراطية)»، لكن? -وكما يشاركه الرأي ويُعلِن وزير خارجيته/بلينكن- يعتقد أن تنفيذ هذا الحل غير مُتاح في المديّين القريب/والمتوسط، خصوصاً في الوقت الذي يدير فيه رؤساء حكومة العدو الصهيوني ظهورهم لـ"إقتراح» كهذا, ويعلنون المضي قُدماً في مشروعهم الإستيطاني/الإحلالي وخصوصاً تهويد القدس, ومصادرة المزيد من الأراضي وعدم الإعتراف بسلطة رام الله إلاّ في ما يخص التنسيق الأمني وبعض الأمور الإدارية.عودة إلى مقالة/رئيس المؤتمر اليهودي العالمي، يقول رونالد إس لودر, الذي كشف عن جملة من الإجتماعات السِرية/والمغلقة حدثت بين أطراف عديدة في المنطقة بينها إسرائيل بالطبع, أن الوقت الآن «مناسب تماماً لتقديم مبادرة جديدة للفلسطينيين..مبادرة – يضيف – لا يُمكنهم رفضها. لا يلبث أن يطرحها على النحو التالي: ما أَقترحه هو (خطة مارشال) التي من شأنها أن تقدم لـ"الجيل القادم» من الفلسطينيين مُستقبلاً مليئاً بـ"الثروة والنجاح والإعتماد على الذات»، بدلاً – يَمضي قائلاً – من الآفاق الكئيبة للماضي.ثم وبعد أن يذهب في مديح خطة مارشال «الأصلية» التي سُميت على اسم وزير الخارجية الأميركي/جورج سي مارشال, لإعادة بناء أوروبا المُمزَّقة بعد الحرب العالمية الثانية، يرى – لودر – أنها كانت أَنجح"مبادرة للسياسة الخارجية في التاريخ.يأخذنا هذا اليهودي/الصهيوني الداعم بلا حدود للمشروع العنصري/الإستعماري في فلسطين إلى صلب «المبادرة» التي يطرحها, والتي أعاد تسميتها باسم «مارشال", ولكن هذه المرة للشرق الأوسط بل خصوصاً للجيل القادم من الفلسطينيين, مُسترشِداً بالأساس المالي السليم الذي وُضعت عليه خطة مارشال الأوروبية, أي أنه المبادرة الجديدة للفلسطينيين التي» لا يُمكنهم رفضها»..قائلا: يجب أن تُركز على إنشاء الشركات الصغيرة وبناء المنازل والفنادق والمطاعم, وخلق فرص عمل التي من شأنها أن تُوفر مُستقبلاً إيجابياً «للجيل القادم", مُضيفاً في لعبة?استذكاء واستعلاء وطمس لحقائق وأُسس الصراع «يمكن منح مبلغ ثابت من المال لرواد الأعمال الشباب لإنشاء أعمال تجارية جديدة, والتي (يَشترِط) سيتم مراقبتها عن كثب.قائلاً أيضاً: إذا ثبت أنها قابلة للحياة ولكنها تحتاج إلى دعم مالي «بعد عام", فيمكن إعطاء دفعة صغيرة أخرى. بعبارة أخرى – والقول له – تزويد الفلسطينيين بكل الأشياء التي جعلت إسرائيل والدول الأخرى قادرة على البقاء مالياً, والتي من شأنها أن تساعد في إنشاء (فلسطين جديدة وناجحة).ما هي «فلسطين الجديدة الناجحة»..هذه؟، ما هي حدودها وسيادتها, مصير المستوطنات والقدس واللاجئين؟ وما سُمي ذات يوم قضايا/ملفاّت الحل النهائي وخصوصاً حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني على ترابه الوطني؟لا يقول لنا لودر ذلك عن قصد وسابق إصرار، كونه لا يتحدّث في ثرثرته هذه سوى عن «الحل الاقتصادي» الذي كان روّج له شمعون بيرس ووُجد بين ظهرانينا مًن يتبّناه مِن أسف.kharroub@jpf.com.jo