غادر مروان الحمود الحياة, ولكنه لن يغادر القلب ابداً...
للعلم هذا الرجل حين كنت اتحدث معه, كنت يجب أن أضع أذني بالقرب من فمه.. لأنه يتحدث همسا, ومع ذلك كانت النخلات تسمع صوته, وزيتونات السلط.. ونبع الماء في وادي شعيب, وقلبي... وكانت حجارة الجبال في العيزرية هي الأخرى تنصت له..في اخر مرة لم يكمل حديثه, قال لي: افتح هالشباك.. لأن كلامنا كان من نار وغضبنا كان بحجم الجمر, ومروان... أراد أن يغرق في تأمله, وأنا ابتعدت عن الشيخ قليلا, قلت في داخلي: اتركوه مع قلبه يستمع لدقاته... واتركوه مع شيباته يستعيد عبرها العمر والسلط.. وما تركه الزمن من ندوب في الذاكرة وفي العمر.هو شيخ بمعنى الكلمة وبحجم الموقف, وبصلابة الجبل.. وبحنان النسمة السكرى إن مرت على الوجه في صيف السلط الحنون... هو شيخ على مستوى البلد كلها وليس على مستوى السلط وحدها, لأن الأردني أحبه كثيرا.. فقبل أن يبني بيته في السلط, بنى مداميك الوقار في مؤسسة الزعامة التي ترأسها.. وقبل أن يزرع الشجيرات على مدخل الدار, زرع كل سجايا الرجولة والتسامح والكبرياء في زنده.. ومروان الحمود هو الذي جمع الناس كلهم, لم يفرق بين منبت ومنبت بين جغرافيا وأخرى.. بين عشيرة وعشيرة, حتى شعره الغزير الجميل لم يجعل المشط يقيم به خطا أو حاجبا بين خصلة وأخرى... لأنه ولد هكذا دولة من الحب ودولة من الصفح.. ودولة من الحنان والحياة... كان يجمع ولم يفرق أبدا.أنا لا أرثيه, ولكني أرثي صفحات الهوية الوطنية الأردنية, التي ذبلت واحدة منها... كان تعبيرا صادقا عن مجتمع العشيرة, عن معنى (الشيخة)... وعن الهوية, وكنا نحبه لأنه تجلياتها.. ويمثلها بكل ما تقتضي المرحلة من صبر وثبات وصلابة...حزينة هي السلط, وكل المدن حزينة... فقد غاب من كان صورة صادقة ومعبرة عن الشخصية الوطنية الأردنية الصارمة, والقائدة... والتي يحتاجها الوطن, في لحظاته العصيبة... غاب الرجل الذي كان مثل الجبل.. صلبا, عصيا, شامخا... غاب مروان الحمود.Abdelhadi18@yahoo.com