عن أبى هريرة، رضى الله عنه، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين، رواه البخارى ومسلم، وقال ايضا: أتاكم شهر رمضان، شهر مبارك، فرض الله عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين، وفيه ليلة هى خير من ألف شهر، من حُرِمَ خيرها فقد حُرِم. ولكن يتبادر للذهن هل جميع الشياطين وجميع مردتها (ذكوراً وإناثاً) يصفدون في رمضان؟ إختلف العلماء، البعض قال: نعم، وآخرون قالوا: لا والله أعلم.
ويتبادر للذهن أن الله ورسوله زودا المسلمين بقراءة آيات من القرآن الكريم تصرف شياطين ومردة الجن، كالإستعاذة من الشيطان الرجيم وقراءة آية الكرسي وغيرها. ولكن السؤال الأهم هو: هل نستطيع أن نصرف شياطين الإنس (ذكوراً وإناثاً) الذين هم أخطر وأدهى وأمر علينا من شياطين الجن؟، فالإجابة: تعتمد على مدى قدرة بعض الأشخاص على التحكم بكظم غيظهم وغضبهم عليهم بالصبر والعفو عند المقدرة (وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُون، الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ، وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (الأنعام: 112، آل عمران: 134، البقرة: 45 و 153)). وخطرهم وضررهم كبيرين لأنهم ينتشرون بيننا وكأنهم حملان وديعة.
ونعرف جيداً أن إبليس عادى سيدنا آدم وزوجه وأخرجهما من الجنة منذ بداية هذا الكون غيرةً وحسداً وتكبراً (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ، قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ، ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (البقرة: 36، الأعراف: 16 و 17)). هذا علاوة على أن كل إنسان له قرين كافر وهذا القرين يأمر صاحبه بالشر وليس بالخير إلا قرين رسول الله عليه الصلاة والسلام فأعانه الله عليه وأصبح مسلماً، كما قال الرسول: ما مِنكُم مِن أحَدٍ، إلَّا وقدْ وُكِّلَ به قَرِينُهُ مِنَ الجِنِّ، قالوا: وإيَّاكَ يا رَسولَ اللهِ؟ قالَ: وإيَّايَ، إلَّا أنَّ اللَّهَ أعانَنِي عليه فأسْلَمَ، فلا يَأْمُرُنِي إلَّا بخَيْرٍ. فلما تقدم نُحَذِّر إخواننا المسلمين في جميع بقاع الأرض من شياطين الإنس الذين ذكرهم الله في الآية 112 من سورة الأنعام وذكرهم قبل شياطين الجن لعظم ضررهم وخطرهم على الناس وبالتأكيد قرناءهم من أشد الجن كفراً ولا يدعوهم إلا بالشر. وتجد أكثرهم ممن يصلون في المساجد ويحجزون لهم أماكن في الصف الأول وخلف الإمام معتقدين أن صلاتهم خلف الإمام تساعدهم على مغفرة ذنوبهم الكبيرة وغيرتهم وحسدهم ومكرهم وخبثهم ودهائهم وإثارتهم الفتن بين المصلين الآخرين في رمضان وفي العشرة الأواخر منه وفي العشرة الأوائل من ذي الحجة وكلما تسنح لهم الفرص. فإحذروهم وإنتبهوا لهم لأنهم لا يظهرون أنفسهم بل يثيرون الفتن والمشاكل بالسر ويوصفون بضعاف الشخصية ويشبهون بأفاعي التبن يلدغون وينفثون سمومهم القاتلة في الآخرين ويختبئون. وحتى يتخلص المسلمون الصالحون منهم عليهم بضربهم على رؤوسهم لأن الأفعى لا تموت بقطع ذيلها لأن سُمَهَا في رأسها وليس في ذيلها.