مدار الساعة - رأى المُستشرق الإسرائيليّ، د. إيدي كوهين، أنّ رياح الحرب التي تهب بين السعودية وقطر، فضلاً عن التخريب الإيراني، تزعزع استقرار دول الخليج العربيّ، لافتًا إلى أنّ ممّا يزيد الأمور سوءاً أنّ الحالة الاقتصادية، التي تفاقمت في السنوات الأخيرة بسبب قرارات غير مشروعة، تثير المخاوف من الانتفاضات الشعبية والاضطرابات الواسعة الانتشار.
وشدّدّ في دراسةٍ نشرها على الموقع الالكتروني لمركز بيغن-السادات في تل أبيب، على أنّ هذه الأزمات الداخليّة يُمكن أنْ تؤدي إلى “ربيع عربي” جديد قد تسقط فيه بعض الأنظمة الخليجيّة، وأنّ الفائز الرئيسيّ هي إيران، التي فتحت الأزمة الحالية، جنبًا إلى جنب مع المقاطعة المفروضة على قطر، الطريق إلى استيلاء على البحرين، وإيران بالفعل، استولت على بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء.
وتابع: شهد الاقتصاد السعودي تدهورًا غير مسبوق في السنوات الأخيرة، مُشيرًا إلى أنّ استمرار تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية، والمساعدة الضخمة لمصر منذ تولي عبد الفتاح السيسي السلطة، وتكلفة تمويل الحرب على اليمن، وبالطبع المساعدات الكبيرة المقدمة إلى المتمردين السوريين، سيؤدّي لأضرارٍ جسيمةٍ على الخزانة العامّة للرياض.
وبصرف النظر عن التأثير على سكانها، أضاف المُستشرق الإسرائيليّ، فإنّ الوضع الاقتصاديّ في السعودية سيؤثر أيضًا على دول الخليج الأخرى، وخاصة البحرين التي تعاني من أزمة عميقة خاصة بها، حيث تقوم طهران بتمويل منظمات شيعية بالأموال والأسلحة بهدف زعزعة استقرارها.
وبرأيه، استغل الإيرانيون صعوبات الرياض والبحرين على وجه السرعة، زاعمًا أنّه منذ وقت ليس ببعيد، أحبط السعوديون هجومًا بالقرب على الأماكن المقدسة في مكة المكرمة، مُعبّرًا عن إمكانية تصاعد التخريب الإيرانيّ إلى درجة السعي إلى زعزعة استقرار المملكة، كما تفعل في البحرين، من خلال تفعيل الميليشيات المسلحة داخل أراضيها.
بالإضافة إلى ذلك، فإنّ إيران الشيعيّة تُساعد قطر، التي وفقًا للخطة السعودية، يجب أنْ تتسول الآن لرفع المقاطعة، وبالتالي فإنّ طهران تدّقُ إسفينًا بين دول الخليج العربيّ وتعزز مكانتها كقوة مهيمنة في المنطقة.
ولفت إلى أنّه لا توجد وجبة غداء مجانية، وتُعتبر طهران الآن منقذة قطر، وعلى الإمارة أْن تكافئها، مُشدّدًا على أنّ المساعدات الإيرانية أضعفت بالفعل الائتلاف السياسيّ والعسكريّ السنيّ الذي كان من المفترض أنْ يُوقف طموحات طهران التوسعية.
علاوةً على ذلك، أوضح المُستشرق الإسرائيليّ أنّ الحالة في الخليج حساسة للغاية. ومن شأن سقوط إمارة ما أنْ يؤدي إلى سقوط الآخرين. وتابع قائلاً إنّ الخليج يخوض واحدةً من أصعب الأزمات الاقتصادية في تاريخه، والتي يمكن أنْ تزعزع استقرار بعض الدول الملكية، وبالتالي فإنّ المظاهرات الغاضبة وأعمال الشغب ضدّ ارتفاع الأسعار والضرائب الجديدة والبطالة المتزايدة، على غرار ما حدث في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريّة في عامي 2010 و 2011، وهي بمثابة الكابوس النهائيّ لأيّ زعيمٍ عربيٍّ، قد تجتاح الخليج، بحسب قوله.
وشدّدّ على أنّ أزمة قطر لم تنته بعد، وخصوصًا بعد رفض الإمارة الشروط التي وضعتها الدول المُقاطعة، وقد أدّى فشل محاولة عزل قطر وإخضاعها لمطالب الدول الأربع إلى إثارة المخاوف من تدخلٍّ عسكريٍّ سعوديٍّ هناك، إلّا أنّ إيران سجلّت العديد من النقاط مع العرب بفضل دعمها للإمارة، مُعتبرًا أنّ هذا هو جزء من لعبة إستراتيجية طويلة الأجل التي تسعى فيها إيران أولاً إلى كسب تعاطف الدول العربية ثم تنشيط الجماعات التخريبية في الخليج.
كما تسعى طهران، بحسبه، إلى الحدّ من النفوذ الأمريكيّ والسعوديّ في الخليج، والاستيلاء على العالم الإسلاميّ بشكلٍ عامٍّ، والاستيلاء على الموارد الطبيعية في الخليج والأماكن المقدسة عبر الوكلاء، على شاكلة الحوثيين اليمنيين المتمركزين على طول الحدود السعودية.
وشدّدّ على أنّه إذا نجحت خطة طهران، سيتم تقسيم الخليج فعليا بينها وبين روسيا، وهو تطور غير مرغوب فيه للغاية بالنسبة لإسرائيل، لافتًا إلى أنّ أزمة الخليج لا علاقة لها بكاملها لإسرائيل، ولكن يجب على تل أبيب أنْ تراقب عن كثب ما يحدث هناك.
وخلُص المُستشرق الإسرائيليّ إلى القول إنّ الوضع الحالي جيّد ظاهريا بالنسبة للولايات المتحدة، وتخلق التوترات المكان الأمثل لتصدير الأسلحة والمعدات العسكرية، ولكن بدلاً من السعي للحصول على أرباح، مهما كانت جوهرية، فإنّ واشنطن ستكون أفضل حالاً إذا عملت على تعزيز الاستقرار في المنطقة، خشية أنْ تسقط في “ربيعٍ عربيٍّ”، على حدّ تعبيره. راي اليوم