انتخابات نواب الأردن 2024 أخبار الأردن اقتصاديات جامعات دوليات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب رياضة مقالات مقالات مختارة مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

رَوى قصّة حياته في كتابٍ باللغة العربية.. تعرّف إلى عمر ابن سعيد، الإمام الذي صار “عبداً” في أمريكا

مدار الساعة,أخبار ثقافية
مدار الساعة ـ نشر في 2022/06/28 الساعة 06:00
حجم الخط
مدار الساعة -يمكن اعتبار عمر ابن سعيد من أوائل المسلمين الذين دخلوا إلى الولايات المتحدة؛ كان عالماً في الدين الإسلامي، بعد أن أمضى 25 سنة من حياته مع علماء الإسلام في إفريقيا، ودرس العلوم الإسلامية.
في العام 1807، أُسر أثناء صراعٍ عسكري وسيق إلى الولايات المتحدة "عبداً". فرّ من "سيّده" الغليظ في تشارلستون بولاية كارولينا الجنوبية، فذهب إلى ولاية كارولينا الشمالية حيث أُسر مرّةً أخرى واشتراه أمريكي يُدعى جيمس أوين.
عاش أكثر من 90 عاماً، وبقيَ "عبداً" لغاية وفاته في العام 1864 بمدينة بلادن الأمريكية.
اشتهر عمر ابن سعيد بمخطوطاته التي كتبها باللغة العربية، إضافةً إلى سيرته التي كتبها في العام 1831، وهي الكتاب الوحيد باللغة العربية الذي يروي التجربة الشخصية لمُستعبَدٍ أمريكي.
الكتاب تُرجم للإنجليزية في العام 1925، قبل أن يختفي المخطوط الأصلي، ثم يُعثر عليه في 1996، ويُعاد ترجمته من قِبل أستاذٍ جامعي متخصّص، أضاف إليه تعليقاتٍ شخصية لتوضيح ما كان يقصده الشيخ في مذكراته.
من هو عمر بن سعيد؟
ولد ابن سعيد في العام 1770، في مدينة فوتا تورو بالسنغال حالياً، وسط عائلةٍ من التجار الأثرياء. تعلَّم اللغة العربية، وحفظ القرآن الكريم، ودرس الفقه الإسلامي، والرياضيات، وعلم الفلك.
أصبح إماماً ومُدرّساً في قريته، قبل أن يختطفه في سنة 1807 مسلّحو قبيلة "بامبارا" الوثنية خلال حربها مع قبائل "الفولان" المسلمة، التي ينتمي إليها "الشيخ عمر"؛ فقامت القبيلة ببيعه لتجار العبيد.
وقد تطرّق عمر بن سعيد، في مذكراته، لتلك الفترة المهمة من حياته، فكتب: "اسمي عمر بن سعيد، ولدتُ بفوتا تورو، ما بين الضفتين (يقصد نهر السنغال)، ودرستُ ببنوندو وفوتا".
ويتابع: "سعيتُ لاكتساب المعرفة وواصلت البحث عنها لمدة 25 سنة، ثم عدتُ إلى بلدي وبقيت 6 سنوات، قبل أن يَقدم إلى بلادنا جيشٌ كبير قتل عدداً كبيراً من الناس. لقد اصطحبوني معهم وساروا بي إلى البحر الكبير، ثم باعوني وسلّموني إلى رجلٍ مسيحي سار بي نحو السفينة الكبيرة في البحر الكبير".
ويقصد عمر بن سعيد بـ"البحر الكبير"، المحيط الأطلسي، الذي يفصل بين قارة إفريقيا والأمريكتين الشمالية والجنوبية.
وتابع " العم مورو"، كما كان يُلّقب بأمريكا، سارداً قصته الحزينة: "لقد أبحرنا لمدة شهر ونصف حتى وصلنا إلى مكانٍ يُدعى تشارلستون، حيث باعني إلى رجلٍ صغير الحجم وهزيل الجسم ولئيم اسمه جونسون. كان كافراً لا يخاف من الله أبداً".
هروب عمر ابن سعيد
ووفقاً لما ذكرته المؤرخة الفرنسية ذات الأصول السنغالية، سيلفيان ضيوف فإنه من المحتمل أن ابن سعيد كان على متن واحدة من أربع سفن أمريكية كانت مليئة بـ"العبيد"، وأبحرت من ميناء سان لويس في السنغال سنة 1807، نحو مدينة تشارلستون بولاية كارولينا الجنوبية، التي تسلّمت آنذاك حوالي 385 من الأفارقة المُستعبَدين.
وبسبب المعاملة القاسية لـ"سيّده"، قرّر ابن سعيد الهروب؛ لكن أُلقيَ القبض عليه بالقرب من مدينة فايتفيل في ولاية كارولينا الشمالية الأمريكية، بعد "شهرٍ واحد من المشي من قِبل رجالٍ يركبون الأحصنة"، كما جاء في سيرته الذاتية.
سُجن عمر بن سعيد "16 يوماً و16 ليلة"، وذلك قبل أن يُباع مرّةً جديدة إلى عائلة أحسنتْ معاملته، شكَرها في مخطوطه "كل ما يأكلونه، آكله. وكل ما يلبسونه، يعطونه لي".
وعن "سيّده" الجديد، كتب: "لم يضربني قط، ولم ينعتني أبداً بألقاب سيئة. فأنا لم أعهد أي ضرر على يد جيم أوين خلال العشرين سنة الماضية كلها".
مالكه "الطيب" هو الجنرال جيمس أوين، شقيق جون أوين، حاكم ولاية كارولينا الشمالية.
سرّ كتابة سورة " الملك" في مقدّمة الكتاب
في العام 2012، قام علاء الريّس، الأستاذ المساعد في الأدب المقارن في جامعة "ييل" الأمريكية بالترجمة الثانية للسيرة الذاتية لعمر بن سعيد إلى الإنجليزية.
فعمر بن سعيد- كما يرى الريّس- قد تعمّد سرد سورة "الملك"، وذلك قصد انتقاد وضعه تجاه مالكيه، والتعبير بشكلٍ استفزازي عن رفضه لوجود أي حق لهم في امتلاكه.
ونفس الرأي تقريباً، أبدته ماري جين ديب، رئيسة قسم إفريقيا والشرق الأوسط في مكتبة "الكونغرس" الأمريكي، التي تملك اليوم النسخة العربية من الكتاب؛ وقالت ديب لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية: "من بين جميع سور القرآن، اختار ابن سعيد هذه السورة. ففي الإسلام كل شيء يخص الله وحده، ولا أحد مالكاً لشيء دونه. إن اختيار تلك الآية مهم للغاية، فهو بمثابة نقد أساسي لحق امتلاك إنسان لإنسان آخر".
صدر كتاب عمر بن سعيد بعنوان "حياة عمر بن سعيد من تأليفه شخصياً" في العام 1831، وكُتب بواسطة حبر الغال الحديدي، واعتمد مؤلفه غلافاً بنياً لحمايته.
ولا يحدد المؤرخون بوضوح سبب كتابة عمر بن سعيد لسيرة حياته، ومن هو الشخص الذي ذكره في الكتاب وأشار إلى أنه هو من طلب منه التأليف، إذ جاء في الكتاب "بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والإحسان من قديم والجود والمنِّ والإجلال والكرم. الحمد لله الذي خلق الخلق لعبادته حتى يرى أفعالهم وأقوالهم".
ويتابع: "من عمر إلى شيخ حنته سألتني أن أكتب حياتي، لا أستطيع أن أكتب حياتي فقد نسيت اللغة العربية، ولا أفهم إلا القليل منها نحويّاً ولغوياً. يا إخوتي سألتكم بالله لا تلوموني، فأنا الآن ضعيف الجسد كذلك".
ووفقاً للأستاذ علاء الريّس، فإنّ "الشيخ حنته" قد يكون إيلي هانتر، من جمعية الاستعمار الأمريكية، وهي مجموعة كانت تشجع "العبيد" المحرَّرين على العودة إلى إفريقيا.
مدار الساعة ـ نشر في 2022/06/28 الساعة 06:00