بعد إهمال وتجاهل استمرّا «22» عاماً, صادقت حكومة العدو الصهيوني أمس على قرار يمنح «هِبة» لقدامى جيش لبنان الجنوبي/المُنحلّ والمعروف بـ«جيش لحد». هذا الجيش الذي أنشأه المحتل الصهيوني عام 1979, بعد عام واحد من «غزوته الأولى» للجنوب اللبناني في آذار1978. اختار لقيادته ضابطاً مارونياً في الجيش اللبناني يحمل رتبة «رائد» اسمه «سعد حداد", ثم كلّفه إعلان تأسيس «دولة لبنان الحرّ» في جنوب لبنان, إضافة إلى قيادة «جيش» قيل أن عديده وصل إلى «6» آلاف عنصر من مختلف الطوائف, بأغلبية مسيحية/مارونية إضافة إلى دروز وشيعة. جي? كان مثابة درع بشرية واقية لجيش الإحتلال الصهيوني في مواجهة المقاومة الفلسطينية, ولاحقاً بعد اجتياح العام 1982 ووصول العدو إلى العاصمة بيروت, أصبح جيش لحد يتلقى ضربات المُقاومة اللبنانية الوطنية والإسلامية/حزب الله.
لم يستمر سعد حداد في قيادة الميليشيات العميلة بعدما قهره مرض السرطان عام 1984 ليتولى قيادة جيش لبنان الجنوبي جنرال ماروني آخر هو انطوان لحد الذي واصل قيادة هذه الميليشيا حتى 25 أيّار 2000، كان خلالها يُعرف بـ «جيش لحد», بعد ولاء مُطلق قدَّمه لإسرائيل وجيشها بالضد من مصالح بلاده وشعبه، مُتفاخراً بجيش العُملاء الذي صنعته استخبارات تل أبيب وجعلت من أفراده وقوداً وجسر عبور لمخططها الرامي تنصيب/زعيم دمية في قصر بعبدا الرئاسي, وهو ما نجحت فيه عندما فرضت انتخاب زعيم الحرب الأهلي/ والمعسكر الإنعزالي/الماروني الذي ?جّر الحرب الأهلية بشير الجميل، لكن مخططها حصد فشلاً وخيبة, باغتيال بشير زعيم الميليشيا الإنعزالية 14 أيلول 1982، ثلاثة أسابيع فقط بعدما فرضت تل أبيب.. انتخابه «رئيساً» للبنان.قصة انهيار جيش لحد وهروب عناصره (وعائلاتهم) إلى إسرائيل, بعد الإنسحاب المُذل وغير المشروط لجيش العدو دون «عِلمِ» عميلهم/لحد معروفة للجميع. زد على ذلك تخلّي قيادة الجيش الإسرائيلي كما قواه السياسية/والإستخبارية عن عملائهم, ما تزال محور استقطاب وسجالات في الداخل اللبناني, خصوصاً بعد تنكر المؤسستين العسكرية/والسياسية الصهيونية لهم وما لاقوه من إذلال ومهانة دفعت بعضهم للإنتحار, فيما آثر غيرهم مغادرة إسرائيل نحو أوروبا التي لم تفتح أبوابها لمعظمهم، وعاد بعضهم الآخر إلى لبنان ليواجه محاكمة عسكرية كانت هي الأخرى ?وضع خلاف لبناني أفقي وعامودي, خاصّة بعد انحياز رأس الكنيسة المارونية لهم ودعوته إلى عدم محاكمتهم أو اتهامهم بالخيانة وغيرها من التبريرات التي ترى في «الخيانة وُجهة نظر».المهم...استيقظت إسرائيل مؤخّراً بعد سبات استمر لـ«22» عاماً, وقرّرت حكومة بينيت/المُنهارة حصول كل عنصر من «قدامى» جيش لبنان الجنوبي, على مساعدة نقدية لإمتلاك منزل تقدّر بـ «550» ألف شيكل(الدولار يساوي 3.41 شيكل)، تُمنح لكل مُستحق بين الأعوام 2022- 2026. بشرط أن يكونوا مُقيمين في إسرائيل, ما يعني أن أقلّية لن تزيد على «400» شخص/عائلة ستحصل على «الهِبة» الصهيونية, خاصّة أن أعداداً لا بأس بها خرجت من إسرائيل باتجاه أوروبا أو عادت إلى لبنان, كان زعيم الخونة انطوان لحد «اضطر» لفتح «مطعم» يقدم الأكلات اللبنانية لكسب عيش?, بعدما لفظته إسرائيل، فيما رفضت فرنسا السماح له الإقامة فيها.ليس مهماً التوقف عند التصريحات المُنافِقة التي أطلقها رئيس أركان جيش العدو الصهيوني افيف كوخافي, بمناسبة منح تل أبيب هبة لـ ِ«إخوته» في السلاح/جنود جيش لبنان الجنوبي الذين - أضاف - حاربوا إلى جانبنا وخاطروا بأرواحهم», كون أن سِجلّ اسرائيل حافل بخذلان ولفظ عملائها, وهم في نظرها يُساوون قشرة ثوم، تماماً كما حدث مع خونة فلسطينيين ارتضوا أن يكونوا في خدمة مُخططات العدو بالضد من مصالح شعبهم وأمتهم, وعندما انسحب جيش الإحتلال من غزّة أدارت لهم ظهرها وتركتهم لمصيرهم البائس.في السطر الأخير...خبر الـ«هِبة» النقدية الصهيونية لقدامى عملائها في جيش لبنان الجنوبي ستثير نقاشاً ساخناً في الداخل اللبناني, بين مَن يستعيد «بطولاتهم» ويرى فيهم «ضحايا» تم التنكيل بهم وبعائلاتهم, وفرصة لمواصلة الدعوة إلى مَنحِهم عفواً غير مشروط وفتح المجال أمامهم للعودة إلى «وطنهم» الأم, وبين مَن يرى أن الوقت لم يفت بعد لعودتهم وتقديمهم للمحاكمة وإدانة من تثبت عمالته للعدو, واطلاق من غُرّر به أو لم يُقدِم على قتل أبناء شعبه وتعذيبهم, من مُختلف الطوائف وليس من طائفة أو مَذهب مُعيّن.kharroub@jpf.com.jo