مدار الساعة -أصدر نواب بريطانيون تقريراً محمَّلاً بانتقادات لاذعة عن تفشي العنصرية في قطاع المساعدات الإنسانية، محذرين من انتشار الأفكار الاستعمارية في المؤسسات الخيرية والحكومية المعنية بالعمل الخيري.
صحيفة الغارديان البريطانية قالت إن "لجنة التنمية الدولية" أشارت في البرلمان البريطاني، إلى أن منظمات المعونات الدولية في بريطانيا تستخدم في مناشداتها العامة خطاباً يقدم المجتمعات التي تخدمها في صورة المجتمعات "العاجزة والمحتاجة"، و"ينزع عن المنتمين إليها كرامتهم"، وتستبطن فكرةً مفادها أن البلدان التي تعمل فيها هذه المنظمات "أدنى منزلة من بريطانيا".نتائج التقرير قالت إن الموظفين البريطانيين العاملين بعقود مع وزارة الخارجية وشؤون الكومنولث والتنمية البريطانية (FCDO)، وأغلبهم من البيض، يحصلون على رواتب أعلى بكثير من الموظفين المعينين من البلدان المتلقية للمساعدات. وكشف التقرير أن الموظف في بريطانيا يتلقى أجراً يزيد بمقدار 10 أضعاف على راتب زميله الأجنبي الذي يعمل في المناطق المحلية.وقال النواب إن التفاوت في الأجور الحكومية ينتشر على نطاق واسع في قطاع المساعدات الإنسانية، بل ويستحسنه بعض الناس.فيما قالت لوريان روبنسون، من شركة الاستشارات الدولية Advocacy Team، لنواب البرلمان إنها تابعت بعض المشروعات التي التزمت معايير الأجور في وزارة الخارجية البريطانية، وفوجئت بأن محترفاً ذا خبرة ممتدة 15 عاماً كان يتلقى أجراً أقل من أجر خريج بريطاني لا تزيد خبرته على عامين، و"هذا مثال على ما يمكن وصفه بأنه سياسة تُفضي إلى عدم المساواة (التمييز) بين الجماعات العرقية".من جانب آخر، قال متحدث باسم وزارة الخارجية والتنمية البريطانية: "اضطلعت الحكومة البريطانية بدور بارز في معالجة الخلل في موازين القوى من خلال الطريقة التي ندعم بها سبل التنمية… ندرك أن السكان المحليين هم من يجب أن يتولوا ترتيب أوجه المساعدات من حيث أهميتها ومستحقيها، والعمل في شراكة مع الآخرين لدعم التنمية".وقال التقرير إن مجالس إدارة المنظمات غير الحكومية والمناصب القيادية العليا فيها، يُهيمن عليها البيض، وتقع مقراتها في البلدان ذات الدخل المرتفع، مثل بريطانيا، ويستند ذلك إلى أوهامٍ مفادها أن العمل أحسن تسييراً في الدول الغنية.من جهة أخرى، قالت تيمرايز خان، وهي متخصصة باكستانية في التنمية الدولية، إن المساعدات أصبحت "وسيلة أخرى للتساهل مع الأفعال العنصرية".كما أشارت خان إلى أن الغرض من المساعدات كان دعم البلدان في إعادة البناء بعد نهاية حكم الاستعمار، لكن الأمور آلت بها إلى أن أصبحت "وسيلة للمستعمرين السابقين لمواصلة السيطرة على معظم مستعمَراتهم السابقة، من خلال إبقاء تلك البلدان في حاجة دائمة إلى مساعداتهم".وقالت خان: "إذا أردنا إنهاء العنصرية في مجال المساعدات، يجب أن نقر بحقيقة أن نظام المساعدات الذي وضعته قوى الشمال، وكل من فيه، يحرضون على العنصرية".فيما طالب التقرير وزارة الخارجية والكومنولث والتنمية البريطانية، ومنظمات المعونة الدولية، بنقل سلطة اتخاذ القرار والتحكم في الموارد إلى المجتمعات التي يعملون فيها. واستنكر التقرير أن معظم القرارات المتعلقة بأوجه إنفاق المساعدات تُتخذ في المقار الرئيسية للمانحين من أوروبا وأمريكا الشمالية. وقال التقرير إن المانحين منفصلون عن المجتمعات التي تُوجَّه إليها المساعدات، وهو ما ينزع عن عملهم الفاعلية.بدورها قالت النائبة سارة تشامبيون، التي تترأس لجنة التنمية الدولية: "إن قطاع المساعدات نشأ لمساعدة المحتاجين، لكنه لن يحسن فعل ذلك إلا إذا عالج الخلل الكامن في موازين القوة الأساسية داخله، وتغلب على كل ما يسمح باستدامة الأفعال العنصرية… فالعنصرية حقيقة قائمة، ويجب التصدي لها على كل المستويات".