انتخابات نواب الأردن 2024 أخبار الأردن اقتصاديات جامعات دوليات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات مقالات مختارة مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

فريحات يكتب: يا رب أنا من الأردن وأنت أرحم الراحمين!

مدار الساعة,مقالات
مدار الساعة ـ نشر في 2017/07/13 الساعة 12:15
حجم الخط

بقلم: محمد خير فريحات

حتى هذه المقولة التي لا أعرف من هو قائلها "الفقر في الوطن غربة.. والغنى في الغربة وطن" لم تعد تنطبق على المغتربين الأردنيين في الخارج وتحديدا العاملين في دول الخليج، حيث أنهم "مضروبين بحجر كبير" بدون فائدة ومن دون كافة المغتربين الاردنيين في أي مكان آخر بالعالم.

فالمواطن الاردني هو أصلا فقير في وطنه، فمن يدفع رسوم 130 ضريبة لحكومة بلاده لا يمكن أن يصبح غنيا في يوم من الأيام! ومن لا يساعده دخله سوى في تغطية كفاف قوت يومه في أحسن الأحوال، لا يمكن أن يكون غنيا! ومن لا يستطيع شراء غير رغيف الخبز لن يكون غنيا!

لذلك، وفوق حالة الفقر التي تلاحق المواطن الاردني، أصبح هذا المواطن غريبا في وطنه، فالوطن لم يعد لنا، لقد أصبح بفعل فاعل موطنا للاجئين من شتى الأصول والمنابت سواء كانوا سوريين أو عراقيين أوليبين أو يمنيين أو غيرهم!

ولم يعد خافيا على أحد أن إستمرار تطور الحياة المعيشية وإرتفاع تكاليفها في دول الخليج العربي، فضلا عن إستمرار إرتفاع الأسعار وإنكماش القوة الشرائية، كل ذلك أدى الى تآكل دخل وإدخار المواطن الاردني وجعله فقيرا في غربته حتى، فتحولت المقولة الشهيرة الى: "المواطن الاردني فقير وغريب سواء داخل الوطن أو خارجه".

ولولا أن الغنى الحقيقي هو غنى النفس وليس المال، لكان حال المواطن الاردني أسوأ بكثير مما هو عليه الآن، ولربما أصبح يحدث نفسه وهو في الشارع كمن فقد عزيزا عليه وأصابه مس من الجنون من شدة حزنه!

فبعد كل هذا التغول من قبل مسؤولي الدولة على جيب المواطن الأردني، وبعد كل هذا التفريط بحقوقه، وبعد أن أصبح في ذيل قائمة الإهتمام الرسمي وعلى مدى سنين طويلة، لم يعد هذا المواطن يملك سوى عزة نفسه، والأنفة والكرامة التي تميزه عن الآخرين وتجعله يلوذ بصمته وقهره وكبته بعيدا عن إظهار كل مظاهر العوز، وبعيدا عن مد يده لمن سرقوا ونهبوا وملأوا جيبوبهم وبطونهم على حساب المواطن وعلى ظهر الوطن!

أصبح المواطن الأردني اليوم مثل شجرة نخيل باسقة صامدة، تخفي وراء كبريائها كل مصائب الزمن وعثرات العابثين، أصبح مثل الشيح والدحنون يتصدى بنفسه وبقدراته الذاتية لكل الظروف الصعبة والأوضاع السيئة المحيطة ببيئته، بل أصبح مثل شجرة زيزفون شامخة لا تنحني أبدا، لكنها تخبئ في أغصانها وخلف أوراقها حزنا عميقا يملئ الكرة الأرضية!

المواطن الاردني ومهما واجه من ظروف وأوضاع غير مواتية، ومهما تعنت الزمان والمكان في ظلمه وعدم إنصافه، سيبقى مزروعا في أرضه، لا ينبت ولا يثمر إلا حبا للوطن، سيبقى مثل قامات السنابل، تطأطأ برأسها قليلا لكنها تفيض بالعزة والخير الوفير، سيبقى حساسا تجاه الوطن، يتألم لآلامه ويتوجع لأوجاعه، سيبقى رغم كشرته العالمية يضحك لضحكاته ويبتسم لأفراحه وأعراسه.

لكن إذا ما إبتعدنا قليلا عن مثل هذا الكلام الرومانسي، فإنني أقولها بكل شفافية وبكل صراحة.. المواطن الاردني سواء كان مغتربا في الداخل أو الخارج، أصبح مثل "بيضات المغربل"، رايحات جايات عالفاضي بدون فائدة، لأن هذا المواطن ببساطة يواجه وضعا إقتصاديا صعبا إذا كان يعيش داخل الاردن، أما إذا كان مغتربا فكل الأعين وسهام الحاسدين والحاقدين ستكون مسلطة عليه، فإذا أخطأته تلك العيون، لا بد وأن يأتي يوما تصيبه عين حرارتها ملتهبة لا يسلم من شرورها أحد..!

هناك طرفه تتجلى كثيرا في تجسيد حال المواطن الاردني اليوم بكل تفاصيلها، تقول: "مواطن أردني كثير الهموم والمشاكل أراد أن يدعو الله، فلم يعرف من أين يبدأ؟.. من قلة الشغل أم إرتفاع الأسعار أم كثرة الضرائب أم الهموم العائلية أم طلبات الأولاد والزوجة التي لا تنتهي أم الفساد والمحسوبية والواسطة أم إنقطاع المياه والكهرباء أم مطبات الشوارع وطرق الموت أم رسوم التعليم والصحة التي تقصم الظهر أم الجيران السيئين أم مشاكل الحارات والجرائم المتفاقمة أم الخاوات أم الزعران بمختلف أصنافهم وأشكالهم..، فإختصر كل هذا القضايا ورفع يديه الى السماء مناجيا الله: "يا رب أنا من الأردن وأنت أرحم الراحمين"!

مدار الساعة ـ نشر في 2017/07/13 الساعة 12:15