مع انتهائنا من الربع الثاني ودخولنا في الثالث من العام الحالي، والذي تفاءل به الأردنيون نوعاً ما، إلا أن ما نلحظه جميعاً تلك أرقام النمو والبطالة وفرص الاستثمار التي ما زالت تراوح مكانها.
من يقترب من الشباب ويعرف أحوالهم دون تجميل يمكنه بسهولة وصف حالهم وبوضوح، ويتأكد بأنهم لا يتفاءلون بوجود أي مؤشرات أو ضوء خافت يمكن أن يوصلهم لنهاية النفق المظلم، كما أن خروجهم من عنق الزجاجة الذي ضاق عليهم كثيراً وعلى الأردنيين لم يعد قريبا إلا إذا كُسرت.الأردنيون بصورة عامة، والشباب بصورة خاصة، يعانون من حالة سلبية كبيرة ناتجة عن سوء الأوضاع الاقتصادية والسياسية. ولو تناولنا الجانب الاقتصادي، فإنه في تراجع دائم منذ ما يقارب الخمس سنوات لأسباب عديدة، منها: اللجوء وأثره وعدم تقديم الدعم المأمول من المجتمع الدولي للأردن لتغطية تكاليف اللاجئين، بالإضافة لانخفاض دعم الأشقاء من الدول المجاورة وانتشار فيروس كورونا. ولا ننسى السبب الأهم ألا وهو تقصير الحكومات المتعاقبة في إيجاد الحلول الجدية لتحسين بيئة الاستثمار، وتخفيض نسبة البطالة وتشغيل الشباب.في السابق، كانت تتمثل معاناة الشباب بعدم كفاية رواتبهم التي بالأصل لا تكفيهم طوال الشهر، بسبب ارتفاع الأسعار وتكاليف الحياة الضخمة، أما اليوم فمعاناتهم تحولت إلى انعدام وجود هذا الراتب لخسارة عدد كبير منهم فرص عملهم، فيما آخرون يعانون من عدم توافر تلك الفرص لا في القطاع الخاص ولا العام أيضاً.نتفهم بأن الحكومة ليس من واجبها تشغيل كل خريج أو عاطل عن العمل، وأن البطالة متواجدة في كل دول العالم، ولكن ليس من المفروض أن تزيد على حدها وبالأرقام الضخمة التي وصلنا إليها، بحيث تتجاوز 30 %. وأصبح لزاما على الجميع العلم بأن الدولة الأردنية لم تعد قادرة على الاستمرار في النظام الريعي الذي كانت تسلكه وتعتمده طوال عمرها وصولا إلى مئويتها الأولى، ولأن الأوضاع في تغير، وهذا ما يحتم على الحكومات إيجاد حلول اقتصادية، وبيئة مساندة لها من خلال دعم القطاع الخاص الذي يجب أن يكون صمام الأمان الاقتصادي للدولة من خلال تبني مشاريع كبيرة وصغيرة، لتكون حاضنة لهؤلاء الشباب المتعطلين والمحبطين وبالتالي تعود نتائجها بالإيجاب على كافة أطراف المعادلة.الحكومة اليوم تقف أمام أزمة تشغيل، مع أن الموازنة خصصت في بنودها ما يقارب 80 مليون دينار للتشغيل، وهذا أمر جيد. ولكن على الرغم من أن الرقم ضئيل جدا، ولكنه بالمقابل، يُعد خطوة جيدة يمكن البناء عليها في المستقبل إذا ما عملت على خلق مشاريع وبرامج تتعلق بالقطاع الزراعي من خلال توزيع أراض على الشباب بشكل عادل، وأن يكون المستفيد من فئة الشباب، بحيث تُؤجّر لهم الأراضي بمبالغ رمزية تعود على الدولة وعليهم بالنفع، وبذات الوقت تنشيط وتحديث ملف التدريب المهني ومحاولة إحلال العمالة والفنيين الأردنيين مكان الوافدة، وبهذا يمكن توفير فرص عمل للشباب الأردنيين والتخفيض من خروج العملة الصعبة.على الحكومة البدء فعلا بالبرامج والمشاريع القادرة على تحسين وتشغيل الشباب، وألا تحوم في فلك التصريحات والبرامج غير المكتملة، والمشاريع التي لا تقدم شيئاً للمواطن والوطن، سواء فيما يتعلق بارتفاع المديونية ونسب البطالة والفقر، لأنه بعد رحيلها ستترحل هذه المشاكل للحكومات المتعاقبة، ما يعني زيادة المعضلة والعقبات إن لم تتمكن الحكومة من إيجاد الحلول الجذرية لها.
ما بين عنق الزجاجة ونهاية النفق
مدار الساعة ـ