المتابعة اليوم تتعلق بأمرين، أولهما ما صدر عن هيئة الطاقة الذرية قبل أسابيع قليلة من تصريحات غريبة متشعبة ((تبشر)) الأردنيين بقرب إنتاج الكعكة الصفراء بكميات تجارية تحقق في الأسواق العالمية أرباحاً تغطي 80% من حاجتهم للطاقة بعد أن تزرع لهم الوطن بالمفاعلات النووية! وكأنها، أي «الهيئة»، تجهل أنهم لم ينسوا بعد وعدها في بدايات أعمالها في ٢٠٠٨ أن الكعكة ستكون في الأسواق عام 2012 وفي الموعد المضروب فوجئوا بأريڤا الفرنسية وهي أكبر شركة عالمية لتعدين اليورانيوم تفر من البلاد ليلاً!
ولم ينسوا كذلك أن «الهيئة» نفسها أعلنت لهم في العام الماضي وقف انشاء المفاعلات النووية حتى عام ٢٠٣٠ دون ان تحترم عقولهم بأبداء الاسباب الحقيقية خلف ذلك، أو تعتذر لهم عن تضييع ثلاثة عشر عاماً من عمر الوطن ومئات ملايين الدنانير من ميزانيته المثقلة بالديون، فكيف تقول الان انها ستزرع المملكة بالمفاعلات؟!أما الأمر الثاني فهو إعلان كبير في صحف الأسبوع الماضي صادر عن ((شركة مجلس اعتماد المؤسسات الصحية/ مساهمة عامة/ لا تهدف لتحقيق الربح)) تدعو مساهميها لحضور اجتماع الهيئة العامة العادي في 20/6/2020 لمناقشة واتخاذ القرار المناسب في تأسيس وتسجيل شركة ربحية مملوكة بالكامل من قبلها لتكون ذراعاً استثمارية للشركة.إذن هي نفسها ((الاعتمادية الصحية)) كما شاع اسمها، والتي سُجلت في دائرة مراقبة الشركات بوزارة الصناعة والتجارة بتاريخ 22/8/2016 ومركزها الرئيسي عمان بموجب نظام اعتماد المؤسسات الصحية رقم (١٠٥) لسنة ٢٠١٦ والمؤسسون هم: (دقّقوا جيداً) وزارة المالية ومستشفى الملك عبدالله المؤسس وجمعية المستشفيات الخاصة ومجلس التمريض الاردني ومديرية الخدمات الطبية الملكية والمهندس سعيد دروزة وريم بدران وريم أبو حسان والدكتور أمجد العريان والدكتور خالد الوزني، وهي نفسها التي اعترضت عليها جميع النقابات الصحية لأنها تغتصب دور الرقا?ة والتفتيش المنوط دستورياً بوزارة الصحة وقانونياً بها وبالخدمات الطبية الملكية وكليات الطب/ الجامعات، والتي دافع عنها البعض بحجج واهية كالقول بأنها غير ربحية، حتى أن نقيب الاطباء دعاني لاجتماع موسع مع رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي في شباط ٢٠١٧ ضم وزير الصحة ونقباء الصيادلة وأطباء الأسنان والممرضين وآخرين، وكتبت عنه في ٧ آذار ٢٠١٧ أن أكثرية الحضور طالبوا الرئيس بوضع حد لتغوّل هذه الشركة على مؤسسات القطاع الصحي العام، وبإبقاء شهاداتها اختيارية لمن يريدها اسوة بمثيلاتها في بعض الدول، وقد أيدهم في مطلبهم كل?من وزير الصحة السابق الدكتور نايف الفايز والدكتور يوسف القسوس مدير الخدمات الطبية السابق ورئيس اللجنة الصحية في مجلس الأعيان يومئذ، وقد وافق الرئيس على ذلك وأوعز لوزير الصحة بمتابعة تعديل النظام بإلغاء الالزامية الواردة في مادة (٦) فقرة (أ و ب). كان ذلك قبل خمس سنوات لكننا اليوم نرى الاعتمادية نفسها تعلن بالخط العريض أنها «شركة» وتنوي تسجيل شركة ((ربحية)) مملوكة لها بالكامل!وبعد.. ألا تعتقدون أن المتابعة ضرورة.. بل واجب؟