اخبار الاردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات احزاب وظائف للاردنيين رياضة أسرار و مجالس مقالات مختارة مقالات تبليغات قضائية مناسبات جاهات واعراس مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة كاريكاتير رفوف المكتبات طقس اليوم

عناق الملك


عبدالهادي راجي المجالي
abdelhadi18@yahoo.com

عناق الملك

مدار الساعة (الرأي) ـ نشر في 2022/06/13 الساعة 02:02
هل شاهدتم البنت التي لوحت بيدها للملك في احتفال مركز الحسين للسرطان؟... أنا شاهدتها ونزف كبدي من اعلاه وحتى مصب «عين سارة» في الكرك, ولكني أمام تلويحة اليد وابتسامتها وانطلاقها للملك.. أيقنت أن خوفنا من إيران غير مبرر... طفلة أردنية هزمت السرطان وارتدت تنورتها وقميصها الجميل ووقفت على المسرح من دون شعر... وابتسمت واحتفلت ولوحت للملك... وهزمت الداء... ايعقل أمام جبروت هذه الطفلة الأردنية.. ايعقل أن نخاف من مليشياتهم؟...
ايعقل أن يرعبنا رغيف الخبز وفاتورة الكهرباء, وترعبنا اقساط الجامعة... وترعبنا غطرسة اسرائيل وطفلة أردنية, مثل زهر اللوز واحلى.. ركضت للملك وعانقته وتحدثت معه, لم ترعبها اضواء المسرح ولا الحرس ولا الناس ولم ترتعب من ربطات العنق ولم تخف.. بل شحذت سيف العافية وعانقت من تحب... وجسدها الجميل ربما حقن بجرعات كثيرة من الكيماوي وربما خضع لعمليات جراحية لا يحتملها الرجال... وربما في ليالي المطر اكتوت بالحرارة, واحتاجت لحضن الأم ولقبلة تطبع على الجبين منها.. تعفيها من كل انواع العلاجات...
انت لست طفلة, تمنيت يا سيدة الغرام كله.. ويا اعلى نخلات العراق, ويا بردى الذي سرى صباحا من شفاه دمشق ومر على الكتفين واستقر بين كفيها.... ويا عنب الخليل, ويا كل عشق اندلع في بر الكرك.. ولم يذبل ولم يمت, تمنيت لو أني ارتقي بكلامي حد (رباط) الحذاء الذي ترتدينه, تمنيت لو أني اصل لهذه الجرأة وهذا الكبرياء, وهذا الجمال كله...
هذه الطفلة اختصرت الأردن, كانت الحب والاحضان.. كانت الوردة التي تقاوم النار, وتأكدي يا صغيرتي يا احلى البنات, ويا عسلا من جنة الله, أن يوما سيأتي وسينبت شعرك الجميل على الكتفين, تأكدي أننا سنشتري لك احلى (البكلات), وتأكدي أن الجيش سيجتمع والتاريخ سيجتمع والأقلام كلها ستجتمع, والتراب الأردني الأغر سيجتمع معهم, فقط لأمر واحد وهو أن يعقدوا لك الجديلة, وسيكون الحناء من كفوف عمان وحدها, لأنك اكبر من طفلة واقرب لمدينة.
لقد اختصرت هذه الطفلة معنى الهوية, اختصرت معنى الصبر, وعلمتنا كيف تنعطف اليد الاردنية على المستحيل وتطويه, علمتنا ايضا أن من يعيشون على هذا التراب, قدرهم ان يبنوا مصانع الفرح, وان يزيلوا ركام الحزن واليأس والتخبط والشكوى من على صدر البلد, علمتنا معنى الأردني, لابل قدمت تعريفا واضحا له.
سحرتني هذه الطفلة, ولو كانت العافية تستعار, لمنحتها من دفقات قلبي, وطويت لها الشجر ملعبا والغيمات مستقرا, ولأقمت لها الف احتفال وكتبت فيها الف قصيدة...
ستكبرين يا سيدتي حتما ستكبرين, وستهزمين السرطان... وستقودين مجموعات هائلة من الشباب في بلدنا, وستقرأين عليهم من تجربتك العظيمة, وتسردين لهم حكاية العناق والقبلة والحب, وكل الذرى في بلادنا ستنتظر صعودك, والنسمات السكرى ستشتاق لخصلات الشعر الجميلة كي تلعب بها.. لا اعرف بماذا سأختم مقالي, ولكني على يقين كامل بأن الطفل الأردني الذي يمتلك إرادة مثل ارادتك حتما سيقهر كل النوائب وكل الأهوال حين يكبر... لقد تعلمت منك معنى الكفاح والصبر, ووجدت تعريف البلد في عيونك فقط, حماك الله يا سيدتي.
Abdelhadi18@yahoo.com
مدار الساعة (الرأي) ـ نشر في 2022/06/13 الساعة 02:02