فيما تزداد حِدة التباينات داخل المعسكر الغربي.. بجناحيه/الاتحاد الأوروبي وخصوصاً حلف/الناتو, في شأن الأزمة الأوكرانية وتداعياتها التي بدأت تترك آثارها على الاقتصادات والمجتمعات الأوروبية, إن لجهة ارتفاع الأسعار/التضخّم أم تصاعد الرفض الشعبي/الأوروبي لبقاء و/أو استمرار تدفق اللاجئين الأوكران, بعد تفاقم الآثار السلبية التي ترتبت على استقبالهم, بكل ما خلّفه ذلك من ارتفاع مستوى الجريمة وبخاصة مسألة الاتِّجار بهؤلاء, سواء في تجارة بيع الأعضاء أم خصوصاً في شبكات البغاء.
تبرز في الأثناء سلسلة الشائعات المتواترة التي وإن اندرجت في إطار «الدعاية» وفبركة الأخبار وبث الأكاذيب التي تتقنها الدوائر الاستخبارية الغربية، خاصة في زمن الحرب والتوترات الدولية والإقليمية، إلّا أنها أيضاً تستهدف من بين أمور أخرى إضعاف ثقة الشعوب بحكوماتها/قياداتها والدعوة إلى عدم الاعتماد عليها, ما قد يُعجّل باندلاع احتجاجات/أو عصيان ريما يفضي إلى إنقلابات عسكرية/أو ثورات مُلوّنة أو أقلّه إطاحة أو شلّ أو إفشال خططها.آخر فبركات دوائرة الدعاية الغربية (اللافت هنا أن مصدر هذه الأخبار المفبركة وليس صدفة بالطبع هو الصحافة البريطانية).. تقول آخر الفبركات المتعلقة برئيسيّ روسيا والصين, أنّ الرئيس بوتين مصاب بسرطان الدم, وأنّه (وفق ما نشرته صحيفة ذي تايمز البريطانية في 15 الحالي) خضعَ لعملية جراحية في ظهره قبل وقت قصير من غزوه أوكرانيا. وكي تُضفي الصحيفة البريطانية على روايتها بعض الصِدقية, فإنّها تنسب إلى مجلة نيولاينز الأميركية قولها: إنّ «أحد» الأثرياء الروس المقربين من الكرملين, ذكر ذلك في «تسجيل» له مع «أحد» المُستثمرين الغربيّين منتصف آذار الماضي.متاهة من «العنعنات» والتجهيل المقصود/والمفبرك لأشخاص يصعب التأكد من وجودهم أصلاً، ناهيك عن صحة وليس فقط صدقية أقوالهم.اللافت في هذه الرواية التي لم ياتِ توقيتها صدفة, خروج رئيس الاستخبارات العسكرية الأوكرانية/الجنرال بودانوف في تصريح تزامَن مع ما نشرته «ذا تايمز» البريطانية حول صحة بوتين، إذ رجّح جنرال الاستخبارات/الأوكراني, توقّف كل الأعمال القتالية بحلول نهاية العام الحالي.. لماذا؟ قال بودانوف لمحطة سكاي نيوز البريطانية (البريطانية دائماً): إنّ نقطة التحوّل في الصراع مع روسيا ستأتي في الجزء الثاني من آب المقبل.. زاعماً هو الآخر أنّ بوتين مريض «بشدّة» بالسرطان، ما سيؤدي - أضاف الجنرال الأوكراني -إلى تغيير في القيادة الروسية.للمرء أن يقرأ السطور وما بينها ليكتشف حجم الأوهام التي يُراهن عليها مُطلقو هذه الفبركات أو أولئك الذين يُجمّلونها/ويراهنون عليها, مستندين إلى دوائر استخبارية أو تسريبات يخترعها كارهو بوتين/وروسيا.. وبالطبع لن يقيم هؤلاء وزناً لـ«النفي» القاطع الذي أعلنه رئيس الدبلوماسية الروسية/لافروف أمس, حول التكهنات هذه، وقوله: لا أعتقد أنّ الأشخاص العقلاء يُمكن أن يروا في هذا الشخص/بوتين مرضا أو اعتلالا».ماذا عن «متاعِب» الرئيس الصيني/شي جين بينغ؟هنا تتقدم أيضاً رواية بريطانية أخرى, روّجتها هذه المرة مجلة/ايكونومست البريطانية التي تُوصَف عادة بـ«الرصينة», إذ قالت في عددها الأخير هذا الأسبوع: أنّ القيادة الصينية تُواجه انقسامات بشأن سياسة الرئيس/شي جين بينغ، إزاء جائحة كوفيد والاقتصاد، أدت/الانقسامات إلى حالة من الاستياء، وذلك -تضيف المجلة- مع شائعات حول صعود الرجل الثاني في الحزب الشيوعي الحاكم, والمقصود هنا رئيس الوزراء الصيني/ لي كيكيانغ. ولم تنسَ الايكونومست «التساؤل».. عمّا إذا كان بمقدور الرئيس الصيني تجاوز «الانتقادات» التي يتعرض لها، قبل انطلاق مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني في الخريف المقبل، والذي يُتوقع (وفق المجلة) أن يُعيد انتخابه رئيساً للبلاد لخمس سنوات أخرى.خلطة درامية متقنة بعناية, وإن كان ينطبق عليها اسم الفيلم الشهير للراحل محمود عبدالعزيز (سمك لبن تمر هندي), تُذكّر المرء بتلك الروايات والقصص التي كانت تواظب وسائل الإعلام الغربية فبركتها ضد الاتحاد السوفياتي, وخصوصاً الحال الصحية لقادته مثل بريجينيف, ورجل KGB السوفياتي الشهير/أندروبوف وغيرهما من رجال الصف الأول... ولن يخرج بوتين (رجل KGBالسابق) عن هذا الاهتمام الغربي بالطبع..وكي تسكب المزيد من السم على تقريرها تختم «ايكونومست» بالقول: من الصعب الحصول على معلومات دقيقة عن وجود «انقسامات» داخل القيادة، في ظل حالة الخوف التي أصابت البيروقراطية الصينية من جراء عمليات التطهير والحملات، فضلاً–تضيف–عن سيطرة الحزب الخانقة على وسائل الإعلام.فتأمّلوا.kharroub@jpf.com.jo