نحتاج في كلّ عام، ليومٍ نبثّه أسرارنا..
إنّه اليوم الأغلى إلى قلوبنا.. يوم استقلالنا الأبهى؛ الذي نُثَمِّن به عاليًا ما أنجزناه، في عامنا الفائت، مُستطلعين إلى عامٍ آخر نبتكر فيه الأفضل، ونُطوّر ما ابتكرناه.وإننا إذ نستذكر ما أنجزناه، فإننا نقف على أسباب ما لم ننجزه، خاطّين (خطّة الطّريق)؛ لاستحداث ما نحتاجه بيننا: تسهيلا، وتطويرًا.وتشير إحداثيات العالم الجديد إلى أهمية استطلاع المُستقبل، ورسم أبعاده، وزواياه، وخطوطه؛ لأنّ مَن يُشارك في رسم مستقبله، يَسْهُل عليه قيادته، كما تشير تلك الإحداثيّات إلى أهميّة الانتقال ببوّابة (الإعلام) إلى مصافّ العالميّة، والإيمان بقدراتنا في تجاوز "التّخطيط من أجل رسم المُستقبل" إلى "ضَمان التّحديث والتّطوير".ومن أجل ذلك اعتنى جلالة الملك عبد الله بتأسيس (منظومة التّطوير والتّحديث) للأردن الجديد.. تلك التي ترتكز على أولويّات، واحتياجات، ويلزمها وجود رجال صادقين يلتفّون حول جلالته؛ مؤمنين بما يرسمه في أقواله قبل أفعاله؛ ويحققون مع جلالته أهدافنا الكبرى؛ لأنّنا نعيش في ظلّ تطوّرات حداثيّة جديدة، وغير مسبوقة، وقد صنعت حالة إعلامية قديمة/ جديدة، وأعني بها حالة (الإعلام المُبالَغ فيه).إنّها حالة تُخالف مبادئ نشأة الإعلام المُتعارف عليها منذ زمن وهي (نقل الحقيقة)، وهو مخالف للواقع؛ فالمُستقرئ لتاريخ الإعلام وحاضره.. يلمس بأنّه كان، وما زال (موظَّفًا)، أي: ينقل ما يريده (الطّرف المُصدِّر)، بعيدًا عن أهمية (تصدير الحقيقة) التي هي من المفترض أن تكون هدفًا رئيسًا من أهداف أيّ مؤسسة إعلاميّة، وكنّا قد رأينا ذلك بشكل مُوازٍ مع الشّحنات الممتلئة من إعلاميي الحربين العالميتين، وما زلنا نراه في إعلام أيّ حربٍ قائمة في هذه الأيام.أمّا في الأردنّ فثمّة حرب من نمطٍ مختلف...إنّها حرب (اتّجاهات، ومصالح): أعني اتّجاهات قُطبَي العالم، (أمريكا وبريطانيا من جهة)، و(الصّين وروسيا من جهة أخرى)، وأعني بالمصالح: تلك التي تتقاطع مع مصالحنا الأردنّية.. ولكنّ الأهم في أن نبقى عزيزين، وفخورين بقيادتنا، وأنفسنا، ووطننا.. وظانين في قائدنا خيرًا وهو القادر على السّير بسفينتنا نحو شاطئ الأمان، وهو الذي يضمن لنا أن نرسو بسفينتنا كلّما ازداد تصاعد وتيرة الأمواج من حولنا!وفي يوم استقلالنا، علينا أن نقيس الأمور بشواهدها..فجلالة الملك يحظى بسمعة عالميّة مرموقة، قلّما يحظى بها غيره من الرّؤساء؛ لأنّه يتمتّع بكاريزما قياديّة صنعتها الخِبرة، وصقلتها الدّربة والدّراية، ولجلالته تاريخ طويل من التّجارب، تملؤه لحظات من مساحات العزّ، والإباء.. والكبرياء.. وكنّا، وما زلنا نلمس هذا أثناء كلمات جلالته، يوم ترأس عددًا من الاجتماعات الدّوليّة، أو تولّى عضوية عدد من اللجان الدّوليّة.ولكم سمعنا جلالته يقود العالم إلى الإنصاف من أجل قضية العروبة الأولى (قضية فلسطين)، ورأينا الكل يقدّر فكره، وفطنته، مع اختلاف مكانتهم، أو مكانهم في العالم، وعلى تعدّد فِكرهم، وتوجّهاتهم، ثم رأيناهم كيف أطالوا التّصفيق لجلالته؛ احترامًا وتثمينًا لأهمية ما قال. إنّ من أهم الأولويّات التي تحقّق أهداف (منظومتنا الأردنيّة المُتماسكة) الالتفاف حول قائدنا: أفرادًا، ومؤسسات، ومنظمات، وهيئات.. نسانده في إنجاز مهمّاته.هذا، وتعدّ [المنظومة الإعلاميّة] من أهم المؤسسات التي من واجبها الوقوف إلى جانب مشاريع جلالته، لأنّ من واجبها نقل الحقيقة المتمثّلة في تعب جلالته؛ ليكون لنا اسم ووجود "فالسّيطرة اليوم ليست بالجيش ولا بالدّبابات.. لكنّها سيطرة إعلام!".لقد رسمت (المنظومة الإعلاميّة الأردنيّة) خطوطًا عريضة لسير برامجها المتزامنة مع التّطوّرات المُذهلة للإعلام في العالم، فقد صدقت حين قلب غيرها الحقائق! وقد نقلت الواقع حين اتسعت روايات الخيال! وهذا ما دعا إليه جلالة الملك حين قال: "إن إعلامنا هو صمّام الأمان لنا، وإنّه الأداة الأكثر صِدقًا من حولنا"، وما زمن الوباء عنّا ببعيد حين التففنا كلّنا حول إعلامنا الصّدوق، وهو ينقل لنا الحقيقة، ولا شيء سواها، ويُنظّم حياتنا، ويحمينا من وباء كان هو الأخطر في تاريخ وباءات العالم، وربما لم ينته خطره بعد!ولم يعد مقبولا أن نفخّم مِن شأن التّقصيرات التي ربما يقع فيها مسؤول من هنا أو مسؤول من هناك، وهو أمر نسبيّ، لا بل لم يعد مقبولا أن تقتصر برامجنا على المُشكلات، بل من الواجب أن تُمجَّد الإنجازات، كما يسعى جلالة الملك إلى أن يكون مركز الأردنّ هو الأول من بين مراكز دول العالم.. وعلى إعلامنا تقع تلك المسؤولية، في السعي لاستقطاب (المَعرفة) ونقلها إلى الأردنيين "كلّ في مكانه"، ومن المهم (التّجهيز الفطريّ) للمواطنين؛ لكي يستقبلوا بثّ تلك المعارف، حيث تؤتي أكلها في المكان، والزّمان المناسبين.فخورون بك يا جلالة الملك، ونحن في عيد استقلالنا، نقدّر تعبك من أجلنا، وجهدك واجتهادك؛ ولقد أثمر تعبكَ في إعداد (جيلٍ أردنيّ يتسلّح بالمَعرفة)؛ فليس جُزافًا أن نرى الأردنيين يتنافسون في التّزوّد بالمَعرفة، ويُحاكون الصّور العالميّة الكبرى في مختلف المَجالات المعرفية.وأخيرًا..فقد حرص جلالة الملك، وما زال على فئتين من مكوّنات مجتمعنا الأردنيّ، هما فئة الأطفال والشّباب، ولا يفتر أن ينقل إليهم ما يُغذّي عقولهم، وما يجعلهم قادرين على خوض معركة المُستقبل بضمانٍ من جلالته، وهو القائل: "لا ضمان يعلو على ضمان الله تعالى، ولكنّني أضمن لكم أن ما يصلكم من معارف لا يقلّ كمًّا أو نوعًا عمّا هو موجود في كبريات المدارس أو الجامعات العالميّة، وعليكم استثمار ذلك جيدًا دونما كسل أو ملل؛ فالمستقبل ليس للأقوى جيشًا أو سلاحًا، بل للأقوى علمًا ومعرفة".وكل عام وأردننا بخير ومليكنا واستقلالنا بألف خير..
الملك عبد الله الثاني ابن الحسين.. 'كمْ نحتاج إلى مِثله.. وفي حِنكته، ودرايته'
مدار الساعة ـ