مدار الساعة - وقع الشاعر والروائي جهاد أبو حشيش مساء أول أمس، في نادي الأردن، روايته الأولى «ذئب الله»، وسط حفاوة كبيرة، وشارك في حفل التوقيع ومناقشة الرواية القاص والروائي محمود الريماوي والناقد الدكتور رامي أبو شهاب، وأدار حفل التوقيع والمناقشة وشارك فيه رئيس جمعية النقاد الأردنيين الناقد والقاص الدكتور غسان عبد الخالق وسط حضور من المثقفين والمهتمين.
واستهل مناقشة الرواية الكاتب الريماوي وقدم قراءة حملت عنوان: «ذئب الله.. الذكورية كمدخل إلى العنف الأعمى»، قال فيها: تثير رواية جهاد ابو حشيش «ذئب الله»، المتعة لدى قارئها بما تحمله من تشويق ومن سلاسة، فإنها تثير في الوقت ذاته جملة من القضايا الفنية والفكرية رغم حجمها القصير نسبيا 167 صفحة، وعلى المستوى الفني فقد برع الكاتب في الجمع بين تأثيث الفضاء الروائي بجملة من الشخصيات لا تقل عن عشر شخصيات من الجنسين ومن أعمار مختلفة، وبين الاقتصاد في وصف الأماكن والشخصيات وحتى في تصوير الأحداث وخاصة في النصف الثاني من الرواية، بما مكّن المؤلف في النهاية من الخروج ببناء رشيق، لا يثقل على القارىء ويمنحه في الوقت ذاته رغما عن الاقتصاد والتكثيف، قدرا ملحوظا من الإشباع الفني. وخلص الريماوي إلى أن ما تضيفه الرواية في تفكيك أنسجة الإرهاب أنها لا تتوقف عند التزمت العقلي لدى المتطرفين ولا ترد الظاهرة الى الفقر او الى الثراء الذي يورث الخواء، ولا الى الاصطدام القيمي بالغرب، بل تتجه للتأشير الى الذكورية كعامل حاسم بين عوامل أخرى في تضخم الذات، وفي الجنوح إلى العنف والرهان عليه لتحقيق الذات، وهو ما يسم اؤلئك الذين ما زالوا أسرى هذه البنية التقليدية.
من جانبه قدم د. رامي أبو شهاب ورقة نقدية حول الرواية، قال فيها: «ثمة بين التكوينات السردية لرواية «ذئب الله» المباشرة أنساق مضمرة يمكن أن نقع عليها بين تضاعيف هذا العمل الذي يسعى إلى الوقوف على تفسيرات ذات طابع نفسي اجتماعي لنمط من المسالك التي ميزت عصرنا الحالي بحيث تحول الدين إلى نموذج للتدمير، وهو إحدى أدوات السيطرة وامتلاك القوة.. وعلى ما يبدو فإن نمط الاختطاف يبدو شكلا من أشكال الإشكالية الثقافية في مجتمع لا يمكن له أن يتقبل هذا النتاج الجديد من فراغ، إنما ثمة مبررات وأسباب منطقية، أفضت بنا إلى هذه البنى التي تنهض على منظومة القوة والسلطة التي شكلت في ثنايا النص أنساقاً إلى حد ما تبدو غير حاسمة في تشكيل علاقات القوة، ولكنها تتشكل ضمن بناء غير واع من القيم المرآوية التي تحدث عنها جاك لاكان في تشكيل فهم الذات لذاتها في حدود تموضعها».
في حين قال أبو حشيش: «ذئبُ الله»، بطريقةٍ أو بأخرى وبعيداً عن الحكايةِ، تحاولُ أنْ تقولَ بطرقٍ كثيرةٍ، إنَّ العقلَ التبريريَّ لنْ ينتجَ مجتمعاً صحيّاً قادراً على الحياة. وإنَّ الآخرَ قد يستغلُّ المنتجَ الذهنيَّ والنفسيَّ السالبَ الذي يتكوّنُ كنتيجةٍ طبيعيَّةٍ للعلاقاتِ المجتمعيَّةِ والاقتصاديةِ التي تفتقد قدرتَها على التطوّر نتيجةً لسلطة النصِّ، كون المجتمعاتِ العربيةِ هي الوحيدةَ التي يشكلُ فيها النصُّ الماضويُّ سلطةً أقوى من أيِّ سلطةٍ أخرى بحكمِ ارتكازِها إلى المقدسِ، الذي يتمُّ تأويلُه لخدمةِ الآنيِّ مبتعداً عن مسارِه الحقيقيِّ، مشيرا أنه ليس معنيا بالبحث نقدياً في ما ذهبتُ إليه أو قد أذهبُ مستقبلاً، بما يتعلّقُ بعدمِ إيماني بالراوي العليم، فهذا الأمرُ وتجلياتُه النقديةُ ليستْ من شأني؛ لأنَّ الناقدَ أكثرُ درايةً منّي بما قالَه السردُ المنفصلُ عنّي وعن قصدياتي أو عدمِها. (الدستور - عمر أبو الهيجاء)