أخبار الأردن اقتصاديات جامعات دوليات برلمانيات وفيات رياضة أحزاب وظائف للأردنيين مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية شهادة جاهات واعراس مناسبات الموقف مجتمع دين ثقافة اخبار خفيفة سياحة الأسرة طقس اليوم

عندما ضحى الملك بسلامته الشخصية..


بلال حسن التل

عندما ضحى الملك بسلامته الشخصية..

مدار الساعة (الرأي) ـ
أكدت في الفصل الأول من كتابي "ملك الإنجاز" الصادر حديثا، على عدد من الأبعاد في شخصية جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين كنت قد تناولتها بعدد من مقالاتي التي نشرتها بمناسبات مختلفة، وهي أبعاد تؤكد بمجموعها أن جلالته صاحب شخصية استراتيجية في تفكيره وقراراته ومواقفه، قدمت في مقالتي وكتابي الأخير الكثير من الأدلة العملية الملموسة التي تؤكد ذلك.
مناسبة هذا الحديث رسالة جلالته إلى أبناء شعبه، والتي أعلن فيها موافقته السامية على توصية المجلس المشكّل بموجب قانون الأسرة المالكة، بتقييد اتصالات الأمير حمزة وإقامته وتحركاته، والتي رفعها المجلس لجلالة الملك عبدالله الثاني منذ الثالث والعشرين من شهر كانون الأول الماضي.
هذا الفاصل الزمني بين تنسيب المجلس، وصدور الموافقة السامية عليها ممارسة ملكية تؤكد أولا تمسك جلالته بسيادة القانون والعمل المؤسسي، كما أن هذه الرسالة تؤكد أيضا حرص جلالته على مكاشفة شعبه بكل شؤونه، ولأن قضية الأمير حمزة ليست قضية عائلية خاصة فقد ارتبطت بفتنة استهدفت أمن الأردنيين واستقرارهم، حرص جلالته على أن يضع أبناء شعبه بأدق تفاصيلها برسالة معلنة ومنشورة.
ومثلما كشفت الرسالة عن تفاصيل الفتنة ومراحلها، فقد كشفت وأكدت أيضا الأبعاد الاستراتيجية في شخصية جلالته، وأول هذه الأبعاد تمتع جلالته بطول النفس والصبر والقدرة على التحمل، فقضية الأمير حمزة لم تبدأ مع قضية الفتنة التي استهدفت أمن الأردن واستقراره، والتي تم الكشف عنها قبل عام تقريبا، فهذه الفتنة جاءت تتويجا لجهود تحريضية بذلها الأمير لسنوات طويلة، لم يستجب خلالها لكل الجهود التي بذلت، والتي كشفت الرسالة الملكية عن جزء منها، فقد ضرب الأمير عرض الحائط، بكل محاولات اعادته الى حضني الاسرة والوطن، وظل مصرا على أوهامه، لاعبا دور الضحية حينا ودور البطل المنقذ حينا، ساعيا إلى تحقيق أطماعه الشخصية في كل الأحيان.
ورغم الكشف عن الفتنة وخيوطها وأبعادها، فان صبر جلالة الملك لم ينفد، وأبقى الباب مفتوحا أمام الامير للرجوع إلى الصف ولعب الدور الذي أراده له أخوه الاكبر وقائد الوطن، ومع جلالته كل أفراد آل هاشم، وهذا الصبر الذي يتحلى به جلالة الملك عبدالله الثاني، يكشف عن صفة أخرى من صفات جلالته هي صفة الحلم الممزوج بالإنسانية التي تجلت أيضاً في عطفه على أخيه، وحرص جلالته على احتوائه ومعاملته معاملة الأب الحاني على ولده الصغير.
بُعد آخر من الأبعاد الاستراتيجية في شخصية جلالته كشفت عنه رسالتة لشعبه، وهي اهتمام جلالته بالتفاصيل وقدرته على المتابعة الحثيثة، ومن ثم اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، الذي تكون فيه مصالح الأردن العليا وامنه واستقراره مقدمة على كل شيء، وفي هذه الحالة تتقدم صفة أخرى من صفات جلالته الاستراتيجيه، هي قدرته على التدخل في الوقت المناسب بحزم لا لين فيه، حتى مع اقرب الناس لجلالته، فالدفاع عن الاردن مقدم عند جلالته على كل شيء حتى نفسه، رأينا ذلك في قرار جلالته عدم تجديد ملحقي الباقورة والغمر، دفاعا عن حقوقنا الوطنية، كما رأينا ذلك في موقف جلالته في مواجهة ما سمي بصفقة القرن وافشالها، مضحيا جلالته بسلامته الشخصية دفاعا عن حقوقنا الوطنية، وها هو جلالته في قضية الفتنة ودور الأمير حمزة فيها يقدم امن الاردن واستقراره على مشاعره الشخصية، عندما ارتأ جلالته حسمها في توقيت يقبل فيه الأردن على المزيد من ترتيب أوضاعه الداخلية، وتحديث منظوماته السياسية والاقتصادية والإدارية من جهة، ومواجهة العديد من التحديات الخارجية، التي تلوح في أفق المنطقة، وخاصة التحديات الأمنية على حدودنا الشمالية، وهذه كلها تحتاج إلى جبهة داخلية متماسكة، لا منافذ فيها لاعداء الداخل والخارج.
خلاصة القول في هذه القضية إن رسالة جلالته الى أبناء الشعب الأردني يوم الخميس الماضي كشفت أن أمن الأردن واستقراره ومصالحه مقدمة عند جلالته على كل شيء وعلى كل شخص حتى لو كان من أسرته بالدم، وهذه أهم صفات القادة العظام.
مدار الساعة (الرأي) ـ