حين نتحدث عن إدارة الصراع والحرب، فالكلام ينطبق على دول او على حركات تحررية، وهو حديث مختلف تماما عن إدارة صراع أحد أطرافه دولة ارهابية عنصرية تحتل ارض شعب آخر، وتتفنن برسم المخططات لإخفائه من الوجود وابتلاع أرضه وطمس تاريخه، فمثل هذه الدول تسخر الجريمة بقالب ترويعي ارهابي لتحقيق أهدافها، وهي بالطبع خارج اختصاص وحدود وحقوق النظام العالمي والقانون الدولي والإنساني.. لذلك فهي تقيس أفعالها وجرائمها على ميزان الرعب والارهاب وليس الحقوق والمبادئ والقوانين.
الشهيدة شيرين ابو عاقلة، الزميلة التي عرفناها من خلال شاشة أكبر فضائية عربية، والتي عرفها بعض أصدقائنا من خلال دراستها الجامعية في جامعة اليرموك في اربد شمال المملكة، كانت هدفا مقترحا كل الوقت، كما هم غيرها من الفلسطينيين الناجحين أو المؤثرين في أي مجال، لكن لماذا نفذوا عملية تصفيتها الآن، فهذا سؤال وجيه.هذا الوحش الارهابي الذي زرعه العالم الغربي (الديمقراطي) في وطننا العربي وعالمنا الإسلامي والمسيحي، يحافظ على وجوده باستمرار الارهاب البشع، حيث لا يحتاج أسبابا كي يقتل وينفذ اغتيالات داخل فلسطين المحتلة أو خارجها، بل يعتبر أن استمرار قيامه بالجريمة واحدة من أسباب بقائه ومحافظته على المستوى الذي وصل إليه، حيث (طبّع) العالم وقوانينه ليعاملوه كما هو، ويتقبلوا حقيقة ارهابه وتجاوزه على كل المبادىء والقوانين والقيم الإنسانية، ولو مرت عليه فترة ما بلا جرائم لكانت إشارة على تفككه وخسارته.لكن في أعقاب حرب (سيف القدس)، برزت حقائق جديدة بالنسبة للكيان المجرم، حيث اختلت معادلة توازن الرعب لديه، فبعد أن كسبت فلسطين تلك المواجهة، لم يعد بمقدور الجيش العنصري أن يقوم بعمليات اغتيال ضرورية لاستمرار التوازن المذكور، حيث لا ضمانات بعدم رد الفلسطينيين على جرائم الاغتيالات لو تم تنفيذها بقادة المقاومة الفلسطينية، وقد جرى تحذير دولة الكيان الارهابي بوضوح بل بتحد جريء، بأن ينفذوا عملية اغتيال واحدة لقيادات المقاومة، ليختبروا صدق وحجم رد المقاومة الفلسطينية ، وهذا التحدي الجريء بحد ذاته حقيقة كبيرة نالت من الهالة الارهابية التي يحاول جيش الاحتلال المحافظة عليها، لأنها حسب نظره أهم دليل على تواجده ومستواه وتأثيره في هذا الصراع.وإضافة للحقائق الجديدة التي فرضتها مواجهة «سيف القدس»، ثمة اسباب أخرى استدعت تنفيذ عملية اغتيال «ضرورية» لقادة من نوع آخر، أي من غير قادة المقاومة، رغم أن الاغتيالات بالنسبة لهؤلاء الارهابيين «استحقاق» ليس من الضروري ان يكون على خلفية أحداث، لكن الأحداث التي جرت قبيل وخلال شهر رمضان، والمواقف السياسية التي أعقبتها وساهمت في توجيهها لغير مصالح الدولة المحتلة، عجّلت في استدعاء قائمة الأهداف المرشحة للاغتيال، بعد إدراكهم بأن المقاومة غير معنية برد عسكري «صاروخي» انتقامي، حتى لو كانت شيرين عضوا في أي فصيل للمقاومة، وليست مجرد صحفية فلسطينية تعمل في محطة غير فلسطينية..شيرين ابو عاقلة فازت بالشهادة، فالموت دفاعا عن فلسطين ومن أجلها شهادة، حسب قناعات كل الشعوب الرازحة تحت نير الاحتلال، فكيف الحال والمحتل بهذه العنصرية والارهاب والتوحش والجبن (الجبان هو الذي يستسهل موت الأبرياء والعزل ويقتلهم بوحشية)، وحتى هذه الساعة فإن دولة الإحتلال وجيشها الإرهابي يدفعون ثمن هذه العملية الجبانة، وأول خسائرهم تمثلت بزيادة جرأة الفلسطينيين على الجيش الارهابي ودولته، علاوة على الغضب العالمي بسبب تلك الجريمة.هل ستقوم المقاومة بالتحذير بان عملية اغتيال لأي مواطن فلسطيني داخل وخارج فلسطين ستحظى برد «مرعب»؟.. هذا أصبح السؤال الأمنية ليس بالنسبة للفلسطينيين بل لكل العرب حتى يتوازن العدل والحق وينهزم الارهاب والرعب.
لماذا قتلوا الصحافية شيرين؟!
مدار الساعة (الدستور) ـ