مدار الساعة - أقام منتدى الرواد الكبار يوم السبت ندوة نقاشية حول كتاب الوزير الاسبق محمد داودية، "من الكسارة إلى الوزارة"، الصادر عن دار الاهلية للنشر والتوزيع، عمان.
شارك في النقاش الذي ادارته المستشارة الثقافية للمنتدى القاصة سحر ملص كل من الدكتورة هند أبو الشعر، الروائي الدكتور حسين العموش.رئيسة الاسرة البيضاء ميسون العرموطي قالت نجتمع لمناقشة كتاب "من الكسارة إلى الوزارة"، والذي يمثل الوجه المشرق لأبناء هذا الوطن والذي شق طريقه في الصخر لا يهاب وبلا كلل أو ملل هذا الوطن الذي رعانا صغاراً وحنى علينا وعلى كل من تفيئ ظلال عزه وعاش على ثراه، مبينة أن الكتاب هو نوع من رد الجميل والوفاء للأردن بتوثيق قصص وحكايا وأحداث، لتكون باباً للتعرف على مفردات الآباء والأجداد وللحفاظ على تراثنا وعاداتنا الراسخة جذورها في الأرض، وللتمازج مع الجيل الجديد وتوطيد العلاقة ما بين القديم والحديث وبأحاديث شيقة ممتعة وللتعلم بالقدوة من أجل مستقبل أفضل.مديرة المنتدى هيفاء البشير رأت أن الكتاب يتحدث عن السيرة الذاتية له كما يتحدث عن جزء من مسيرة وطن وهمومه من خلال حياة أحد أبنائه الذين واكبوا مسيرته متحملين كل الصعاب ومتحدين، ليكون الأردن نجماً في سماء العالم يتألق في نور مئويته، مبينة أن حدث أحد المسؤولين في الدولة، عن طفولة محملة بالمعاناة، خطّت طريقها نحو الشباب بهمة حديدية، لتتحدى كل الصعاب ويقول بطلها ها أنا رجل من رجالات الأردن، أخلصت لوطني، وتحملت درب العناء، لأرفع علم بلادي عالياً.الروائي الدكتور حسين العموش قال إن كتاب "من الكسارة الى الوزارة"، ليس سيرة، بل مسيرة، وليس قصة، بل قصصا، ليس رواية، بل روايات، لافتا إلى إنه قرأ الكتاب "بحذر شديد، وروية عالية، ودقة متناهية، تماما مثل تعليق إبرة المغذي، استعداد للألم، ساعات من التفكر والتفكير، استرخاء وابتسامة مثل الحلم تماما، وجع وخدر، لحظات من الغيبوبة، ثم الصحيان، شعور بالبرد، خفقان شديد بالقلب، هذا باختصار كل ما تتمثله وتشعر به وانت تقرأ محمد داودية؛ الانسان، المعلم، السياسي، الصحفي، العامل، الابن، الاب".وأشار العموش إلى أنه عندما نقرأ داوديه نشتم رائحة الدحنون والقيصوم والخزامى والشيح في معان ووادي موسى وسناسل الدجنيه، ورائحة حليب النعاج لحظة الحلب، رائحة الطبشورة على لوح مدرسة بير ابو العلق. وتشتم انفاس العراقية فاطمة، تشتم رائحة جضه حين تفرغ من اعداد عجينة الشراك.ورأى العموش أنه لم يقرأ في حياته، ولم يعرف على حدود معرفته برجلا يعادل داودية، فرغم أنه يتيم، لكنه يوزع ابوة علينا جميعا، ليس غنيا، لكنه اغنى من كل رجال الاعمال، رجل تحتار في وصفه، وكنيته ولقبه، تبحث في المعاجم والقواميس لتعطيه حقه من الوصف، حين تعجز ان تجد سوى "محمد داودية"، لتختصر كل شيء.وأشار العموش إلى أن كلماته تعجز عن وصف صديقه داودية وهو يرفع له كما قال "أرفع عقالي احتراما لرجل ما غيرته المواقع، لا ولا بدلته الكراسي، ولد كبيرا وعاش كبيرا، تماما مثل السنديان في وطني، مثل القهوة السادة، مثل الهيل، مثل الجبال، مثل الارض، مثل السكر، مثل الملح".وخلص العموش إلى أن داوديه رجل بحجم وطن من البترا الى الرمثا، من الاغوار الى الاجفور، مشيرا الى ان كتاب "من الكسارة الى الوزرة"، يحمل نكهات كل الارض بكتاب واحدٍ. تحت عنوان "سيرة الوطن في حكاية محمد داودية"، قالت الدكتورة هند أبو الشعر إنها قرأت كتاب داودية أكثر من مرة ولم تشعر بالملل، رغم أنه لم يكتب بصورة متسلسلة زمنيا، وربما كان هذا نموذجا غير معتاد لسارد السيرة التقليدي، لكن هذا التقطيع جعل من القراءة حالة تنبه العقل.مبينة أن داودية يوثق في هذا الكتاب لعمله "معلما منفردا يصلح مشهدا روائيا غنيا، رغم أنه كان يعيش بحيز مكاني محدود، ومجتمع صغير في كل قرية من القرى الخمس التي عمل فيها، وقد علقت بقلبي صورة المعلم المنفرد الذي يجد نفسه وحيدا في قرية خالية من السكان وكأنه منفي في آخر الكون، ولا أدري لماذا لم يكتب داودية قصة قصيرة ترصد هذه اللحظات الكونية المدهشة. !!.".ورأت أبو الشعر أن داودية في كتابه استفاد من سلاسة الجملة الصحفية التي تصل العقل والقلب معا، لكنه في سيرته كان أقرب إلى الروائي الذكي الذي يتقن حرفته، فقد كنتُ وأنا أقرأ ما ينشره في الدستور أتمنى لو أنه حولّ هذه السيرة الغنية إلى رواية، كل معالم الرواية ومعمارها متوفرة ببذخ، شخصيات حيّة وعنيفة، خطاب فني مكتمل، فلسفة تخرج من أفواه الذين استدعاهم داودية ليدخلوا مشاهد حياته، أقنعنا بهم وجعلنا نحبهم.وأضافت أبو الشعر. يتحدث داودية في هذا الكتاب عن تلك الأم الشابة التي فقدت زوجها بعزّ شبابه وهي تغني لصغيرها اليتيم بحرقة، والأب الغائب منذ تفتح وعي السارد، والجّد المعاني الذي علمّ حفيده "ألا يسلم أخاه"، والذي يعتذر عن الدعوة لتناول العشاء الدسم في بيت الجار، لأن أهل بيته لا يأكلون اللحم ورسخ فيه قاعدة أن "غماسك من غماس ناسك".ويواصل داودية بحسب أبو الشعر حديثه عن "الجدّ الذي كرس في عقل حفيده قاعدة (لا تنم ظالما ولا تنم مظلوما)، وصولا إلى الملك حسين بصوته الدافئ وملامحه التي تشبهنا، في مواقفه مع (النشمي)، داودية، عشرات الشخصيات التي لم تمر مرورا عابرا، نساء مدهشات مررن مرورا زمنيا عابرا في حياة داودية، مثل العراقية التي أطلت بجسدها من شباك باص الحجاج المتوقف في المفرق، والتي سحرت الشاب المتفتح بصوتها وهي تطلب منه "موي".ورأت أبو الشعر أن دودية وظّف هذه الذكرى المخبوءة في أعماقه بقدرة روائي محترف، ومتعنا بهذه الذاكرة المستعادة، واختصر علاقاته بالنساء بلغة روائية جميلة قائلا: "دائما وبلا توقف، تمضي النساء، الفراشات الزاهيات يمضين، يدخلن في الضباب والغياب، يمضين إلى صقيع المَهاجر، أو إلى لهيب الخليج، وإلى الغياب المرير". فهل هذه لغة شاعر أم صحفي أم روائي؟.من جهته قال داودية "لا توجد قوة في العالم، أقوى أو أعظم من القصة الجيدة، التي لا يتسطيع احد إيقافها، أو عدو أن يهزمها، لافتا الى ان كتاب "من الكسارة إلى الوزارة"، يتحدث عن شعبنا كله الذي كان يعمل الأعمال الشاقة- وما زال- في الكسارة والزراعة والحصار ورصف الطرق وأعمال البناء والباطون والعسكرية والتدريس وهي كلها أعمال شاقة.
ندوة نقاشية حول كتاب الوزير الاسبق محمد داودية
مدار الساعة ـ
حجم الخط