مدار الساعة - كتبرمزي الغزوي
لا أعرف ما الجدوى في تصريح رئيس غرفة تجارة عمان خليل الحاج توفيق من أن ذوي الدخل المحدود استهلاكهم من الغذاء أكثر من استهلاك ذوي الدخل المرتفع، ويصل إلى 45% من دخلهم. ما الجديد في هذه المعلومة، إلا إن كان يقترح الحاج توفيق أن يصوم الفقراء مرتين في السنة، أو أنهم يكتفون بوجبة واحدة يومين أو أن يتحولوا إلى نباتات صحراوية تكتفي بالنزير القليل من الموارد والمياه والاحتياجات.
�ت.معروف دائماً أن بعضا من الفقراء يدفعون كامل دخلهم في سبيل لقمة عيشهم ويبقون على قيد الديون. وذوو الدخل المحدود لدينا ليسوا أحسن حالا من غيرهم على هذه البسيطة. ولهذا كنا ننتظر من رئيس الغرفة أن يقدم رؤى جديدة حول هذه الظاهرة عل وعسى أن يتخلص فقراؤنا من وجعهم المقيم السقيم.الوضع الآن مرشح لمزيد من الضنك والتعب وضيق الحال، وهذا ليس تشاؤما بقدر ما هو توصيف للحالة، سيما بعد ضربتي الكورونا وأوكرانيا المتلاحقتين على عالمنا. فالتضخم وارتفاع الأسعار طالا كثيرا من الدول حتى ذات الاقتصاد القوي. فقد سجل معدل التضخم في أمريكا أعلى مستوى له منذ 40 عاما، وبسببه ارتفعت أسعار السلع بمقدار تجاوز 8%.الأمريكيون تفاعلوا سريعا مع هذا الوضع الجديد، وحسب ما ذكرت شبكة CNBC، فهم قد شرعوا بتقليل تناول الطعام في المطاعم وتقليل القيادة في مركباتهم الخاصة بنسبة تقترب من 40%، وإلغاء الاشتركات الشهرية للسلع غير الضرورية والكمالية، كما أن ثلثهم بدلوا المنتج ذا الماركة المعروفة بمنتج عادي.نحن في مخمصة حقيقية ومسغبة وحالة حرب لا ترحم، وتلوح في الآفاق بوادر أزمة بسبب ارتفاع معدلات التضخم لدينا وسعار الأسعار غير المعهود. فهل يمكن لنا أن نتفاعل مع هذه الأزمة كما تفاعل الأمريكان مع أننا كدولة رفعنا سعر الفائدة في البنك المركزي 50 نقطة أساس بعدما رفعوا سعر الفائدة لديهم بذات المقدار.في عطلة العيد تخيلت أننا في رمضان لم نكن نأكل أو نشرب، بسبب التهافت والازدحامات على المطاعم والأكل الجاهز والطلبات. ولهذا اعتقد أننا سنواجه صعوبة في التخلي عن هذه العادة المكلفة وغير الصحية. كما أنه من شبه المحال أن يتخلى أحد منا عن سيارته الخاصة، حتى ولو كلفه ذلك مزيدا من الديون والنفقات، لسبب جوهري أننا شعب فردي، وأن شبكة المواصلات العامة سيئة عندنا وغير رحيمة أبدا.الحكومة تعرف أننا مقبلون على وضع غاية في الصعوبة، وكذلك مؤسسات المجتمع المدني، ولكن الكل على ما يبدو يحاول أن يجمل الواقع دون أن يقدم نماذج من الخيارات الناجعة تجعلنا قدرين كشعب على التأقلم مع ما ينتظرنا.لدينا عادات استهلاكية قاتلة، وغير ضرورية، يمكن أن يكون التخلص منها سبيلا حقيقيا نتصدى به للوضع الجديد. شدوا الأحزمة مرات ومرات، فمن لا يتغير يُغيّر.