من الواضح أننا في مواجهة ارتفاعات اخرى على أسعار الفائدة على الدينار تأثرا بارتفاعها على الدولار والتي من المتوقع أن ترتفع أكثر من مرة حتى نهاية هذه السنة.
هذا الاتجاه يترك مجالا واسعا للاجتهاد أكاديميا لكن الأهم هو تضارب المصالح حوله بين مختلف القطاعات، فهناك من يستفيد من الرفع كالمدخرين والبنوك واحتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية، وهناك من يتضرر من الرفع كالمقترضين من البنوك بأسعار فائدة متغيرة، والمستثمرين والسوق المالي وهو المنافس الاول على السيولة مع نوافذ الادخار.لا شك أن ارتفاع سعر الفائدة يسير بعكس النمو الاقتصادي، ولا يخدم الدين المحلي والخارجي لكن لكل قرار ثمن كما ان له فوائد.حتى الآن يستطيع الاقتصاد احتواء رفع اسعار الفائدة وما من مبرر للعودة الى الحديث عن تعويم الدينار، ولا حاجة لتكرار الحديث بأن ربط الدينار بالدولار كان وما زال يحقق أهدافه في استقرار أسعار الصرف وغيرها من الفوائد.إدارات البنوك تأخذ بالاعتبـار في الظروف الراهنة عنصر المخاطر، فالاستعداد لدفع سعر فائـدة مرتفع لا يغري البنك بتقديم تسهيلات لعميل تعتقـد أن عليه علامة اسـتفهام ومن الواضح ان المنافسة بين البنوك لاجتذاب المقترضين المليئين والموثوقين لها تأثير على هيكل اسعار الفوائد التي تميز فيها عملاءها.البنوك تحتفظ بسـيولة عالية ولديها أرصدة نقديـة فائضة لا تجني منها سوى أقل الفوائد، ولا يتوافر أمامها وسـائل لتوظيف مأمون لتلك السـيولة التي تعطي مـردوداً يقل عن كلفتها.ما سبق عوامل تلعب دورا مهما في اتجاهات اسعار الفوائد المحلية لكن بالنسبة للبنك المركزي الاردني فالعامل الاهم هو الإبقاء على جاذبية الدينـار، بحيث يظل يجني فائـدة أعلى من الدولار أو اليورو، فلا يبقـى هناك حافز للدولرة فهو بنى احتياطيات. رفع أسعار الفائـدة اجراء تتخذه البنوك المركزية في العالـم لمكافحة التضخم عن طريق تبريد حرارة الاقتصاد كما هو في الحالة الاميركية التي يخلق اقتصادها فرص عمل كثيفة والحد من الطلب الاستثماري والاستهلاكي، وصحيح ان ذلك لا ينطبـق على حالـة الاقتصاد الأردني الذي يحتاج اليوم الى حوافز وليس الى كوابح لكن الصحيح ايضا ان الاستقرار النقدي عنصر هام جدا وما دامت المؤشرات إيجابية، فان إمكانيات تحقيق نمو اقتصادي قائمة.من حسن الحظ ان اجراءات البنك المركزي في مواجهة ازمة كورونا هي صالحة اليوم في مواجهة اثر ارتفاع اسعار الفائدة بتوفير التمويل الميسر للقطاعات الاقتصادية ذات القيمة المضافة العالية، من خلال الابقاء على أسعار الفائدة التفضيلية لبرنامج البنك المركزي لإعادة تمويل القطاعات الاقتصادية الحيوية والإبقاء على سعر فائدة مخفض ٢٪ لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة والمهنيين والحرفيين البالغ قيمته 700 مليون دينار.يجب ان نلاحظ ان برامج البنك المركزي حمت قطاعات كثيرة من اثر ارتفاع اسعار الفائدة كما أن المنافسة الايجابية بين البنوك ستحمي المقترضين من بعض هذه الآثار.