انتخابات نواب الأردن 2024 اقتصاديات أخبار الأردن جامعات دوليات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات مقالات مختارة مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

قصة شعب الهون الذي أرعب أوروبا وهاجم روما والقسطنطينية

مدار الساعة,أخبار ثقافية
مدار الساعة ـ نشر في 2022/05/06 الساعة 16:17
حجم الخط
مدار الساعة -من بين كل الجماعات التي غزت الإمبراطورية الرومانية، لم يكن هناك من هم أكثر مهابةً وإثارة للخوف من شعب الهون الذين تسببت أساليبهم القتالية ووحشيتهم في فرار الآلاف إلى الغرب، خصوصاً مع وصول قائدهم الأشهر أتيلا الهوني للحكم.
يمكننا اعتبار الهون مثل الفايكنغ، ولكن بينما جاء الفايكنغ من الدول الاسكندنافية في الشمال الأوروبي، جاء الهون من آسيا.
بعدما أعلن قسطنطين الأوّل انتقال العاصمة الرومانية من روما إلى القسطنطينية، المدينة التي بنيت على اسمه، حصل انقسامٌ فأصبح هناك الإمبراطورية الرومانية الغربية وعاصمتها روما، والإمبراطورية الرومانية الشرقية وعاصمتها القسطنطينية.
عانت الإمبراطورية الرومانية الغربية كثيراً وانهارت في القرن الخامس الميلادي بسبب الضغط الهائل للغزوات البربرية المتعددة والمتكررة عليها. ويطلق المؤرخون الغربيون عادةً لفظ البربريون على أي قبائل لم تخرج من الإطار الهمجي ولم تؤسس دولة حديثة في وقتها مثل الدولة الرومانية.
لكنّ العديد من قبائل النهب تلك كانت تنتقل إلى غرب الإمبراطورية لتتجنَّب مواجهة المحاربين الأشرس والأكثر إثارةً للرعب على الإطلاق: شعب الهون.
وكما كانت قصص الفايكنغ كانت قصص شعب الهون. قبل وصول الهون إلى غرب الإمبراطورية بوقتٍ طويل، كان ترديد اسمهم فقط يحاكي القصص المرعبة.
عندما وصل الهون إلى غرب أوروبا، استغلّ قائدهم الأشرس ذلك الخوف الذي زرعوه في قلوب الجميع لابتزاز وتهديد الرومان حتى جنى من وراء ذلك ثروةً طائلة له ولشعبه. وكما الفايكنغ، لم يكن هذا النهب له غرضٌ آخر غير "النهب والثروة". ليس مثلاً عندما يكون الصراع بين دولتين، وتسعى كل منهما للقضاء على الأخرى لتوسيع رقعة حكمها والتخلُّص من المنافسين.
الإمبراطورية الرومانية الغربية تعاني.. والهون يصلون!
مثل الصين وغيرها من الإمبراطوريات الكبرى، عانت الإمبراطورية الرومانية طوال تاريخها تقريباً من امتداد حدودها الشمالية على مسافةٍ طويلة جداً، وكانت شعوب الشمال المتجولة تُغير عليها وتسبب لها قلقاً كبيراً.
وهكذا، كانت كثيراً ما تعبر القبائل المتجولة نهري الراين والدانوب، ويغيرون أحياناً على المقاطعات الرومانية بدافع الانتهازية واليأس ليسلبوا وينهبوا كل ما يجدونه في طريقهم. وقد شنّ كثير من الأباطرة الرومان حملاتٍ طويلة لتأمين تلك المنطقة الحدودية.
وعبر قرون من الهجرة والإغارة ظهرت العديد من القبائل والشعوب المتجولة على أعتاب روما في القرن الرابع الميلادي. وقد كان أغلبهم من أصولٍ ألمانية، متطلِّعين إلى الاستقرار على الأراضي الرومانية، إلا أن ذلك أدّى في النهاية إلى تدمير الإمبراطورية الرومانية نفسها.
ولا تزال أسباب هجرة الكثير من هذه القبائل المتجولة محل بحثٍ وتدقيق. يعزو بعض المؤرخين هذا الانتقال الجماعي إلى عوامل متعددة، تتضمن البحث عن الأراضي الصالحة للزراعة، والصراعات الداخلية، والتغيرات المناخية. إلا أن هناك سبباً رئيسياً معروفاً لهجرة هذه الشعوب: شعب الهون.
كان شعب القوط (جرمانيين) أول قبيلة تصل بالآلاف إلى حدود العاصمة روما في عام 376م، زاعمين وجود قبيلةٍ غامضة ووحشية أجبرتهم على مغادرة أراضيهم.
وسرعان ما وافق الرومان على مساعدة القوط، وشعروا أنَّه لا خيار لديهم إلا محاولة دمج هذا العدد الهائل من قبيلة القوط المحاربه داخل أراضيهم. لكن لم يمر وقت طويل قبل أن يسيء الرومان معاملة زوَّارهم القوط، لتنفجر الأوضاع، ويخرج القوط عن السيطرة، ويهب القوط الغربيون بشكلٍ خاص لسلب ونهب وتدمير مدينة روما عام 410.
وبينما كان القوط يتغوَّلون في المقاطعات الرومانية، كان شعب الهون يقترب من الحدود أكثر فأكثر.
خلال العقد الأول من القرن الخامس الميلادي، استغلت المزيد من القبائل تلك الاضطرابات التي تشهدها روما لعبور الحدود الشمالية إلى داخل الأراضي الرومانية بحثاً عن أراضٍ جديدة، ومن بينهم قبائل الوندال، والألان، والسويبيين، والإفرنج، والبرغنديين.
كان الخوف والرعب من الهون ينتقل مثل النار في الهشيم من قبيلةٍ إلى أخرى، مما يدفع المزيد من القبائل الجديدة إلى دخول الأراضي الرومانية. وكان لذلك تأثير مدمّر على الإمبراطورية الرومانية نفسها وتصدّعها، حتى قبل وصول الهون إليهم.
موجات الهجرة والنهب من آسيا إلى أوروبا
شكّل شعب الهون كابوساً بالنسبة للقبائل الأخرى التي هاجرت إلى الإمبراطورية الرومانية بسببها. والعديد من المؤرخين مختلفون حول أصل قبائل الهون ومن أين جاؤوا.
تشير بعض المصادر إلى أنّ الهون كانوا مختلفين جسدياً عن أيٍّ من الشعوب الأخرى التي واجهها الرومان من قبل، مما زاد من تأثير الخوف الذي غرسوه في قلوب خصومهم. حتى إنّ بعض الهون لجأوا إلى ذلك الإجراء الطبي الذي ينطوي على ربط جمجمة الأطفال الصغار لتصبح أطول من المعتاد. ومن هنا كان شكلهم مختلفاً عن غيرهم.
وتشير تحليلات العدد القليل المعروف من كلمات شعب الهون إلى أنّهم استخدموا إحدى اللغات القديمة جداً لشعوب الترك، وقد انتشرت تلك العائلة اللغوية في أنحاء آسيا، من هضبة منغوليا إلى منطقة سهول آسيا الوسطى.
وتشير العديد من النظريات إلى أن أصول الهون ترجع إلى المنطقة المحيطة بدولة كازاخستان، إلا أن البعض يشكون في أنهم جاؤوا من الشرق الأقصى.
عانت الصين القديمة من هجمات شعوب الشيونغنو من الشمال، ولقرون كانوا كابوساً للأباطرة الصينيين المتتالين، ما جعل أسرة تشين تبدأ تدشين سور الصين العظيم، كذا هذا في القرن الثالث قبل الميلاد.
عبر قرونٍ من الصراع، استطاعت الصين في القرن الثاني الميلادي إيقاع العديد من الهزائم بشعوب الشيونغنو، فهربت هذه الشعوب والقبائل إلى الغرب.
في الحقيقة فإنّ كلمة "شيونغنو" في اللغة الصينية القديمة عندما تُنطق تكون شبيهة بكلمة "هونو". وهكذا ربط بعض الباحثين بين شعوب الشينوغو شعوب الهون.
مدار الساعة ـ نشر في 2022/05/06 الساعة 16:17