أربكت تصريحات رئيس الدبلوماسية الروسية لافروف الاثنين الماضي, حول سعي موسكو إلى «تقليل مخاطر قائمة وجادّة لنشوب حرب نووية", وعملها على «إبعاد خطر نشوب صراعات نووية»، العواصم الغربية وبخاصّة واشنطن ولندن, التي كان وزير دفاع الأخيرة/بِن والاس لوّح أمام برلمان بلاده 25 الجاري باستخدام «الأسلحة النووية لحماية حلف الناتو»، مُستخدماً عبارات مستفزّة/ومتغطرسة قائلاً: إنَّ الناتو يمتلك أسلحة نووية، وإن بريطانيا قادرة على استخدامها لحماية نفسها وحلف الناتو إذا لزم الأمر, مُشيراً في صلف إلى أن روسيا يجب أن لا تنسى ذلك, كاشفاً في زهو أن «بعض صواريخنا تحت الماء الآن، وأفراد البحرية الملكِية الشجعان, مُستعدّون لإطلاق أسلحة نووية إذا كان عليهم حماية «هذه المملكة» وحلف الناتو, ومن المهم للغاية - أضاف - الاّ ينسى بوتين.. ذلك».
أحد في روسيا لم يستخدم لغة استعلائية كهذه, بل لم يلوّح باستخدام السلاح النووي, وإن كان الرئيس بوتين أعلن بعد أربعة أيام من بدء العملية العسكرية الروسية 24 شباط الماضي, «وضع قوات الدرع الاستراتيجية الروسية في حال تأهب خاصّة»، مُتهماً الغرب باتخاذ مواقف عِدوانية تجاه بلاده, إلى أن جاءت تصريحات لافروف, الذي وإن كان أكد أنه «لا يريد تضخيم هذه المخاطر/أي مخاطر نشوب صراعات نووية.. بشكل مُصطنَع، وهناك كثيرون يريدون ذلك، إلاّ أنه لفت الى «خطر جاد وحقيقي, علينا ألاّ نُهوّن من شأنه».تزايد الحديث عن صراع نووي يعكس من بين أمور أخرى غياب أي أفق لتجنب خيار كارثي كهذا, خاصّة في ظل انقطاع الحوار بين واشنطن/وموسكو وفي ظل مواصلة واشنطن وصقور حلف الناتو وبخاصّة بريطانيا وبولندا وألمانيا أضف إليها فرنسا (القوة النووية الوحيدة في أوروبا والتي تمتلك نحو «300» رأس نووي).. ضخّ المزيد من الأسلحة النوعية/والثقيلة لأوكرانيا, زد على ذلك عدم إصغاء إدارة بايدن وإدارة ظهرها لتحذيرات موسكو بعدم المضي قدماً في تسليح أوكرانيا، مستمرة/واشنطن ليس فقط بتزويد كييف بأسلحة فتّاكة زادت قيمتها على مليارين ونصف مليار دولار، بل ذهبت بعيداً خاصّة بعد زيارة بلينكن/وأوستن لكييف تنظيم اجتماع/الثلاثاء الماضي ضمّ/42 دولة بينها إسرائيل وتونس لإجراء محادثات دفاعية مرتبطة بأوكرانيا، تروم تسليح كييف كي تتمكن من التصدّي للهجوم الروسي في الدونباس، لم يتردّد رئيس هيئة الأركان المشتركة/الجنرال مارك ميلي في القول: أن الهدف الرئيسي للمحادثات هو جعل المساعدات الأمنية المتزايدة لكييف، والتي تشمل أسلحة ثقيلة وطائرات مُسيّرة/مسلّحة وذخيرة..مُتزامنة ومُنسّقة»... فيما اعتبر وزير الدفاع/أوستن أن الأوكرانيين بوسعهم تحقيق النصر, إذا توافرت لديهم المعدات المناسبة والدعم المناسب».الأميركيون كما حلف الناتو ماضون قدماً في استفزاز روسيا, تحدوهم الرغبة/إقرأ الأوهام بهزيمة روسيا, ظنّاً منهم أن الأخيرة ستُجبر على تجرّع السّم, وهم بذلك إنما يقومون بخطوات محسوبة/ومتدحرجة, وصولاً إلى تدخّل مباشر في الحرب الدائرة الآن عبر إرسال جيوشهم إلى أوكرانيا, بكل ما يعنيه ذلك من تطور خطير يعني حتماً الانزلاق إلى حرب عالمية ثالثة بين الناتو/بقيادته الأميركية وروسيا, التي لن تقف وحدها بالتأكيد حال تأكّد للعواصم الصديقة والداعمة لموسكو/وهي معروفة, أن إدارة بايدن وحزب الحرب في الناتو أعلن الحرب رسميّاً.لهذا تكتسب تصريحات لافروف الأخيرة أهمية إضافية, بانتقاده مقاربة كييف لعرقلة محادثات السلام, وقوله: إن خطر نشوب حرب عالمية ثالثة أمر جدّي, لافتاً إلى أنه لا يمكن التقليل من شأنه. هنا برزت على نحو خاص تصريحات مثيرة/وحادّة تستبطن/وتفضح الكثير كشفها وزير القوات المسلّحة البريطاني/هيبي الثلاثاء, عندما صرّح لتلفزيون BBC قائلاً: يُشكّل هذا النوع من الصلف العلامة الفارقة للافروف, خلال فترة الخمسة عشر عاماً كوزير الخارجية, ولا أعتقد ان هناك حاليّاً أي تهديد وشيك بالتصعيد, مضيفاً ما يفعله الغرب في أوكرانيا مُخطّط له بصورة حسنة للغاية، وكل شيء نفعله مُقاس لتجنّب مواجهة مباشرة مع روسيا, لكنه/الوزير البريطاني/هيبي, حاول تبرئة الناتو من عملية تسليح أوكرانيا قائلاً لتلفزيون «سكاي نيوز»: إن حلف الناتو الذي يُعزز جناحه الشرقي, لا يُقدم مساعدات عسكرية لأوكرانيا باعتباره «مُنظمَة».فهل ثمّة صدقية في تصريحات منافقة/وكاذبة كهذه؟ ليس فقط تتناقض وتلويح وزير الدفاع البريطاني والاس عن تأهب القوات النووية البريطانية, بل وأيضاً في أن أميركا تُعلن استمرار انخراطها/عملياً وميدانياً في الحرب عبر تسليح أوكرانيا. فـ«مَن يُصعِّد الأمور وصولاً إلى حرب عالمية ثالثة», سيكون السلاح النووي جزءاً منها, حال توسّعت وتجاوزت القارّة الأوروبية؟. وكيف نُصدق أقوال وزير الدفاع الأميركي/اوستن, ووزير القوّات المسلّحة البريطانية عندما «يستنكِران» تصريحات لافروف ويقولان: إن «لا حرب عالمية جديدة؟. قيما تُعلن واشنطن/ولندن أنهما تعملان بلا كلل, لـِ«شلِّ روسيا وإضعاف جيشها»؟.kharroub@jpf.com.jo