أعجب للعرب المتحمسين لاجتياح روسيا لجارتها أوكرانيا، وكأن الرئيس بوتين أو «أبو علي» كما يلقبونه، يقوم بتحرير فلسطين من الاحتلال الصهيوني! ولاحظت أنه تم التطبيل كثيرا لاتصال بوتين مع الرئيس محمود عباس قبل عدة أيام، وأكد فيه بوتين رفضه للممارسات الاسرائيلية التي تحول دون وصول المصلين بحرية الى المسجد الاقصى المبارك».
وقبل ذلك استدعت الخارجية الروسية سفير تل أبيب في موسكو، للاحتجاج على إدانة إسرائيل للتدخل الروسي العسكري في أوكرانيا، وتصويتها لصالح قرار تعليق عضوية موسكو في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.لا شك أن أي موقف سياسي مساند للشعب الفلسطيني، في مواجهة الاحتلال الصهيوني يستحق الترحيب والتشجيع، سواء كان صادراً عن موسكو أو غيرها؟ لكن التصريحات الروسية كانت ردة فعل لإدانة اسرائيل للحرب الروسية على أوكرانيا، فهل اكتشفت الخارجية الروسية فجأة، كما ورد في بيانها أن إسرائيل «تخالف قرارات الأمم المتحدة من خلال مواصلة الاحتلال غير القانوني والضم الزاحف لأراضي الفلسطينيين"؟! وكيف يفسر «المتحمسون» التنسيق بين موسكو وتل أبيب، بشأن الاعتداءات التي يقوم بها الطيران الاسرائيلي على سوريا منذ سنوات، بوجود قواعد عسكري? روسية في سوريا..!أعرف أن مواقف قيادة أوكرانيا منحازة لدولة الاحتلال، وأن رئيسها ووزير خارجيتها من أصول يهودية، ويمكن أن يقال الكثير حول ذلك، لكن تأثير أوكرانيا محدود جدا في السياسة الدولية وهي ليست بحجم روسيا، وعليه فان التنسيق الاسرائيلي الروسي أكثر خطورة، سواء في قصف سوريا أو حول قضايا أخرى، وللتذكير فقد زار نتنياهو موسكو والتقى بوتين أكثر من عشر مرات خلال عامين قبل رحيله عن السلطة، كما زار خلفه بينيت موسكو مؤخرا في إطار وساطة لانهاء الحرب الروسية الاوكرانية.ولو فرضنا أن «الامبراطورية الاميركية» الداعم الرئيسي لاسرائيل انهارت، كما حدث بالنسبة للامبراطوريات الكبرى عبر التاريخ، وبضمنها الامبراطورية السوفياتية التي ورثتها روسيا، فمن سيقوم بدعم ورعاية اسرائيل؟أظن أن روسيا مرشحة لهذا الدور، والسبب أنها كما هي أميركا ومختلف الدول العظمي تبحث عن مصالحها، ولا تخفي أطماعها التوسعية، «عسكرية أو اقتصادية أو ثقافية»، فالدول ليست جمعيات خيرية، ولأن دولة الكيان الصهيوني أقيمت وسط الجسد العربي، للإمعان في تمزيقه ومنع توحيد أجزائه، وذلك يحقق مصالح ومطامع الدول الكبري، ولان الدولة الثانية من حيث القوة العسكرية بعد أميركا هي روسيا، أعتقد بأنها ستتولى دعم ورعاية اسرائيل اذا انهارت الاولى!وثمة عنصر قوة يبرر لموسكو القيام برعاية دولة الاحتلال، وهو وجود أكثر من مليون يهودي روسي، هاجروا إلى اسرائيل بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، ويوجد حزب مهم يمثل هؤلاء يتزعمه ليبرمان، وهو من أكثر الاحزاب اليمينية تطرفا في الكيان الصهيوني، وكما كانت إحدى ذرائع موسكو لغزوها أوكرانيا حماية لجالية الروسية هناك، من السهل أن تستخدم نفس الذريعة لدعم اسرائيل!Theban100@gmail.com