مدارالساعة - استعرض رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية اليوم الأربعاء، أولويات الحركة للمرحلة المقبلة، ودعا الفصائل إلى صياغة استراتيجية موحدة تستند إلى القواسم المشتركة وتشكيل حكومة وحدة وطنية.
وأكد هنية في خطاب مطول ألقاه في مدينة غزة هو الأول له منذ ترأسه رئاسة المكتب السياسي لحماس، على وحدة الشعب الفلسطيني ورفضه التجزئة، مشيرا إلى أن هذا الشعب "قاوم التوطين وتصدى للعدوان والحصار ولمحاولات التهويد ووقف في وجه التهجير ومحاولات طمس الهوية".
وقال إن "شعبنا واحد لا يقبل التجزأة وصاحب قضية عادلة لا تقبل القسمة وصاحب الحق الثابت في فلسطين التي لا يمكن التنازل عن ترابها".
وأضاف أن "شعبنا لا يلتفت للمرجفين ولكل من يحاول أن يجبره على الأمر الواقع ونسيان حقوقنا وثوابتنا الراسخة في ارضنا ومقدساتنا بالترهيب والترغيب".
مسيرة التسوية
حذر هنية من التورط في المشروع الهادف إلى تصفية القضية الفلسطينية تحت مسمى السلام الإقليمي، مؤكدا "أننا لن نسمح أبدا بتمرير أي مشاريع تمس بالحقوق الفلسطينية الثابتة وأن الشعب الفلسطيني لم يفوض أي طرف فلسطيني أو عربي أو كائن من كان بالتنازل عن حقوقه ومكتسباته".
وتعهد هنية بالتصدي لأي "صفقة مشبوهة تنتقص من أي شيء من حقنا التاريخي في فلسطين باعتبارها صفقة فاشلة لن تلزم الشعب الفلسطيني اليوم ولا في المستقبل".
وقال إنه منذ وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الحكم "بدأت بشكل متسارع التحركات والمحاولات لجني ثمار الأوضاع الراهنة من قبل الاحتلال بابتزاز الأمة العربية والإسلامية لتصفية القضية الفلسطينية وفرض ما يسمى المصالحة التاريخية أو صفقة القرن كما يطلقون عليها".
وأضاف "لا بد لنا كشعب فلسطيني أن نملك زمام المبادة ونرتب أوضاعنا ونحصن بيتنا ونؤمن جبهتنا ونحمي حقوقنا وأن نكون موحدين لتأكيد أن أي حلول أو تسويات تتعارض مع حق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال والعودة وإقامة الدولة ذات السيادة لن يكتب لها النجاح وسنقف سدا منيعا في وجهها".
المصالحة الوطنية
أكد هنية أن البيئة السياسية والإدارية المحيطة بالنظام السياسي الفلسطيني وبالطريقة التي تدار فيها الأمور يكبل إمكانية تحركاتنا نحو الحرية والاستقلال ويعطي الفرصة للاحتلال لتنفيذ مخططاته.
وعليه دعا هنية إلى صياغة برنامج سياسي واضح وموحد يستند إلى القواسم المشتركة ويرتكز على أهداف شعبنا وحقوقه وتطلعاته، وتشكيل حكومة وحدة وطنية تفي بكل التزاماتها تجاه شعبنا في الضفة وغزة على حد سواء.
كما دعا إلى التحضير لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني على قاعدة الانتخابات الحرة والنزيهة والاتفاق على موعد محدد لإجراء الانتخابات، مؤكدا أن حماس لا تخشى الانتخابات وجاهزة لها.
وقال إنه "حتى يتحقق ذلك يجب تهيئة الظروف والمناخات وإزالة كل المعيقات وفي مقدمتها التراجع عن جميع الإجراءات العقابية بحق غزة وأهلها وقيام حكومة التوافق بواجبها تجاه أهل غزة ولا زال المجال مفتوح أمامها لتقوم بواجبها وحين يتم ذلك لن يكون هناك مبررا لبقاء اللجنة الإدارية وسيتم وقف عملها وإنهاء دورها".
وأضاف أن حماس "منفتحة على كافة الفصائل والقوى من أجل حماية المشروع الوطني الفلسطيني وتعزيز صمود شعبنا ومتمسكة بوحدة الضفة والقطاع".
وذكر هنية أنه أبلغ المسئولين المصريين أنه لا مانع لدى حماس من ممارسة حكومة التوافق من القيام مهامها وأن الواقع العملي فرض تشكيل اللجنة الإدارية لمتابعة شؤون المواطنين، مرحبا بدور مصر لاستئناف جهودها في ملف المصالحة.
وشدد على أن "العمل لفلسطين وتمثيل الشعب الفلسطيني لا يقتصر على المؤسسات والأطر السياسية بل هناك قامات وطنية ومؤسسات مختلفة تحمل الهم الوطني تعمل في مجالات مختلفة يقع على عاتقهم الكثير من الجهد ونعمل على نسج علاقات جيدة معهم باعتبار فلسطين وطن الجميع والمواطن الفلسطيني شريك في تحقيقها".
أولويات حماس
أعلن هنية أن أولويات عمل حماس في المرحلة المقبلة تتمثل في مواجهة الاحتلال الغاشم لأرضنا ومقدساتنا وإجراءاته المخالفة للقوانين الدولية سواء ما يتعلق بها بالقمع أو الحصار أو مصادرة الأراضي والاستيطان والتهويد.
وأكد أن "سلاحنا الفاعل هو وحدة الموقف الفلسطيني الذي يستند لرؤية سياسية جامعة توحد الجهود وتتحرر من الرهانات على الوعود الكاذبة التي جربها شعبنا طول مسيرة المفاوضات".
وقال "نعلن بكل وضوح رفضنا نسب حائط البراق للمحتلين، فحائط البراق جزء أصيل من المسجد الأقصى المبارك ولا يمكن التنازل عنه، وكيف نتنازل عنه وهو موروث النبوة في ليلة الإسراء".
وأضاف "سندعم صمود أهلنا وشعبنا في مواجهة مخططات الاحتلال وسنقاوم من أجل أن يدفع العدو ثمن احتلاله وفي سبيل ذلك سنتعاون مع مكونات شعبنا للتصدي لغول الاستيطان ولجدار الضم والتوسع الاستيطاني".
وأكد هنية أن قضية القدس المحتلة بؤرة اهتمام الحركة فهي مركز الصراع، مبيناً أن حماس ستعمل من أجل حماية عروبة القدس وإسلاميتها ومقاومة كل محاولات التهويد والتفريغ السكاني وتغير الطابع الديموغرافي للمدينة.
وقال إن الحركة ستعمل على تعزيز صمود أبناء القدس وإبقائها رمزا لكفاح شعبنا وجهاد أمتنا والحفاظ عليها أيقونة للنضال ووجهة للمقاومة.
وأضاف أن محاولات الاحتلال فرض أمر واقع في المسجد الأقصى المبارك عبر مخططات التهويد والتقسيم الزماني والمكاني والاقتحامات المتواصلة والسماح لأعضاء الكنيست بدخول الأقصى لن تفلح في أهدافها، وسيبقى المسجد الأقصى إسلامياً خالصاً ولن يكون للاحتلال فيه موطئ قدم.
وعبر هنية عن رفض الحركة نسبة حائط البراق للاحتلال "فحائط البراق جزء أصيل من المسجد الأقصى المبارك ولا يمكن التنازل عنه بحال من الأحوال".
وشدد هنية على أن "معضلتنا الوطنية في الضفة الغربية تكمن في التنسيق والتعاون الأمني، فالاعتقالات والملاحقات واجهاض المقاومة يعود لهذه المعضلة ومن هنا نجرم التعاون الامني بالضفة وندعو لوقفه فورا التزاما بالنهج الوطني السليم وبأدبيات حركات التحرر الوطني وتنفيذا لقرارات المجلس الوطني المركزي لحركة فتح".
وذكر أن أهلنا في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 يتعرضون للإرهاب ولطمس الهوية ويواجهون سياسات الهدم والضم ومحاولات تفريغ الأرض من أصحابها، مشيدا بصمودهم للحفاظ على المسجد الأقصى والمقدسات والثبات في صراع الهوية.
وأكد أن دعم صمود أهلنا في الداخل المحتل وتبني مطالبهم وحماية حقوقهم ومكتسباتهم وترسيخ انتمائهم حق على شعبهم وأمتهم التي لن تخذلهم لانهم درة تاجها وموضة أملها.
وأعلن مساندة الحركة لنواب المجلس التشريعي المختطفين لدى الاحتلال الصهيوني وكان آخرهم النائب محمد بدر والنائب خالدة جرار التي تدفع ثمن الموقف الحر والجرأة الوطنية والرفض للتنسيق الأمني.
حول ملف الشتات، قال هنية مخاطبا اللاجئين "نحمل همكم ونتابع قضاياكم فانتم السواعد المقاومة التي حملت راية النضال الفلسطيني لسنوات وعقود والتي سوف تعود لتبني الوطن ومهما طال الزمن فإن قضية اللجوء لن تتحول إلى قضية منسية في تيه الغربة".
وأضاف "سيبقى اللاجئون هم جوهر القضية الفلسطينية فهي قضية سياسية بامتياز وحق العودة حق مقدس لا يسقط بالتقادم ولا تملك اي جهة في العالم شطب هذا الحق ولذا سنحبط معهم كل محاولات التوطين وما يسمى بحل الوطن البديل ولا بديل عن فلسطين إلا فلسطين".
وتابع "أننا سنواصل العمل ونضع الخطط والبرامج لطي صفحة التهميش والتغيب لمراحل خلت، حتى يعود لفلسطيني الخارج - الذين يتجاوز عددهم 6 ملايين فلسطيني- ويشكلون الجناح الأخر الذي يحلق به كفاحنا من استئناف دورهم الرائد في الحركة الوطنية الفلسطينية وفي القرار السياسي الفلسطيني وفي المساهمة في مشروع التحرير حسب ظروفهم".
وأكد أن فلسطين وطننا لا نرضى عنها بديلا، داعيا الدول العربية المضيفة لوضع استراتيجية عربية فلسطينية لحماية حق العودة ومواجهة مشاريع التوطين.
كما طالب الأمم المتحدة بالقيام بواجباتها تجاه اللاجئين بكافة أماكن تواجدهم حتى عودتهم لفلسطين خاصة فلسطيني سوريا الذين ذاقوا مرارة التهجير واللجوء وتوزعوا في الاقطار ودفعوا فاتورة باهظة من التشرد والحرمان وندعو لحمايتهم وايوائهم ولن نتخلى عن واجبنا اتجاههم.
وأكد سعي حماس لحماية الوجود الفلسطيني في لبنان وتحييده عن الصراعات الإقليمية والمحلية وتعزيز العلاقات الأخوية اللبنانية الفلسطينية ومتابعة الموضوع الفلسطيني في لبنان بكل جوانبه.
وقال "سنتعاون مع كل أبناء شعبنا من أجل أمن المخيمات الفلسطينية واستقرارها ونعمل في الوقت ذاته لتكون المخيمات عامل استقرار وتساهم في ترسيخ السلم الأهلي باعتبار أن استقرار لبنان والدول العربية مصلحة فلسطينية ولبنان المعافى والقوي قوة للقضية".
حصار غزة
أشار هنية إلى أن حصار قطاع غزة دخل عامه ال 11 على التوالي وأهل القطاع صامدون ثابتون على مبادئهم مدافعون عن حقوقهم ولم تفلح آلة الحرب في كسر إرادتهم بل أنهزم الاحتلال في حروبه المتتالية على القطاع.
وقال إن "هذا القطاع بدل من أن يكافئ أهله ويعزز صمودهم تحاك ضدهم الإجراءات التصعيدية وتقطع عنهم الرواتب والدواء والغذاء وتمنع عنهم التحويلات الطبية التي بسببها أزهقت أرواح أبرياء من الأطفال الخدج الرضع".
وأضاف أن "أبناء غزة لم يقبلوا يوما بالذلة والهوان وبهم ومعهم كبرت المقاومة وأشتد عودها وقوي بأسها وترسخت اقدامها وتطورت ادواتها واستراتيجيتها وخططها وأصبحت المقاومة في غزة وعلى رأسها كتائب القسام مصدر أمل في تحرير الوطن السليب".
وشدد هنية على أن غزة "كانت وستبقى عصية على كل المؤامرات أبية لا تركع إلا لله وعزيزة بمقاومة لا تهدأ ولا تذل لها راية حتى النصر المبين"، مؤكدا أنه "آن الأوان لإنهاء الحصار عن غزة وليس تشديده.
وقال "إننا نحمل الاحتلال المسؤولية المباشرة والرئيسية عن حصار غزة إلا أننا نقول: بأن القرارات الاخيرة التي تأخذها السلطة أساءت للنسيج الوطني الفلسطيني وعليها أن تغير سياساتها تجاه غزة فأبناء القطاع بمختلف مكوناتهم يمدون اليد لجمع الكلمة ولإعادة اللحمة لمواجهة الاخطار".
وذكر أنه أمام التطور الخطير الحاصل من السلطة تحركت حماس من أجل انقاذ غزة وتوفير الحياة الكريمة لأهله من الكهرباء والسفر والرواتب وغيرها، مشيرا إلى المسئولين المصريين أبدوا كل الاستعداد من أجل معالجة أزمات غزة وصدرت التعليمات والتوجيهات من الجهات الرسمية بمصر من أجل ذلك.
وأوضح هنية أنه جرى العديد من المباحثات والتفاهمات وأسفرت عن جملة من النتائج التي سيكون لها أثرها في تخفيف أعباء الحصار والممارسات غير الإنسانية ضد شعبنا في قطاع غزة.
وشدد هنية على أن الدعم القطري لغزة أحدث نقلة نوعية في حياة الناس في غزة، فقد كانت قطر نعم العون والسند في سنوات الحصار وساعات العسرة، موجه التحية لدولة قطر وأميرها.
وشكر في ذات الوقت كل من قدم الدعم لأهلنا وشعبنا ومقاومتنا الباسلة، وكان لهم بصمات واضحة وتحديدا تركيا التي ساندتنا سياسياً ومالياً وإنسانياً ووقفت بكل أصالة مع معاناتنا وقدمت العديد من المشاريع والمساعدات.
كما شكر إيران التي ساندت ودعمت المقاومة والقسام بلا حدود، وأسهمت في تراكم وتطوير القوة التي نملكها، وكذلك المملكة العربية السعودية، والشكر الى كل من وقف مع فلسطين وغزة من حكومات وهيئات وأفراد من الأمة وأحرار العالم.
واستكمالاً للقاءات التي عقدتها الحركة مع جميع الفصائل والشرائح الفلسطينية ومن أجل تخفيف الحصار عن غزة أكد هنية أن وفد الحركة الذي زار مصر مؤخراً برئاسة يحيى السنوار رئيس الحركة في غزة عقد لقاءات فلسطينية فلسطينية أسفرت عن تفاهمات سوف تنعكس إيجاباً على أهلنا في القطاع، كما سوف تمثل توطئة للمصالحة الوطنية الشاملة.
ورداً على إجراءات عباس بوقف رواتب الأسرى وعوائل الشهداء، قال هنية إنني كرئيس للمكتب السياسي لحركة حماس أتعهد لعوائل الأسرى والشهداء بأننا سنتقاسم معاً لقمة العيش ولن نخذلكم ولن يخذلكم شعبكم وأمتكم.
ووضع هنية تحقيق المصالحة الوطنية وبناء شراكة وطنية تجمع كل القوى والفصائل الفلسطينية على رأس أولويات حركة حماس، داعياً أبناء شعبنا في حركة فتح وكل فصائل العمل الوطني والإسلامي للبدء اليوم في تطبيق جميع الاتفاقيات التي وقعناها في القاهرة والدوحة والشاطئ وبيروت وأن نحترم ما جاء في وثيقة الوفاق الوطني.
وعبر هنية عن اعتزاز الحركة بمستوى وعمق العلاقة والتنسيق في كل المجالات مع الإخوة في حركة الجهاد الإسلامي رفقاء الدعوة والسلاح، كما عبر عن ارتياح الحركة لتطوير العلاقة مع الجبهة الشعبية وزيادة مساحة العمل والتنسيق والفهم المشترك لتطورات السياسة ومقتضى الواقع.
وتابع" نحن مرتاحون لطبيعة العلاقة مع جميع قوى وأذرع المقاومة الفلسطينية الباسلة في الداخل والخارج، وعاقدون العزم أن نحدث نقلة نوعية في هذه العلاقة خدمة لشعبنا ووطننا".
بداية الخطاب
وكان هنية استهل خطابه بتأكيد التزامه بعهد الحفاظ على ثوابت شعبنا وفي مقدمتها تحرير الأرض والقدس والأقصى والأسرى وتحقيق العودة واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.
وقال "هذا عهد الجهد منذ انطلاق الثورات الفلسطينية وحتى اليوم وهذا عهد شهداء انتفاضة القدس والاقصى الذين هبوا للدفاع عن فلسطين والقدس والمقدسات المسيحية والإسلامية، فارتقوا منهم الشهداء الأبرار ومنهم من ينتظر ليواصلوا طريق المقاومة".
وأضاف "تحية للشهداء والجرحى والاسرى الذين يصمدون في وجه الجلاد .. فتصعيد الاحتلال ضد الاسرى يجب ان يتوقف وأن استمرار الاحتلال في ممارسة سياسة الاعتقال الإداري الظالمة التي تطال المئات من قيادات شعبنا ونوابه وأبنائه هو إرهاب على مرمى ومسمع العالم دون أن يحرك ساكنا ونقول أن ظلم السجن لن يطول ولن يكسر إرادة اسرانا الاحرار وان تحريرهم بات أقرب من أي وقت مضى".
وحيا هنية كافة الأجنحة العسكرية للفصائل وعلى رأسها كتائب القسام، مؤكدا أن المقاومة الفلسطينية واجهت العدو وإرهابه في كل مكان ولا زالت تعد العدة ليل نهار من أجل تحقيق طموحات شعبنا في التحرير والعودة وهي مصدر فخر واعتزاز لشعبنا وامتنا ولكل أحرار العالم فهي شرف فلسطين وفخر الشعب وأمل الأمة.