ما شهدته الصناعة الوطنية خلال العامين الماضيين كان اقرب الى الاعجاز، لما حققته من انجازات كبيرة وصمود أكبر فاجأنا كما فاجأ العالم اجمع، وخاصة اذا قارنا ما تحقق بالتحديات والمعيقات التي يواجهها وابرزها كلف الطاقة والمنافسة الشرسة من صناعات مشابهة، فما الاسباب التي دفعت الى هذا الانجاز؟.
الجميع يعلم ان العامين الماضيين تزامنا مع دخول جائحة كورونا والتي لم تكن أول تحد يقف امام الصناعة الوطنية التي عانت ايضا وعلى مدار العقد الماضي من تحديات كبيرة، ابرزها التوترات الامنية في الدول المجاورة والتي تعتبر سوقا رئيسيا لصادراتنا والتي تراجعت فيها حصص الصناعة الى نسب مرتفعة جراء اغلاقات المعابر الحدودية نتيجة التوترات الامنية فيها، بالاضافة الى الربيع العربي وما خلفه من انقطاع في الغاز المصري الذي تسبب في رفع كلف الطاقة على الصناعة الوطنية الى ما يزيد عن النصف ما تسبب في اضعاف تنافسيتها، وغيرها وغير?ا من التحديات التي لم يقبل القطاع الصناعي الرضوخ لها حتى بات اليوم من اهم اعمدة الاقتصاد الاردني على الاطلاق.أسباب كثيرة ساهمت بشكل كبير بصمود القطاع الصناعي ومقاومته للتحديات التي واجهته، وابرزها التشاركية الكبيرة التي بتنا نلمسها خلال الاعوام الثلاثة الاخيرة ما بين الحكومة والقطاع الصناعي ممثلا في مجلس ادارة موحد ومنسجم ومتوافق سهل ومهد الطريق أمام الحكومة الحالية والسابقة بمد جسور التواصل والتعاون والتشارك في ايجاد الحلول للتحديات التي تقف أمام القطاع، متزامن مع قناعة راسخة لدى الحكومة ومدعومة بتوجيهات ملكية باهمية القطاع الذي اثبت خلال جائحة كورونا معنى ان يكون لديك صناعة قوية قادرة على توفير كافة السلع وبديل?للمستورد في حال انقطاعه، جعل من الحكومة والجهات المختصة العمل على حل ابرز المعيقات التي تواجه القطاع وفي العديد من الملفات.التشاركية الكبيرة الموجودة حاليا والمتجسدة باللقاءات المشتركة الكثيرة والعديدة اسفرت عن وضع العديد من الحلول لما يواجه القطاع ولعل ابرزها تخفيف فاتورة الطاقة على القطاع اعتبارا من الشهر الحالي، ووضع حد لمزاجية التعامل من قبل بعض الدول الصديقة والشقيقة بتطبيق سياسة المعاملة بالمثل على الصادرات والواردات مع بعض الدول، بالاضافة الى ايجاد ووضع خطط ستساهم في انتقال الصناعة الوطنية الى الطاقة المتجددة وتسهيل ربط المصانع بخطوط غاز قريبا لاستخدامها في الانتاج بديلا عن الكهرباء بالاضافة الى دعم الحكومة لحملة «صنع ف? الاردن» من خلال اجراءات تحفيزية.الصناعة الوطنية تساهم بما يقارب عن 25% من الناتج المحلي الاجمالي، وتشغل ما يزيد عن 150 الف فرصة عمل وتساهم بشكل كبير في رفع حجم الصادرات الوطنية اذ ارتفعت صادرات الصناعة الوطنية خلال العام 2021 الى مستوى تاريخي غير مسبوق وصل إلى حوالي 5.6 مليار دينار (تقريباً 8 مليارات دولار) مسجلة معدل نمو وصل ما نسبته 20% مقارنة مع عام 2020، و 21.6% مقارنة مع عام 2019.ختاما، الصناعة الوطنية تحقق انجازات متتابعة مثبتة بالورق والقلم وتحقق انجازات كبيرة اذا ما قارناها بالامكانيات والموارد المتاحة ولا تحتاج منا جميعا سوى ان ندعمها ولو بقليل من الايمان، وعلى الحكومة ان تستمر بهذه الشراكة واستغلالها في تعظيم الصناعة الوطنية والاستفادة من استغلال 4.4 مليار دينار فرص تصديرية ضائعة وقلبها الى حقيقة تضاف الى ما حقق من انجاز الى غاية الان.
صناعتنا قوية.. فما الاسباب؟
مدار الساعة (الرأي) ـ