أعلنت الهيئة المستقلة للانتخاب أنها قد تبلغت بتسجيل (17) طعنا بنتائج انتخابات رئاسة وعضوية المجالس البلدية ومجالس المحافظات ومجلس أمانة عمان لعام 2022، وذلك بعد انقضاء المدة الزمنية المحددة في قانوني الإدارة المحلية وأمانة عمان، واللذين يعطيان كل ناخب الحق في الطعن بصحة الانتخاب خلال خمسة عشر يوما من تاريخ نشر نتائج الانتخابات في الجريدة الرسمية، وذلك إلى محكمة البداية التي تقع دائرته الانتخابية ضمن اختصاصها.
إن تقرير الاختصاص بالطعن القضائي لمحاكم البداية المنتشرة في جميع أنحاء المملكة يفترض معه زيادة أكبر في عدد الطعون، حيث تتمثل صلاحيات محكمة البداية في سماع البينات التي تقدم لها أو تطلبها. كما لها أن تتخذ كافة الإجراءات التي تراها مناسبة للفصل في الطعن المقدم إليها، والتي تشمل طلب إعادة فرز الأصوات من قبل لجنة خاصة تشكلها لهذه الغاية.أما نتيجة الفصل في الطعون الانتخابية، فتشمل إما الحكم برد الطعن أو قبوله وإبطال انتخاب المطعون ضده، وتثبيت انتخاب غيره لرئاسة أو عضوية مجلس البلدية أو مجلس المحافظة أو مجلس أمانة عمان. كما تمتد صلاحيات محكمة البداية إلى إلغاء عملية الانتخاب كلها أو بعضها في أي دائرة انتخابية، ليصار بعد ذلك إلى إعادة الانتخاب فيها في وقت آخر تحدده الهيئة المستقلة.وتجدر الإشارة إلى أنه ليس كل خطأ إجرائي أو اختلاف في نتائج الفرز سيترتب عليه إعلان بطلان الانتخاب، حيث يمكن الاسترشاد في هذا الخصوص بحكم محكمة الاستئناف في القضية رقم 73/2013 المتعلقة بالطعن بنتائج الانتخابات النيابية، والذي جاء فيه «إن الأخطاء والعيوب التي حصلت في العملية الانتخابية لم تؤثر على نتيجة الاقتراع، حيث بقي المطعون بصحة عضويتهم هم الحاصلون على أعلى الأصوات في الدائرة الانتخابية، ولم يترتب على التعديلات التي أجرتها المحكمة على هذه النتائج تعديل في مركزهم القانوني كفائزين في الانتخابات».وقد أعطت القوانين ذات الصلة محكمة البداية مدة ثلاثين يوما للفصل في الطعون المقدمة إليها، ويكون قرارها في هذا الشأن قطعيا ويتم نشره في الجريدة الرسمية. وخلال هذه المدة الزمنية يكون رؤساء وأعضاء المجالس المحلية قد باشروا مهام عملهم، وأصدروا القرارات الخاصة بتنظيم العمل داخل إداراتهم اللامركزية.وعليه، فإنه يثور التساؤل حول صحة هذه الأعمال والتصرفات التي صدرت قبل صدور قرار المحكمة بإعلان بطلان الانتخاب، حيث تصدت القوانين المعنية لهذه المسألة، ونصت صراحة على اعتبار كافة الإجراءات التي اتخذها مجلس المحافظة أو المجلس البلدي قبل بطلان انتخاب أي عضو فيهما صحيحة.وبالمقارنة مع أعداد المترشحين للانتخابات المحلية الأخيرة وإجراء انتخابات بموجب قوانين جديدة وإنشاء مجلس أمانة عمان لأول مرة، فإن عدد الطعون الانتخابية قد جاء متواضعا. وهذا ما يمكن تفسيره بناء على جملة من الأسباب السياسية والاجتماعية، ومن ضمنها الأسباب الاقتصادية. فعملية بالطعن بنتائج الانتخاب سيترتب عليها أعباء مالية على الطاعن أهمها الحاجة إلى توكيل محامٍ لتسجيل الطعن لدى محكمة البداية المختصة، ومتابعة إجراءات السير فيه. فالمادة (41) من قانون نقابة المحامين تحظر على المتداعين أن يمثلوا أمام محاكم البداية إلا بوساطة محامين مزاولين يمثلونهم، كما أنها لا تجيز تقديم أي دعوى قضائية أمام محاكم البداية إلا إذا كانت موقعة من أحد المحامين الأساتذة، وذلك تحت طائلة البطلان.إن تقليل التكلفة المالية للطعن بالانتخابات من شأنه أن يشجع الناخبين على ممارسة حقهم القانوني في الاعتراض على نتائجها النهائية. وفي هذا السياق، نقترح إنشاء صندوق خاص للمساعدة القانونية يتولى تغطية أتعاب المحامين مقابل تمثيلهم للناخبين لدى الجهات القضائية المختصة ضمن شروط وأحكام خاصة، وذلك أسوة بالصندوق الذي أنشأته المادة (208) من قانون أصول المحاكمات الجزائية، والذي يقوم بدفع أتعاب المحامين الذين يتم توكيلهم لمتابعة المتهمين في القضايا الجزائية التي يعاقب عليها القانون بالإعدام أو بالأشغال المؤبدة مدة عشر سنوات.
الرأي