بعد ستة شهور من قرار الحكومة بتثبيت أسعار المحروقات لاسباب اهمها مراعاة الظروف المعيشية لأصحاب الدخول الفقيرة والمتوسطة اثناء فصل الشتاء وبالرغم من ارتفاع النفط عالميا، ها نحن نقترب من الحقيقة مرة اخرى فماذا تنوي ان تفعل الحكومة هذه المرة نهاية الشهر المقبل؟
الحكومة وعلى مدار الستة شهور الماضية تحملت ما يقارب 150 مليون دينار نتيجة تثبيتها لاسعار المحروقات محليا بالرغم من وصول اسعار النفط عالميا الى مستويات قياسية، بسبب الحرب الروسية الاوكرانية والتي تزامنت مع فصل الشتاء الذي يكثر فيه استخدام المحروقات (الديزل والكاز) كوسائل تدفئة من قبل المواطنين من اصحاب الدخول المحدودة والمتوسطة، بالاضافة الى بدء تأثر الاسعار العالمية من السلع بهذه الحرب واجور الشحن البحري الذي اثر على مستويات التضخم محليا.الاردنيون نهاية الشهر الحالي على موعد مع اعادة العمل بتسعيرة المحروقات والمرتبطة بالاسعار العالمية مرة اخرى، فلا نية للحكومة الاستمرار في تثبيت أسعار المحروقات وخاصة مع انتهاء احد ابرز المبررات التي دفعتها للتثبيت طيلة الشهور الماضية وهو فصل الشتاء ودخول فصل الصيف الذي يقل فيه استخدام السولار والكاز من قبل الاسر الاردنية من الفئات المستهدفة الفقيرة والمتوسطة الدخل، وعلى هذا ستعيد الحكومة التسعير من جديد بما يتناسب مع الاسعار العالمية وخاصة انها لم تعد تستطيع تحمل المزيد من خسائر الايرادات المتأتية من هذا التثبيت والتي تبلغ ما يقارب 30 مليون دينار شهريا.الأمر الذي يدعو الى الاطمئنان قليلا، أن اسعار النفط بدأت تشهد حالة اقرب الى الاستقرار، بالرغم من التقلبات التي قد تطرأ عليها في اي وقت مع استمرار الحرب الروسية الاوكرانية، وذلك بسبب البدء بعملية السحب من احتياطياتها النفطية الاستراتيجية بعد الموافقة على سحب 120 مليون برميل متضمنين 60 مليون برميل من الولايات المتحدة، ما دفع الى انخفاض العقود الآجلة لأسعار خام النفط نيمكس تسليم أيار القادم 0.35 بالمئة لتتداول عند مستويات 96.83 دولار للبرميل، وهذا ما يدفع الحكومة الى التعاقد على كميات اضافية مستغلة هذا التراجع لضمان عدم تأثر الاسعار بشكل كبير محليا وابقائها عند معدلات مقبولة تتوافق مع القوة الشرائية للمواطنين ولا تؤثر على عجلة الانتاج والنمو الاقتصادي المتوقع نتيجة ارتفاع كلف الطاقة.ختاما، لا يمكن للحكومة الاستمرار بتثبيت أسعار المحروقات متجاهلة الارتفاعات العالمية وعدم عكسها على السوق المحلي وهذه الحقيقة الحتمية التي تفرضها موازنة تعاني ظروفا مالية صعبة بسبب العجز المتراكم، غير ان على الحكومة التحوط واستغلال اي فرصة لانخفاض النفط حاليا في التعاقد على عقود آجلة تستطيع من خلالها المناورة ضمن اسعار معتدلة لا تؤثر بشكل كبير على النمو الاقتصادي وكلف الانتاج ولا على المواطنين من خلال الحفاظ على اسعار النفط ضمن قدراتهم الشرائية التي لا تؤثر على معدلات التضخم.
الرأي