رغم التفويض المفتوح الذي منحه رئيس حكومة/اليمين الاستيطاني في دولة العدو الصهيوني نفتالي بينيت الى قوات جيشه وأجهزة أمنه بمقارفة كل ما يمكنهما ارتكابه في مواجهة الهبة الفلسطينية ضد القمع والتنكيل والاستيطان ومصادرة الأراضي، فإن فقدان ائتلافه الهجين الذي يجمع بين أقصى اليسار ووسطه/ميرتس وحزب العمل, وبين أكثر الأحزاب الصهيونية/يمينية واستيطانا (يميناً/تكفا حداشا/اسرائيل بيتنو، فقدانه الأغلبية بعد انشقاق عيديت سليمان/حزب يمينا وانضمامها لليكود نتنياهو, ما طرح المزيد من التساؤلات وأشاع الارتباك والمخاوف من احتمالات تفكّك الحكومة الراهنة, التي لم يجمع شتات مكوناتها سوى العداء لنتنياهو ورغبة شركاء الائتلاف الحؤول دون استمراره رئيسا للحكومة, اللهم باستثناء منصور عباس وقائمته الموصوفة العربية الموحدة/الجناح الجنوبي للحركة الإسلامية, كون عباس فاوض نتنياهو على الإنضمام لحكومته, وعندما تعذر ذلك على الأخير لم يتردّد/عباس في الإلتحاق بعربة بينيت/لبيد, معتبراً نفسه بغرور أنه «بيضة القبان/وصانع الملوك» ولولاه لما قام الائتلاف, وهو وحده/منصور عباس الذي توهّم ان بمقدوره – متى أراد–إطاحة الحكومة, إلاّ ان استقالة عيديت سليمان فضحت أوهامه وخزعبلاته, وها هو الآن (وحيد) لا أحد يسأل عنه.
وبصرف النظر عمّا تحفل به وسائل الإعلام الصهيونية, من تحليلات وما تبثّه من تسريبات بعضها مجرّد بالونات اختبار وأخرى للتشويش وثالثة لإرباك الخصوم، فإن حكومة بينيت التي وَصفت نفسها «حكومة تغيير» باتت الآن بطّة عرجاء, وإن كان سقوطها غير مؤكد أقله حتى انتهاء العطلة الصيفية للكنيست أواخر ايار القريب, فضلاً عن عجز المعارضة التي يقودها نتنياهو إسقاطها (وهي مُعارضة غير مُوحدة كما يجب التنويه), لأن مقاعد الكنيست الـ «120» مُقسمة مُناصفة بين الحكومة والمعارضة, اي ان إئتلاف بينيت يحوز على «60» مقعداً/بعد استقالة عيديت سليمان, وباتت المعارضة تتوفر على عدد مماثل ما يمنح فرصة لأحد الطرفين ان يستميل نائباً لصالحه من نواب المعسكر الآخر, وهو غير متاح لبينيت/ليبيد, فيما تتوفر فرصة أكبر لنتنياهو لـ"التقاط» نائب أو أكثر, خاصة من حزب «يمينا» الذي يرأسه بينيت,إذ لم يعد لديه سوى خمسة نواب, ثمة ثلاثة منهم وعلى رأسهم ايليت شاكيد/وزيرة الداخلية, ينسقون فيما بينهم دون وراء ظهر رئيس الحزب/بينيت.ثمة تطور لافت استجد –وإن كان تكرّر ايضاً هذه المرّة– وهو تَركّز الأنظار الآن نحو نواب فلسطينيي الداخل/نواب القائمة المشتركة (وليس بينهم بالطبع نواب العربية الموحدة برئاسة الإسلاموي المتصهين/منصورعباس اللي فقد ظله وتأثيره), وما إذا كانت المُشتركة ستُوفر «شبكة أمان» لهذا الإئتلاف المهزوز والمُرشّح للسقوط, حال نجاح نتنياهو في استمالة نائب أو أكثر من كتل الإئتلاف (ربما يكون منصور عباس وكتلته, إذ هو/نتنياهو مَن مهّد الطريق لليمين الإستيطاني كي يُضفي الشرعية على مشاركة نواب من فلسطينيي الداخل الى ائتلاف كهذا, قياساً على مبادرة نتنياهو, الذي لم يُهاجم مشاركة عباس هذا الإئتلاف كونه مَ إتفتح المزاد).وإذا ما واصلنا الإتكاء على مصطلح/بيضة القبان, الذي وظّفه منصور عبّاس لتبرير انضمامه الى حكومة اليمين/الإستيطاني, بل أسوأ حكومة في تاريخ الكيان كونها الأكثر نشاطاً في الإستيطان ومصادرة الأراضي وشرعته البؤر الإستيطانية, والأكثر حصاراً وتهويداً للقدس واستيطان/وتهويد «النقب» ومصادرة أراضيه, والرافضة بحزم فتح اي قناة «سياسية» مع سلطة الحكم الذاتي في رام الله, والتي تُعلن ضد بكل تحدّ ان «حل الدولتين» ليس على جدول أعمالها, وأن دولة فلسطينة مستقلة ناتجة عن «مفاوضات» فلسطينية/اسرائيلية لن تقوم في عهدها، فإن القائمة المشتركة تتعرض الآن لضغوط مُكثفة من أطراف صهيونية, وخصوصاً تلك التي تدعي انها من معسكر اليسار/ميرتس وبقايا حزب العمل, كي تُوفر «مظلّة أمان» لهذا الإئتلاف المهزوز حتى لا يعود نتنياهو (كذا), اي ان على «المشتركة» التي «تَرفّع» قادة الإئتلاف مجرد سماع وجهة نظرها, بل ان أحد اركانها وزير الحزب الصهيوني ورئيس حزب كاحول لافان/ازرق ابيض بيني غانتس, رفض محاورتها بعد ان رشّحته لرئاسة حكومة جديدة إثر حصول حزبه(قبل انشقاقاته)على المرتبة الثانية, مُفضّلاً/غانتس الإلتحاق بنتنياهو, الذي أذلّه وركله في النهاية, وأسهم في تمزيق حزبه الذي لم يُحرِز في الإنتخابات الأخيرة/23آذار 2021 سوى سبعة مقاعد.هل على القائمة المشتركة/6مقاعد بمكوناتها الثلاثة/الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة, التجمّع الوطني والعربية للتغيير, ان تختار بين حكومة اليمين/الإستيطاني الحالية وحكومة اليمين/الفاشي التي قد ينجح نتنياهو في تشكيلها؟. نحسب أنها – رغم عدم تطابق مواقف مكوناتها الثلاثةـــ لن تقع في فخ كهذا, وستُقدم مصالح فلسطينيي الداخل وقضاياهم الوطنية على أي امتيازات ووعود صهيونية/خُلّبية أخرى لن تُنفّذ أصلاً, وتجربة منصور عباس الماثلة خير دليل.kharroub@jpf.com.jo
الرأي