أقر مجلس الأمة بشقيه الأعيان والنواب قبل أيام مشروع قانون الانتخاب الجديد لعام 2020، وبذلك يكون المجلس قد أنهى إقرار «مثلث» التشريعات الإصلاحية التي اقترحتها اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية.
ويتبقى صدور الإرادة الملكية السامية بالموافقة على مشروعي قانوني الأحزاب السياسية والانتخاب، لكي يدخلا حيز التنفيذ.وإن أردنا أن نقف وقفة تأمل ومراجعة لموقف مجلسي الأعيان والنواب مما أوصت به اللجنة الملكية من تعديلات دستورية وأحكام جديدة تخص الأحزاب السياسية والانتخاب، يمكننا القول إن مجلس الأمة قد قام بدور إيجابي، وبأنه قد اجتهد وأدخل تعديلات مهمة، وإن امتازت بأنها لم تكن جوهرية أو مفصلية.فالتعديلات الدستورية المقترحة من اللجنة الملكية قد جرى إقرارها بمجملها باستثناء توصيات تتعلق بنطاق الحصانة النيابية وإمكانية توقيف عضو مجلسي الأعيان والنواب أثناء اجتماعات المجلس، والتي تم رفضها. كما خالف مجلس الأمة اللجنة الملكية من خلال السماح لأعضائه بإبرام عقود مع الحكومة والمؤسسات العامة والشركات التي تملكها أو تسيطر عليها الحكومة، إذا كان أي منهم مساهما أو شريكا في شركة بنسبة لا تزيد على (5%).وبخصوص قانون الأحزاب السياسية، فقد أبقى مجلس الأمة على الملامح الأساسية المتعلقة بتأسيس الأحزاب ونقل مسؤولية الإشراف عليها إلى الهيئة المستقلة للانتخاب، مع مخالفة توصيات اللجنة الملكية في جزئيات إجرائية أهمها عدم الموافقة على أن يكون هناك مفوض خاص في الهيئة المستقلة للانتخاب يكون متابعا لشؤون الأحزاب، وأن ينعقد هذا الاختصاص لمجلس مفوضي الهيئة ككل.أما قانون الانتخاب، فقد وافق مجلس الأمة اللجنة الملكية على المفاصل الأساسية المتعلقة بالنظام الانتخابي الجديد، والمتمثل بالقوائم النسبية المفتوحة على مستوى المحافظة والقائمة الحزبية الوطنية المغلقة على مستوى الوطن.كما أقر مجلس الأمة التركيبة الجديدة لأعضاء مجلس النواب من حيث العدد، وتقسيم الدوائر الانتخابية، والأهم من ذلك جرى تثبيت زيادة مقاعد القائمة الوطنية المغلقة خلال السنوات القادمة في نصوص قانونية واضحة وصريحة.ومع ذلك، فقد خالف النواب والأعيان توصيات اللجنة الملكية فيما يخص دوائر البدو، حيث رفضوا الاقتراح المقدم بالسماح لأي أردني من خارجها بأن يترشح فيها إلى الانتخابات النيابية.إن عملية إقرار مخرجات اللجنة الملكية قد عصفت فيها العديد من المشاكل والخلافات، أشهرها العراك الذي شهدته جلسات مجلس النواب الأولى لإقرار التعديلات الدستورية، وما استتبع ذلك من إيقاع عقوبة تجميد العضوية بحق النائب المخالف.ومع ذلك، فقد تمكن العقلاء في مجلس الأمة من إعادة المياه إلى مجاريها، وأثبت مجلس الأعيان أهمية وجوده كصمام أمان للعملية التشريعية، حيث لم يتوان أعضاؤه عن مخالفة النواب في العديد من النصوص القانونية. فأعاد بوصلة التشريع إلى مسارها الصحيح، وبالأخص ما يتعلق بالمدة الزمنية المقررة للأحزاب السياسية المسجلة قبل نفاذ القانون لتصويب أوضاعها، والتي أرادها النواب سنة ونصف وأعادها الأعيان لسنة واحدة فقط.وحري بالإشادة أن مجلس الأمة قد أعطى أولوية لمناقشة مخرجات اللجنة الملكية، فأقرها وأخرجها للعلن في صورة قواعد قانونية هدفها الأساسي تحقيق الإصلاح السياسي. فبعد التصديق على قانوني الأحزاب السياسية والانتخاب، ستصبح هذه التشريعات متاحة لجميع الأطراف المعنية بها من أحزاب ونشطاء سياسيين ومؤسسات مجتمع مدني لكي يطلعوا عليها، ويفهموها بشكل جيد قبل إجراء الانتخابات النيابية القادمة.إن الشكاوى والاعتراضات كانت تنصب دائما على عدم ثبات النصوص القانونية ذات الصلة بالعملية السياسية، وبأنها كانت تعدل في أوقات زمنية قريبة من موعد الانتخاب، بشكل لا يعطي الناخب والمرشح الفرصة الكافية لفهما واستيعابها. أما اليوم، فمخرجات اللجنة الملكية قد رأت النور، وأصبحت واقعا ملموسا يمكن للجميع العمل في ضوئها والتحضير للمرحلة القادمة.أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنيةlaith@lawyer.comالرأي
مخرجات اللجنة الملكية ترى النور
أ. د. ليث كمال نصراوين
أستاذ القانون الدستوري – عميد كلية الحقوق في جامعة الزيتونة
مخرجات اللجنة الملكية ترى النور
أ. د. ليث كمال نصراوين
أستاذ القانون الدستوري – عميد كلية الحقوق في جامعة الزيتونة
أستاذ القانون الدستوري – عميد كلية الحقوق في جامعة الزيتونة
مدار الساعة ـ