سحبت وسائل التواصل الاجتماعي من الصحف ووسائل الإعلام الأخرى، مساحة كبيرة من الإعلانات التجارية، وتغرق هذه الوسائل بعدد كبير من الإعلانات الترويجية لسلع ومنتجات متعددة، تشمل كل ما يحتاجه الإنسان من مستلزمات أساسية أو ترفيهية. فضلا عن إتاحة الفرصة لعامة الناس لنشر ما يتعلق بشؤونهم الشخصية والمناسبات الاجتماعية مجانا، مثل الوفيات والتعازي، وتقديم التهاني بالمناسبات المختلفة، مثل التخرج من (التوجيهي) والجامعة وحفلات الزواج وذكرى تاريخ الولادة والاعياد الدينية.. الخ، بالإضافة إلى نشر التعليقات والآراء المختلفة، إزاء القضايا السياسية والاقتصادية والثقافية، التي تتداخل فيها الأمزجة والمواقف الشخصية مع المعطيات الواقعية، ووسط هذا الطوفان اختلط الحابل بالنابل، بحيث تضيع الحقيقة في أحيان كثيرة!
ميزة الإعلانات التجارية في «السوشال ميديا» مقارنة بوسائل الإعلام التقليدية، أن أجرة نشرها رخيصة ويستمر نشرها لمدة أطول، وبقدر غزارة هذه الاعلانات لكنها من جانب آخر، تتضمن قدرا كبيرا من الخداع والتضليل والغش، وعدد كبير من المستهلكين يقعون ضحية هذا التضليل! لأنه ليس لها مرجعية واضحة للمساءلة، وغالبا من ينشرها أفراد على صفحاتهم الشخصية وبعضها مستنسخة عن صفحات أخرى!وخطورة العديد من هذه الاعلانات أنها تروج لجوانب صحية من قبل أشخاص، لا علاقة لهم بالطب والتخصصات الصحية، ومن قبيل الفضول الصحفي تابعت أحد الاعلانات عن منتج محدد له أبعاد صحية، ينشر على أكثر من صفحة وبأسعار متباينة، والبعض يدعي أنه يتعامل مع الوكيل الحصري لهذه السلع ويضع اسمه، وتواصلت مع الوكيل المشار إليه فأكد لي أن هذه الصفحات مقلدة وسيقوم بمقاضاة أصحابها؟مشكلة هذه المنتجات أنه يتم ترويجها «اون لاين»، ولا يوجد عنوان واضح لمن يبيع السلعة، فهي تباع فقط عبر صفحات وسائل التواصل الاجتماعي وغالبيتها على (الفيسبوك)، حيث يطلب الزبون السلعة عبر الماسنجر أو (الواتساب) أو الاتصال هاتفيا على رقم موبايل، وتصلك السلعة من خلال سائق يضاف على ثمنها غالبا ثلاثة دنانير أجرة توصيل، وفي هذه الحالة لا يستطيع الزبون معاينة السلعة والتأكد من جودتها ومواصفاتها، كما يحدث عندما تشتري من محل تجاري معروف عنوانه، وفي كثير من الحالات تكون البضاعة مغشوشة وصناعة رديئة نخب ثالث أو رابع، وتكتشف أنك دفعت ثمنها بدون فائدة!قد يقول البعض إن المستهلك الذي يطلب السلعة يتحمل مسؤولية وهذا صحيح، لكن لا أحد ينكر أننا في زمن جديد تلعب فيه وسائل التواصل الاجتماعي، دورا محوريا في حياة الناس من الألف إلى الياء، ورافق ذلك تطور في «ثقافة النصب»، فلكل مرحلة متطلباتها وإفرازاتها، مقابل ذلك ثمة مسؤولية على الجهات الرسمية لجهة الرقابة وتطوير التشريعات الناظمة، وليس الاكتفاء فقط بتطبيق قانون الجرائم الإلكترونية، على من ينشرون أخبارا أو مواقف سياسية!theban100@gmail.com
الرأي