مدار الساعة -تزايدت المخاوف التي أثيرت في الأشهر الأخيرة حول عودة تضخم قاس يرفع الأسعار ويهدد استقرار النظام العالمي؛ فقد شهدت مؤشرات الأسعار زيادات تاريخية في عدة دول في ديسمبر (كانون الأول) 2021، بلغت 7% في أمريكا، و5% في منطقة اليورو، وهو أمر غير مسبوق منذ إنشاء «مكتب الإحصاء الأوروبي-Eurostat» عام 1997، لكن معدل التضخم في منطقة اليورو يخفي تفاوتات بين البلدان وطبقاتها، فآثار التضخم ليست موحدة – إلا عندما تخرج عن نطاق السيطرة- فيمكن للتضخم التخفيف من ديون المقترضين، لكنه أيضًا يولد حالة من عدم اليقين ويبطئ الاستثمارات، ومن ثم، تآكل القوة الشرائية للمستهلكين بشكل كبير.
لكن كيف يعيد الفرنسيون انتخاب من كان سببا لتردي الوضع المعيشي في فرنسا، المرشح لإعادة انتخابه، والذي يعد بحل تلك الأزمة إذا اختاره الفرنسيون ثانية، في انتخابات ستجرى على مرحلتين، في 10 و24 إبريل (نيسان) 2022؟
كما كانت نقاشات المرشحين الرئاسيين للانتخابات الفرنسية القادمة محبطة، تتعمد إثارة نزعة التفوق ومشاعر الرهبة بين الفرنسيين، بالحديث عن انعدام الأمن والهجرة والهويات والإسلام الراديكالي من جهة مرشحي اليمين المتطرف، مع تجاهل وسائل الإعلام لمقترحات جذرية يقدمها المرشحون اليساريون.التضخم يغيب عن الانتخابات الفرنسية
غابت كلمة «التضخم» في الخطاب العام ونسيها معظم الفرنسيين، وبدا شبحها وكأنه يخيف المواطنين وحدهم.
لكن نسيان التضخم لا يعني التخفيف من وطأته.. فقد تسارع التضخم بشكل حاد في شباط 2022، في فرنسا ليقف عند 3.6% على مدى عام واحد، وفقًا لتقدير أولي قدمه «المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية – INSEE»، قبل اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية بأيام. كانت النسبة أعلى مما كان متوقعًا بالإجماع قبل ذلك، فلم يصل تضخم الأسعار على مدى عام واحد إلى هذا الحجم منذ يوليو (تموز) 2008، لكن مر التقدير على أمل تحسن قريب.
وفيما عدا مقترحات الزيادات «غير الواقعية» في الرواتب، فإن التفكير في مخرج يكاد يكون غائبًا عن النقاش الانتخابي؛ وحذر تقرير بصحيفة «اللوموند» من خيبة أمل وشيكة وراء وعود المرشحين الرئاسيين بزيادة الرواتب؛ فمع أن الشركات الخاصة تسجل نموًّا وفقًا لبنك فرنسا رغم موجة «متحور أوميكرون»، ومع ارتفاع نسبة التضخم منذ الأشهر الأخيرة لعام 2021، تجمدت خطة الشركات لزيادة الرواتب، وظل التعويض المالي للجهود الإضافية المبذولة محدودًا للغاية.واتسمت نهاية عام 2021 وبداية عام 2022 بارتفاع حاد في التضخم وزيادة صعوبات التوظيف في عدة قطاعات، لتضاعف الأزمة، مع ذلك، وعدت فاليري بيكريس بزيادة صافي الرواتب بنسبة 10%، وخفض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 15%، واحتال إريك زمور على مبدأ رفع الأجور بالعودة إلى ما أسماه بـ«المبدأ الفاضل» المتمثل في «العمل أكثر لكسب المزيد»، وتسارع كل من فابيان روسيل واليساريان جان لوك ميلينشون ويانيك جادوت للوعد بتخفيض ضريبة الدخل، ووعدت ماريان لوبان بزيادة الأجور بنسبة 10% عن طريق إعفاء الشركات التي تحقق ذلك من الضرائب، وزيادة حصة الإسكان الاجتماعي، وعهد نيكولاس دوبونت-إيغنان وفاليري بيكريس وإريك زمور وماريان لوبان بإلغاء الضرائب واشتراكات الضمان الاجتماعي للشركات ورواد الأعمال لتجنب انتقالهم إلى الخارج.