اخبار الاردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات احزاب وظائف للاردنيين رياضة أسرار و مجالس مقالات مختارة مقالات تبليغات قضائية مناسبات جاهات واعراس مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة كاريكاتير رفوف المكتبات طقس اليوم

احترام الدور التشريعي للأعيان


أ. د. ليث كمال نصراوين
أستاذ القانون الدستوري – عميد كلية الحقوق في جامعة الزيتونة

احترام الدور التشريعي للأعيان

أ. د. ليث كمال نصراوين
أستاذ القانون الدستوري – عميد كلية الحقوق في جامعة الزيتونة
مدار الساعة ـ نشر في 2022/04/03 الساعة 21:56
وجّه رئيس مجلس الأعيان قبل أيام رسالة شديدة اللهجة لكل من يحاول الإساءة إلى الدور التشريعي للمجلس، مهددا بأنه سوف يتخذ كافة الإجراءات القانونية بحق كل من يسيء لمجلس الأعيان أو لأي عضو فيه، ومعتبرا أن الحصانة التي منحها المشرع الدستوري لعضو مجلسي الأعيان والنواب لا تعطيه الحق في الإساءة للهيئات والمؤسسات الوطنية.
وقد جاءت مداخلة الرئيس هذه ردا على ما أثير في جلسة مجلس النواب التي ناقش فيها مشروع قانون الأحزاب السياسية، والذي خالف فيه الأعيان المجلس المنتخب في حدود نسبة تمثيل المرأة والشباب في الأعضاء المؤسسين للحزب السياسي. ففي الوقت الذي أقر مجلس النواب هذه النسبة بأن تكون (10%) فقط من الأعضاء المؤسسين، رفض مجلس الأعيان هذا التعديل وأعاد مشروع القانون لحلته الأصلية، بحيث تكون النسبة (20%).
إن النظام النيابي الذي تبناه الدستور الأردني في مادته الأولى قائم على أساس ثنائية المجلسين في السلطة التشريعية؛ مجلس نواب منتخب من الشعب يمثل جيل الشباب ويسمى المجلس الأدنى، ومجلس أعيان معين من جلالة الملك من أعضاء ذوي الخبرة والمعرفة بالعمل العام والمشهود لهم بخدماتهم للوطن والأمة، ويسمى المجلس الأعلى. وتكمن فلسفة هذا التقسيم في توفير رقابة على القرارات التي يصدرها مجلس النواب الفتي من قبل الحكماء في مجلس الأعيان.
إن المشرع الدستوري قد أقام تفرقة مبررة بين مجلسي الأعيان والنواب على صعيد الرقابة السياسية، إذ خصّ المجلس المنتخب بصلاحيات رقابية أكبر من تلك الممنوحة للمجلس المعين، والتي تتمثل بطرح الثقة بالوزارة أو أي من الوزراء فيها، والتصويت على البيان الوزاري للحكومة الجديدة، وإحالة الوزراء إلى النيابة العامة لكي تتم محاكمتهم عن الجرائم المتعلقة بعملهم الوزاري.
أما على صعيد الوظيفة التشريعية، فقد ساوى المشرع الدستوري بين مجلسي الأعيان والنواب وقرر لكل منهما الصلاحيات الدستورية ذاتها على مشاريع القوانين التي تحال إليهما. فالمادة (93/1) من الدستور تنص على أن "كل مشروع قانون أقره مجلسا الأعيان والنواب يرفع إلى الملك للتصديق عليه"، كما تنص المادة (91) من الدستور بالقول "ﻻ يصدر قانون إلا إذا أقره المجلسان وصدق عليه الملك".
وعليه، فلا يقبل من أي من أعضاء مجلس النواب أن يعترض على ما يصدر عن مجلس الأعيان من قرارات، وإن خالفت ما توصل إليه المجلس المنتخب، وأن يطالب "بتعيين مجلس النواب بدلا من انتخابه كي لا يحدث خلافا بين الأعيان والنواب بشأن القوانين". فعلى مجلس النواب أن يحترم الدور التشريعي لمجلس الأعيان، وأن يمارس حقه الدستوري في أن يرفض مقترحات مجلس الأعيان، وأن يعيد مشروع القانون إليه مصرا على موقفه منه.
ومن جانب آخر، فإن الحصانة التي قررها المشرع الدستوري لعضو مجلس النواب فيما يخص حرية الرأي والتعبير، وبأنه لا يجوز مؤاخذة العضو عن أي تصويت أو رأي أو خطاب يلقيه أثناء جلسات المجلس، قد جرى تقييد ممارستها بأن تتم وفق أحكام النظام الداخلي لمجلس النواب، وذلك كما هو منصوص عليه في المادة (87) من الدستور.
وبالرجوع إلى النظام الداخلي لمجلس النواب، نجد بأنه يحظر في المادة (108) منه على أي نائب أن يستعمل ألفاظا أو عبارات غير لائقة فيها مساس بكرامة الأشخاص أو الهيئات. كما تعطي المادة (109) من النظام الحق لرئيس المجلس بأن يمنع المتكلم من متابعة كلامه دون قرار من المجلس، إذا تعرض بالتحقير لشخص أو هيئة، ما لم تكن أقواله مؤيدة بحكم قضائي قطعي.
إن مصطلح "الهيئة" لغايات الحصانة النيابية يجب أن يتم التوسع في تفسيره ليشمل ابتداء السلطات الدستورية قبل المؤسسات والدوائر الوطنية التابعة للسلطة التنفيذية. وعليه، يكون الهجوم الذي شنه رئيس مجلس الأعيان له ما يبرره ويتوافق مع أحكام الدستور والنظام الداخلي لمجلس النواب.
* أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية
laith@lawyer.com
مدار الساعة ـ نشر في 2022/04/03 الساعة 21:56