بمعزل عن مدى صحة رواية السيدة المستثمرة في حديقة القدس / الزرقاء عندما قرّرت اغلاق المكان بسبب الخاوات والزعران – حسب تعبيرها- ورفعت لافتة على مدخل الحديقة لمن يريد ان يهتم أو يسمع .. فإن نفي الخبر لا يعني بشكل أو بآخر نفي الظاهرة .. فالظاهرة موجودة مهما حاولنا اغماض العين عنها او تصغيرها..
للأمانة ، الخاوات صارت أكثر وضوحاً ووقاحة وبشاعة و كثير من التجار وأصحاب المقاهي والمطاعم صاروا يضطرون لدفع «رسوم البلطجة» بصمت وهم مغلوبون على أمرهم. من يمارس هذه «المهنة « لا يخشى القانون ويحفظ بنوده ويعرف كيف يحصل على أخف الأحكام وغالباً يحصل على عدم مسؤولية.. فهم يرسلون التهديدات المبطنة وينفّذون التهديد في غفلة وعتمة وتسجّل الحوادث ضد مجهول وكثير من جرائم السطو وحرق السيارات والمحال التجارية التي حدثت في السنوات الأخيرة ،نفّذت فقط لأن صاحب المصلحة رفض دفع الخاوة المقررة.
صديق لي مستثمر مهم في قطاع المقاهي والمطاعم السياحية افتتح قبل ثلاث سنوات مطعماً ومقهى في مادبا، بعد ان رمم بيتاً تراثياً قديماً ودفع عليه من الاثاث والديكورات والمعدات ما يزيد عن المئة وخمسين الف دينار .. لم يصمد المشروع أكثر من 6 أشهر هناك حيث أغلق المصلحة وخسر ما خسره لنفس الأسباب ، كانوا يأتون الى عمّاله ويطلبون الخاوة أو يكسرون الطاولات أمام الزبائن فآثر ان يغلق المنشأة السياحية ويعود الى مكانه، فهؤلاء لا سقف لمطالبهم ،ولا شيء يوقف تهديدهم ومعظمهم من أصحاب الأسبقيات الذين لا يعنيهم السجن كثيراً كعقوبة.
نحن على ثقة أن الأمن لن يتوانى في وضع حد لهذا التجاوز وهذا التحدي الصارخ للقانون، لكن أنا أرى ان مفهوم الخاوة أيضاَ بدأ يتضخم أكثر بكثير من مجرد طلب «5 دنانير» أو «10» ع الداير .. بعض الشركات الاستثمارية الأجنبية التي تحاول ان تستثمر بالمناطق النائية والمحافظات البعيدة تتعرض لنفس الخاوات «الثقيلة» تصل أحياناً الى التهديد بالسلاح اما «الدفع» و»توظيف» أبناء المنطقة واما عرقلة المشاريع .. وهذا ان صحّ وتفشّى مرعب وخطير بحيث لن يدع مستثمرا واحدا يمرّ في أرضنا حتى باعة «شعر البنات»
الرأي