مدار الساعة ـــ الحرب في أوكرانيا تفضح التمييز بين الضحايا الأوروبيين والجنسيات الأخرى "الملونة" حتى في جحيم الحرب والنزوح والموت.ويفسح المجال لأصوات عنصرية تتحدث عن معاناة شعب"أكثر مدنية وحضارة" من شعوب الشرق الأوسط.
كلنا متساوون، ولكن بعضنا "متساوون" أكثر من الآخرين.أعادت الحرب التي اندلعت على حدود الاتحاد الأوروبي الحياة للعبارة الساخرة للأديب جورج أورويل، مع متابعة المواقف الغربية من حرب أوكرانيا على الأرض، وسياسياً.. وإعلامياً.
منذ بدأ الغزو الروسي لأوكرانيا يتحدث الإعلام الغربي عن نازحين يحاولون الفرار بأرواحهم من الموت، لكنهم لا يشبهون النازحين العاديين.
إنهم أوروبيون.
يتحدث صحفيون وضيوف عن "صدمتهم" لرؤية ما اعتادوا حدوثه في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يحدث لأشخاص "يشبهونهم".
يقول المراسلون: نحن لا نتحدث هنا عن سوريين أو عراقيين أو غيرهم من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، نتحدث عن أوروبيين يشبهوننا.
ويتحدث عرب وهنود وأفارقة عن تعرضهم لممارسات عنصرية عند الحدود.
ويثير الأمر غضباً ليس بين العرب فقط، وإنما حول العالم.
أكثر من 12 ألف طالب أجنبي في رحلة هروبهم من أوكرانيا إلى البلدان الحدودية واجهوا سلوكاً غير متوقع من الأوروبيين، إزاء هاربين بأرواحهم من جحيم الحرب.على الأرض منحت أوروبا الأولوية لاستقبال الأوكرانيين.
أوروبا نفسها التي لم يرِقّ قلبها لاستقبال الفارّين من جحيم القصف الروسي في سوريا. أو من نار الحرب في ليبيا. أو حتى لاستقبال اللاجئين الأفارقة.
وفي الإعلام تابعنا تغطية صحفية معيبة وغير مهنية، تُميز بين ضحايا الحرب في أوكرانيا وضحاياها في مجاهل الصحاري، وغَيابات القرون الوسطى، هنا في العالم الموازي.انفعل المذيعون، واضطربت ملامح الضيوف تعاطفاً مع شعب "متحضر" يعاني ويلات الحرب والقصف، ويبحث عن ملاذ آمن في المنافي. لكن العالم لم يشاهد هذه "القيم الإنسانية والتعاطف" مع المشرّدين على الحدود اليونانية مع تركيا، وعلى الحدود مع بيلاروسيا أو في ضفة المتوسط الشمالية. هناك حيث فقد لاجئون من الشرق الأوسط وإفريقيا إنسانيتهم تحت لهيب الصيف أو ثلوج الشتاء.
لم يتعاطف إعلام الغرب بالدرجة نفسها مع أبناء سوريا واليمن والعراق في رحلة شتات بدأت قبل أكثر من 10 سنوات، ولا تريد أن تنتهي.
الإعلام الذي يشيد بالبطولة الخارقة لأبناء أوكرانيا وهم يتصدون للغزو الروسي هو الذي وصف مقاومة الاحتلال في فلسطين أو الغزو في العراق بأنه إرهاب متشدد.
هؤلاء هم. والكارثة اننا صدقناهم. مئة عام من الخداع.. صدقناهم حتى كدنا نفقد الـ (نحن) فينا.
عربي بوست بتصرف